قبل بدء الصوم الكبير مُباشرةً
تتلى علينا القراءات : حز37: 1-14؛ سي44: 1-45: 6 1كور15: 34-57 ؛ متى 25: 31-46
القـراءة : حزقيال 37 : 1 – 14 :– يرى النبيُّ رؤيا عظامًا يابسة للموتى، يدعو عليها بأمر الله وبآسمِه فتعودُ اليها الحياة. هذا رمز عودة الشعب من السبي. والسبيُ نفسُه إعتبره الشعب موتًا فيئسَ في العودة الى حياة الوطن.
القـراءة البديلة : سيراخ 44 : 1 – 45 : 6 :– يمدحُ الوحيُ الآباءَ العُظماءَ بين الموتى وكأنَّهم أحياءُ، ويُثني على رِفعَتِهم عند الله ومجدِهم.
الرسالة : 1 كورنثية 15 : 34 – 57 :– يُؤَّكدُ الرسول على قيامةِ الأموات في أجسامٍ روحانية مُمَجَّدَة على صورة المسيح السماوية.
الأنجـيل : متى 25 : 31 – 46 :– يتحَدَّثُ عن الدينونةِ التي يخضَعُ لها كلُّ البشر و التي تُحاسِبُهم على اعمال الأيمان لا على مظاهِرِه.
لِنَقْرَأْ كلامَ الله بشوقٍ وآعتناء
الصـلاة الطقسية
وصفت الصلاةُ بـ” المائتةِ” طبيعةَ الأنسان الجريحةَ بالخطيئة لأنها تنتهي بموت الجسد وفنائه. فالموتُ الجسدي خاتمة حتمية ولن يرث الجسد حياة الأبد (1كور15: 50)، بينما تخلدُ الحياةُ وتستمر. وما يبقى من الجسد هو آثار الخطيئة التي تكون قد ” دَنَّست ثوبَ سيرتنا “. ويُؤَّثرُ ذلك على المصير النهائي الأبدي. ويتمَّني الأنسان حياةً أسعدَ بعد فناء الجسد، فيسألُ الله أن يرحمَه ويُطَّهرَه من تلك الآثار. أعطى اللهُ لصورته الأنسان جسدًا ليحيا في الكون ويُكَّمل عمل الله الخلاّق بتجميل الكون والتنسيق بين كائناته لتكون الحياةُ أهنأَ ما يكون بحضرتِه تعالى. لكن الخطيئة قطعت دابر هذه الخُطة لمَّا أوقعت الأنسان في خطر خسران الله أبديًا. لأنَّ الله يُحاسبُ الأنسان على نعمتِه له وأمانته عنده، ويدينُ إساءَتَه إستعمالَ موهبته. يسعى الأنسان قبلَ موتِه، ويُسعى له بعدَه، في تخفيف حُكمِه بل للتخَّلُصَ منه كليا إن أمكن بتوبته وباللجوءِ الى رحمة الله.
الترانيم
1+ ترنيمة المزمور السابق : ” يا رب! ألبَسْتَنا طبيعةً مائتة تضايقُها على الدوام ذنوبٌ
و أوجاع. وعندما ننزع عنا مسكن الضيقات بالموت المُحزن يُدَّنسُنا ثوب سيرتنا.
فآرحمنا “*.
ܫܲܒܲܚ. ” مجيئُك يا رب عندَ جنسِنا لتُعيدَ الخطأةَ إلى طريقِ التوبة. وأنا الذي أوَّلُ كُلَّهم
لتُطَّهرْني نعمتُك. وهي تقوم في وجهِ ذنبي في المحكمة “*.
2+ ترنيمة المزمور اللاحق : “أيُّها المسيح حسبتُ في فكري يوم مجيئِك وخِفتُ برعبٍ
لأنَّك أنتَ مزمعٌ أن تأتيَ بقُدرةٍ ومجدِ ملائكتك. يا مُشتهى القدّيسين. يا دَيَّانًا عادلاً
لجميع الخطأَة، الذين أنا منهم. لكني أطلبُ منك أن أنالَ هُناغفران الذنوب والخطايا،
وهناكَ رحمةً ورأفة “*.
