أهلا وسهلاً بالأخوة جوليت وتوما السناطي.
كتبت الأخت جوليت أنَّ ” البعضَ غيرُ مُقتنع {عن التناول باليد} ويقول: القُربان هو تابوت العهد الجديد، كيفَ يُلْمَس؟. ماذا نجاوبُ هؤلاء؟. وأحيانًا يقعُ من أيديهم محَّملاً الناس أكبر مسؤولية ” ؟.
تابوت العهد !
ذكر الكتاب المُقَّدَس أنَّ موسى صنعَ تابوتًا طلاه بالذهب من الداخل والخارج (خر25: 10-19؛ 37: 1-6). لكن التابوت لم يُصنع لذاته، إذ لا معنًى له، بل صُنِعَ لما سيحتويه ولأجل ذلك أُلبِسَ ذهبًا من الداخل خاصَّةً والخارج تكريمًا وتبجيلاً لِما يحتفظُ به في داخلِه ويحميه. و سيضَعُ فيه ” لَوحَي الشهادة أو الوصايا (خر25: 21) التي تضمن ” العهدَ ” بين الله وشعبهِ. فهذا العهدُ كانَّ مُقَدَّسًا، وكان يُمَّثلُ حضور الله بين شعبِه، وليس التابوت بذاتِه. ومع الوصايا وضع موسى في التابوت كمِيَّةً من ” المَّن” الذي أعطاهُ الله للشعبَ غذاءًا إقتات به أربعين سنةً. لكنَّ ذلك التابوت تلفَ والمَّنُ آختفى مع لوحي الوصايا ، عند تدمير الهيكل بإحراقه من قِبَل جيش نبوخذنَصَّر سنة 587 ق.م (2مل25: 9). أمَّا اللهُ وعهدُه فلم يزولا، بل ما يزالان حاضرين مع شعبِ الله.
بيتُ القربان !
ولمَّا قامت الكنائس في العهد الجديد وأقاموا فيها القداديس لم يصنعوا فيها ” بيتَ القربان” إذ لم يشعروا بحاجةٍ الى وجودِ شيءٍ يُذَكِرُّهم بحضور الله. فاللهُ كانَ ولا يزالُ حاضِرًا في قلبِ كلِّ مؤمن. لكنَّهم عندما شعروا بحاجة إلى حفظ القربان، من أحدٍ لآخر، إِذ ما كانوا يُقيمون القداس يوميًا، وذلك لأجل توفير” الزُوّادة الأخيرة ” لمن يموتون خلال الأُسبوع، عندئِذٍ إحتاجوا إلى إقامةِ موضعٍ لحفظ القربان فيه. وآستلهموا فكرةَ التابوت فصنعوا” بيتَ القربان” ( The Tabernacle)، وطلوه أيضًا بالذهب، أقَّله من الداخل، تكريما للذي يُحفَظُ فيه ، أي للقربان. فليس القربانُ شبيهًا بـ” تابوت العهد”، بل هو الله في شكل الخبز المُكَّرَس، أي جسد المسيح. نقدر أن نُشَّبه التابوتَ ببيتِ القربان لا بالقربانِ نفسِه.
كيفَ يُلْمَس … أو يقع !
أمَّا كيفَ يُلمس؟ أما لمس موسى ما وضعه في التابوت؟. أما يُوزّعُ الكهنةُ، ومن يُخَّوَلون مثله، القربانَ باليد؟. تُرى أيُّهما أنظف : اليد أم الفم؟. اليد تعمل والعمل لا يُنَّجِسُها. ولا أحد يمُّدُ للتناول يدًا وسخة. أمَّا الفمُ فمنه تخرج الشتائم واللعناتُ والتهديدات وكلُّ كلام قذر، سَيِّيْ أو خطير!. ولو غسله المرء ونظَّفَ أسنانه عشرات المرّات يوميًا إلاّ إنَّه لا يقدر أن يزيلَ فسادَ اللسان، إن كان فذرًا. واللسان إن لم يلفظ أُسبوعيًا شتيمةً فهو يقذفُ يوميًا نميمة.
وعن سقوط القربان من اليد، هل يضمنُ أحدٌ ألا يسقط بين يد المُناول وفم المتناول؟. لقد حدث ذلك مئات المرات قبل أن يُشَّجعَ على التناول باليد. من يُدَّور حُجَّة يلقى ألفًا منها ليُفسدَ إيمان المؤمنين. أمَّا المؤمن الحقيقي الواثق من تعليم الكنيسة وإرشاداتها فلن تُزَعْزِعَهُ جبالُ إِدّعاءاتٍ فارغة لمن يبغون الصيد في الماءِ العكر. أمَّا ضعيفي الأيمان فسواءٌ عندهم هذه الطريقة أو تلكَ لأنهم يطيرون، بسبب سطحية جذرهم (متى13: 5-6)، مع هبوب كلِّ ريح شرقيةً كانت أم غربية.
خذوا كُلُوا !
قالت السائلة الكريمة: ” بعضٌ غير مقتنع” بالتناول باليد. ومنذ متى نبني إيماننا على أقاويل الناس؟. ولماذا لا نعرفُ كيفَ نجيبُ لمن يُشَّككوننا في إيماننا؟ هل نزلَ على أولئك وحيٌ من السماء؟. أم لا نقدر نحن أن نقرأ الأنجيل مثلهم؟. أو تيَّتمنا من الكنيسة حتى نتيه بين إرشادِ مَن هبَّ ودَّب مِن الناس؟. أ ليسَ إيمانُنا مبنيًا على الكتاب المقدس؟. أ ليس يسوعُ المسيح مَن أسسَّ سرَّ القربان المقدس؟. لنَعُدُ إليه. لنفتحْ متى 26: 26- 28 ونرَ ماذا فعلَ الرب. هل ناولهم بالفم كما تُطَّعمُ الأمُ طِفلا، أم قدَّم لهم القربان كما يقدم الطعامُ ويأكلُ البالغون كلُّ بيده؟. لنقرأْ معًا : “وناولَ تلاميذَه وقال: خُذوا كُلوا..”. أي مَدَّ إليهم جسدَه، الخبز الذي كَرَّسَه، و سألَ أن يأخذ كلُّ واحد بيده ثم يأكله؟. هذا لا يعني أنَّه لا يجوز التناول بشكل آخر. هنا تتدَّخلُ الكنيسة وتنَّظم الأمر حسب الظروف الخاصَّة بالزمن أو بالمؤمنين. لقد خوَّل المسيح كنيسته سُلطان الحّل والربط (متى16: 19) في التلمذةِ والتعميد والتعليم (متى28: 19)، مُؤَّكِدًا أنَّه يرفُضُ من يُصغي الى الشارع لا الى الكنيسة.