أهلا وسهلا بالأخ منار البنا.
قرأ الأخ منار في الصحف عن ذلك فكتب سائلاً :” هل الكنيسة تعمل صلاة الجناز على الحيوانات ؟. … في لندن قامت إحدى الكنائس بالصلاة على القط ” كارفرد”. وحسب تناقل الأخبار حضرَ صلاةَ الجناز عددٌ من الحيوانات. فهل هذا جائز؟ أم نحن نعيشُ في زمن الهرطقات ” ؟؟ .
الصحف !
أولا : هذا كلام “الصحافة”. هل هو صحيح؟ هل نشرت الصحيفة صورًا للمراسيم؟. لقد رفعوا عن الصحافة كلَّ قيد. حتى صارت تشجع الصراعات والحروب وتزرع الفوضى و الفتنة ولا من يحاسبُها. تعترضُ بعض الصحف على إهانة رموز الدين حتى تشعل نارالفتنة والتعَّصب و العنصرية ، ولم تُشَّجع يومًا، وقلَّما أخبرت عن، أحداث خيرية أو بنّاءة.
ثانيًا : تنشر الصحف الأحداث الحَّساسة لجلب الأنتباه اليها ولزيادة الزبائن لقراءتها وبالتالي رفع مكاسبها المادية. لا تهمها الحقيقة أو الباطل. يهُّمها سبق النشر للأخبارالمثيرة والمدهشة لدغدغة أحاسيس ورغبات بعض الفئات، أو لغايةٍ في نفسِها. فلهذا بات من الجهل و الغباء أحيانًا تصديقُ أقوال الصحف.
الحيوانات والصلاة !
الصلاة على المَّيِت تأتي من الأيمان بالحياة الأبدية. والحياة الأبدية هي العيش مع الله بشكل روحي خالد. لأنَّ الأنسان وحدَه خلقَه اللهُ على صورته ولنفسِه. أما الحيوانات البهيمة التي خلقت من أجل الأنسان فلا يحتاجها الله ولا الأنسان، ولا تُحاسَب على سلوكها لأنها تعيشُ غريزيًا لا حرية لها ولا إختيار، لا تخطأ ولا فضلَ لها، فلا تُكافأْ ولا تُعاقَب. وإذا ماتت تفنى و تزول. مصيرُها مصير الأشجار والنباتات والدبيبة التي لا تنتظرها لا سماء ولا جهنم. فلا معنى للصلاة من أجلها. بل يُعتَبَرُ جاهلاً وغبيًا من يفعلُ ذلك لأنّه يرفع الحيوان خلافًا لطبعِه الى مقام الأنسان فيساويه به. إنما هذا لا يمنع أن يَدفنَ أحدٌ كلبَه أو قطَّه بآحترام لآنه رافقه الحياة في البيت. فالأنسان يحترم خلائق الله ، لاسيما التي خدمته في حياته.
الكنيسة والحيوانات !
تحترمُ الكنيسة جميع خلائق الله وتشكرُه تعالى أنَّه خلقها لتُسَّهل حياة الأنسان. تُصَّلي من أجل أن الخلائق كلَّها تتعايش بسلام، وتُؤَّدي كلُّ خليقة دورها في إسعاد الأنسان. فللأنسان المؤمن دورٌ في القضاء على فعل الخطيئة ودورها في زرع الفوضى وحتى العداء بين الأنسان و بعض الكائنات الأخرى لتستعيد الخليقة تناغمها وسلامها كما كانت في الفردوس قبل خطيئةِ الأنسان. هذا ما يجري في حياة الزمن الأرضية. أما في نهاية العالم المادّي فلا يبدو وجود للحيوانات والطيور والدبيبة الزائلة. تحترم الكنيسة وجود الكائنات ولكن لا تُقَّدسها كالأنسان إِذ لا تشترك بقداسة الله. فلا تؤمن بأنها عاقلة وحرَّة تختار تصرُّها مثل الله. وبالتالي تنكرُ خلودَها وأيَّة محاسبة و مجازاة. فالكنيسة لا تُجَّنز الحيوانات ولا تصَّلي لأجلها بعد الموت. تصلي عليها وتباركُها في حياتها لتكون سبب خدمة الأنسان وسعادته. أما بعد الموت فلا تصَّلي لا عليها ولا من أجلها.