ܫܲܒܲܚ. ” يا مُخَّلِصَنا، في مجيئك عندما يَحْتفي بك الروحانيون وتأمُرُ إشارتُك فيهتفُ
البوقُ والصور، ويقوم الأموات من القبور، ويجتمعُ أمام عرشِ ربوبيتِك الأبرارُ و
الأشرار. يرتفعُ الأبرارُ الى العلى ويمكثُ الأشرارُ على الأرض. حُنْ يا رب بمراحم
نعمتك على الذين إعترفوا بصليبِك. وأهِّلْهم الى خدر النور فيتنعموا مع قدّيسيك “*.
3+ ترنيمة الرمش : ” يا رب، كلُّ الأجيال تعبرُ وتزول. القدرةُ تقُّلُ والثروةُ تفتقرُ. وحتى
العلمُ يفنى. أمَّا ما يبقى فقط فهو الحَّقُ والبر. يا ربَّنا عَلِّمنا أن نفعل هذه، وترَّحم علينا”.
ܫܲܒܲܚ. ” يا رب، تقومُ برهبة أمامك في محكمة عدلكَ المُخيفة جميعُ الملائكة ويُقَرِّبون
الناس لمحكمتك. تُفتَحُ الكتبُ أيضًا أمامك. والأعمالُ أيضًا تُكشَفُ هناك. حتى الأفكارُ
أيضًا تُفحصُ وتُفضحُ. وبأيِّ رجفةٍ أقفُ أنا الذي حُبِلَ بي بالأثم، وبالخطايا وُلِدْتُ. فمن
يُنيرُ لي في الظلمة، ومن يُطفيءُ عني اللهيب إِلّا إذا أنت يا رب الكل. أمَّا الآن فآلتفِتْ
إلَّيَ وآرحمني أنتَ يا مُحِّبَّ الناس “*.
ܥܵܠܲܡ. ” يا رب لا تُقِم الخاطيءَ في محكمتك العادلة إِذ لا جوابَ له يُقَّدمه أمام
كُرسيِّك. بل حُن بكثرة رأفتكَ وآرحمهُ “*.
4+ ترنيمة السهرة : ” أُعِّدَ للذين تزَّينوا بأعمالٍ روحية خِدرٌ لم تصنعْه الأيدي. ذاك الذي
أُعِّدَ منذ البدء ولا يُحَّلُ للأبد. يتَّشحون البهاءَ والمجدَ والجمال. يتحَرَّرون من الفساد.
يرثون مع جموع العُلى الغبطةَ التي لم تخطرْ على بال الأنسان. وأَهِّلْ إخوتنا للأكاليل
التي يضفرُها الروح القدس ويضعُها على رؤوسِهم حتى يتـنعَّموا معهم “*.
5+ ترنيمة الفجـر : ” في الفجر عندما يُعَّدُ كُرسيُّ المَلك وتنكشفُ أمامك أعمالُ كلِّ واحد
لا تدِنْ يا رب عبيدَك، بل حُن علينا وآرحمنا “*.
6+ ترنيمة القداس : ” أمام عرشِكَ المخيف حيثُ كلُّنا مزمعون أن نقف ليُجازى هناكَ كلُّ
واحد منا بجسدِ أُقنومِه في ذلك إمتحان عدلك المخيف، حسبما فعله خيرًا كان أم شَرًّا،
إِرْأَفْ يا رب بالذين يتناولون جسدَك ودمك “*.
