حرق جثة الميت

أهلا وسهلاً بالأخت لينا القصـراني

دار نقاشٌ بين لينا ومجموعة أصدقاء، للتغَّلبِ على العُزلة، ومن ضمن المواضيع إِشْتَّدَ  النقاش حول ” حرق الجُثَّة بعدَ الموت”. وكما في كلِّ نقاش تعدَّدت الآراء وتعارضَتْ :     ” منها ما تُعارضُ هذا. ومنها ما تُؤَّيـدُه “. فسألت :

  • هل يجوزُ للمسيحي حرقُ الجُثَّـةِ إذا رغِبَ ؟
  • أمْ دينُـنا لا يسـمحْ بذلك ؟

الأِنسان روحٌ وجسد. الأنسان الأول دَنَّس الجسد بأستعمال شهوته وعصيان أمر الله من أجلها. فخسر الأنسان نعمة صداقةِ الله، لكنَّه بقي” نفسًا حَيَّة ” جسدانية. والمسيحُ الأنسان ، آدم الثاني، قدَّسَ الجسد بسماع كلام الله وكسر شهوة الجسد، فأحيا الجسد من جديد فكان ” روحًا مُحِّيـيًا “، وآستعاد بذلك التوازن القائم بين الروح والجسد والوحدة التي لا تُفصَم بينهما. وتقدَّس الأنسان كلُّه، روحًا وجسدًا، بواسطة الأسرار الألهية التي ننالها بالجسد لكنَّ مفعولها روحيٌّ (1كور15: 44-49).

عند الموت تنفصلُ الروح عن الجسد. الروح من نفس حياة الله الأبدية. فلن تزول. أمَّا الجسد، الذي ليس من جوهر الله بل من صُنعه، فيعود الى التراب وينتهي بطرق مختلفة : بالتفسُّخ ، بالحرق ، بأن تأكله الحيوانات أو الحيتان. قيمة الجسد أنه جزءٌ من الأنسان و شريك الروح. وعندما يفسخه الموت عن الروح لن تبقى له قيمة غير إيماننا بالقيامة العامة وكونه شارك مع النفس الحياةَ الألهية ، بيسوع المسيح ، من خلال قبوله الأسرار المُقَدَّسة والمُقَّدِسة له. ولهذا نُكَّرمُ أجسادَ الموتى بدفنة لائقة إيمانًا منّا بأنَّ الجسد سيُشاركُ الروح المجد والسعادة الأبديين. وعليه تقول الكنيسة ما يلي بخصوص حرق الجسد.

التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية :  

الرقم . 2300 :– يجبُ معاملةُ أجسادِ الموتى بآحترامٍ ومحَّبة، في الأيمان ورجاء القيامة. ودفنُ الموتى من أعمال الرحمة الجسدانية، لإكرامِ أولادِ الله، هياكلِ الروح القدس؛ الرقم . 2301 :– يُمكن أن يكون تشريحُ الجُثَثِ مقبولاً أخلاقيًا لمُقتضياتِ التحقيقِ الشرعي أوالبحث العلمي. وإعطاءُ الأعضاء بعدَ الموت أمرٌ شرعِيٌّ ويُمكنُ أن يكون جديرًا بالثواب.

تسمحُ الكنيسةُ بحرقِ الجُثَث إذا لم يكن في ذلك تعبيرٌ عن إنكارِ الأيمان بقيامةِ الأجساد { كتاب : الـ ت.م.ك.ك.، الفاتيكان، 1997م }

إذًا : حرقُ الأجساد يتوقفُ على إيمان الشخص. إذا طلب حرقَه لأنه لا يؤمن بالله وبالحياةِ الأبدية يتحَّمل وِزرَه. أما إذا طلب حرقه بسبب أوبئةٍ خبيثة مُعدية ، كما هي الحال في وباء كورونا، وبهدف عدم إنتشاره وبهدف إنقاذ الحياة بعدم الإصابة به، فهو مقبول وممدوح. و إذا كانت الدولة تفرُضُ الحرقَ لسبب إجتماعي إنساني، فالمحروقُ جسدُه غيرُ مسؤول عنه.