حَدَثُ الصحيفة !
أما ما قالته الصحيفة عن ” تجنيز” القط ، أو إنتقلت أخبارُ حضور الحيوانات مراسيم الدفن ، إلا إنها لم تشر الى من قام بالتجنيز؟ كاهن أية كنيسة في المدينة؟. كاهن من أية طائفة ؟. أعرف أن الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الرسولية عامَّة لا تقوم بكذا تصرف. أما الطوائف الأخرى فلا أدري ما هو موقفها ومبدأُها. ربما يكون الكاهن الذي قام بالفعل قام به بقناعته الشخصية وإيمانه الخاص. وربما ليس أصلا كاهنا بل تظاهر بذلك تمثيلا لغاية في نفسِه أو مدفوعًا من قبل غيره. واحد ملحد أو غريب يقوم بكذا أفعال أمَّا مردودها فعلى الكنيسة، و على المسيحية عامَّةً. فوجب التمييز ومعرفة من الذي قام أو يقوم بكذا أفعال. لا للتفرقة أو الإهانة بل لعدم إلصاق التهمة بالأبرياء. ولكي لا يُعَّممَ الخطأ وحتى البر على الجميع بل يخُّصُ فقط صاحبَه.
وما يُؤسَفُ عليه هو هذا التعميم، بقصدٍ أوعن جهل. هناك من لا يُمَّيز بين الغَّثِ والسمين. يوجد مؤمنون لا يعرفون أن يُفَّرقوا بين ما هو من المسيح وما يُنسبُ اليه مع أنَّ المسيح بريٌ منه. وكذلك لا يُمَّيز إختلاف التعليم بين الكنائس، وأنَّ على الفرد أن يكون حَذِرًا فلا يقع في شِرْكِ الخطأ بسبب الجهل فيضع الكل على نفس الخط. كثيرون يقولون :” كلنا مسيحييون”! وينسون أنَّ بين حنطة المسيحية نبت أيضًا زؤان !. ينسون أن بين إثني عشر رسولاً ظهرَ أيضًا واحد خائن !. التمييز لا يعني النبذ والعِداء. بل يعني المعرفة الضرورية لحماية النفس من الذئاب الخاطفة التي تكتسي جلد الحِملان!.
زمن الهرطقات !
أن يكون زماننا زمن الهرطقات فليس لا بعيدًا ولا غريبًا. لأنَّ جماعات ملحدة كثيرة تطَوَّعت لخدمة الشر ومحاربة الحق وتحوير التعاليم البنّاءَة، للقضاءِ على الأيمان بالله. وقد تكالبت في الفترة الأخيرة بشَّن حملاتٍ شرسة على القيم المسيحية مُستغِلَّةً سوء تصَّرفات بعض أعضاء الكنيسة، تغطية لتشويه صورة الكنيسة والمسيحية. لكنَّ الأمر إعتياديٌ بالنسبة الى الكنيسة ولا يُخيفُها. إنَّها واثقة من إيمانها ومن أمانة أبنائها دون أن تنسى أن المسيحيين يبقون بشرًا ضعفاءَ خاضعين للتجربة ومُعَّرَضين لسقوط بعضٍ منهم. وهذه حياةُ المسيحيين عاشوها من أيام يسوع والى اليوم. بحيث لم يمُّرَ قرنٌ دون أن تظهر هرطقةٌ ما هنا أو هناك يبُثُّها ابليس في عقول بعض الضعفاء ويثيرهم ضدَّ التعليم المستقيم.