التعليم
تصفُ الصلاةُ رهبةَ الموت وقلقَ الأنسان، لاسيما الخاطيء، إزاءَه إذ تُرعِبُه خطاياه وقد لا يضمن مصيرًا سعيدًا بل يُحرَم مشاركة حياة الله في مجدِه وراحتِه. لاسيما ولا مَفَّرَ من مواجهة عدالةِ الله :” أين أهرب منك .. في أي بلد أختفي..”؟ قالت إحدى ترانيم المجلس. تصفُ حالة السعادة والشقاء. قد ييأسُ الخاطيء لكن الكنيسة تُشَّجعُه على الثبات في الرجاء واللجوء الى التوبةِ والثقةِ بالله. وتصَّلي من أجل من تابَ ولم يلحَق أن يُكَّفرَ عن خطاياه ولم يستعيد محَّبته الكاملة لله حتى تشمله رحمة الله ولا يهلك للأبد. تصلي من أجل جميع الموتى ليرقدوا ” مع كلِّ القديسين بسلام. حيثُ لا يوجدُ ألمٌ ولا حُزنٌ ولا ضيق”. و في ترنيمة ” التسبحة ” رفعت صلاتها :” في أورشليم العُليا مع جميع المختارين فَرِّحْ يا رب أمواتنا
برحمتكَ. بصلاة أُمِّك وجميع قِدّيسيك، أَرِحْ يا رب أرواح عبيدك”. ثقةُ الكنيسة برحمة الله
واسعة جدًّا حتى غرَّدت ترنيمة :” تعرفُ يا رب أنَّ إثمنا كبير. ونعرفُ يا رب أنَّ حنانكَ غزير. إن لم تُسعِفنا رحمتُك أحرقتنا شرورُنا. لا يارب ..لا تتخَّلَ عَنّا فقد أطعمْتَنا جسدَكَ ودمَك”. وإيمانُها بأنَّ صلاتها تنفعُ الموتى، غيرالهالكين، هو المسيح الذي يجمع بين أبناء رعِيَّتِه، إخوتِه على الأرض وفي السماء. وبما أنَّ صلاة إخوته في السماء مقبولةٌ أمام الله لأجل غيرهم (رؤ8: 4)، هكذا مقبولة صلاة إخوته على الأرض، بواسطة المسيح، من أجل من يتألمون فترةً ليتطَّهروا من كلِّ لَكَّةٍ تُؤَّخِرُ مشاركتَهم اللهَ مجدَ نعيم السماء.
تُصَّورُ الصلاة محكمة الله ” حيثُ يضطربُ الفكرُ ويطيرُ العِلمُ. يبكمُ الفمُ واللسان. يُمحَصُ الأثمُ ويُكشَفُ الزور. تنجلي كلُّ الخفايا، وكلُّ رذائل الأثمة. ويقفُ الحَّقُ ميزانًا..”. و تبدو المحاكمة جماعية وفي نهاية العالم عند مجيء المسيح الثاني. إنما تكون قد سبقتها المحكمة الفردية الخاصة بكل واحد. إذ يقوم الموتى وقد تمَّ الفصلُ بين الأبرار منهم والأشرار (أنظر ترنيمة المزمور اللاحق/2). يُؤَّكدُ بولسُ هذا التعليم حيث يقول” يقومُ الأمواتُ لابسين الخلود (هم المُخَّلصون، سبقوا ولبسوا جسدًا روحانيا على صورة المسيح) ونحن نتغَيَّر(1كور15: 49- 52؛ 1تس4: 16-17). تبدو هذه المحاكمة إظهار النتيجة العاّمة للبشرية. إنها يوم الحصاد حيث يتمَيَّز، على عين الجميع، الفرق بين الحنطة التي تتمتع بكرامة بيت السّيِّد ومجدِه ، و الزؤان الذي يُحرقُ في نيران نُمُّوِه (متى13: 30).
تحدَّثت ترنيمة السهرة عن” البهاء والمجد والجمال والغبطة ” التي يتمتعُ بها من تزَّين بالأعمال الروحية التي طلبها الرب، ” أُكنزوا لكم كنوزًا في السماء ..لا تبلى ولا تفسد” (متى 6: 20)، الذين أشَّعوا بحياتهم نورالحَّق والقداسة في المسيح، وأذاقوا بسلوكهم طعم ملح المحَّبة والبر، وجعلوا من أنفسهم خميرة ليُطَّعموا الناس بنشاط الإخاءِ واللطف والعدل والمسامحة. قال إبراهيم للغني عديم المحبة والرحمة :” أنت تمتعت بالخيرات في حياتك و نال لعازر نصيبَه من البلايا. ها هو الآن يتعَّزى هنا وأنت تتعَّذبُ هناك “(لو16: 25). لا يفوتُ شيءٌ عدالة الله ولا تقُّلُ رحمتُه تجاه أحد. أمَّا الذين :” رفضوا محَّبة الحَّق” فأُولئك يدينُهم الله ” لأنهم رفضوا ان يؤمنوا بالحَّق ورغبوا في الباطل” (2تس2: 10-12).
الصــلاة
لِنُصَّلِ مع الكنيسة :” إِجعَلْ يا رَبَّنا وإِلَهَنا ذكرًا صالحًا وراحةً كاملة لأخوتنا وأَخواتِنا الذين خرجوا من هذا العالم وقد آمنوا بك وعملوا بوصاياك. أَّهِلْهم يا رب لملكوتِك البهي، مع جميع الذين أرضوكَ. أيُّها الآب والأبن والروح القدس. الى الأبد “.