أهلا وسهلا بالأخ أيـاد عـامر.
سأل الأخ أياد عن : 1- هل الصلوات والقداديس على روح المَّيت تفيده أو لا ؟ لماذا ؟
وأضافَ : 2- أتمنى أن يكون هناكَ دليلٌ من الأنجيل !
نموذجُنا في الصـلاة !
صَّلى يسوع كثيرا. لكنه لم يُصَّلِ من أجل نفسِه غيرَ مرَّةٍ واحدة ، عندما طلب ، وهو يتألم في بستان الزيتون ، إن تعبرَ عنه كأسُ الصليب ، لكنه إستدرَكَ وقال :” إنما لا تكن مشيئتي بل مشيئتُك “!. يطلبُ كإنسان أن يعفيَه الله عن فداء الآخرين ، وهو بريء وكثيرون لا يعترفون بهذا الجميل، لكنه لا يريدُ مع ذلك أن يرفُضَ المشيئة الإلهية. صلواتُها كلُها كانت مُوَّجَهة من أجل غيره ، من أجل البشر المحتاجين. وصلاتُه العظيمة ، وقمَّة كلِ صلاة ، كانت ذبيحته على الصليب من أجل البشرية الخاطئة برُّمتِها ، الأحياء والأموات. وإذا كان لصُّ اليمين أول الأحياء الذين إستفادوا منه بعدَ موتِه ، كذلك إستفادَ منها الموتى الأبرار الذين قضوا ألافَ السنين في القبر ينتظرون ” صلاة ذبيحتِه “!. ونحن على مثال يسوع نصَّلي للأحياءِ والأموات. وهكذا فعلت الكنيسة منذ أيامها الأولى ، ولم يرفضِ المسيح صلاتها. أما أقامَ بطرُس (أع9: 40) وبولس (أع20: 10) موتى ؟. هل بسحر أم بصلاة ؟.
هل نفعت صلاتهما أم ألا ؟. وهل للـهِ أن يعتذرَ من الأخوة الأنجيليين أو شهود يهوه لأنه إستجابَ صلاتهما ، والكتابُ لم يذكر ذلك ؟.
حــرفٌ من الكتـاب !
رفضَ مار توما الأيمان بقيامة يسوع قبل أن يراه بأم عينيه ويلمسه بيديه. وكان جوابُ يسوع له، بعد أسبوع، تقريعًا مُرًّا: ” أنظر يدَّي.. هاتِ إصبعكَ… لا تكن منكِرًا بل مؤمنًا ” (يو20: 27). إنه دوشُ مياهٍ جامدة في شتاءٍ قارص!. نسيَ توما سريعًا أنَّ يسوع قد عَّلمَهم ألا يطلبوا الحرفَ بل الروح، أن يؤمنوا بالشهود. ونحن إيماننا مبنيٌ على شهادةِ الرسل. و حتى الأنجيل نفسُه ليس سوى شهادةِ الرسل. لأنَّ يسوع لم يكتُبْ شيئا. وشهادة الرسل لم تكن مكتوبة فقط. بل قسم كبيرٌمنها لم يُكتب (يو20: 30؛ 21: 25) بل أُعلنَ شفهيا (2تس2: 15)، وظلَّ كذلك ، نقلته الأجيالُ التالية.
وحتى ذكرَ مار بولس حرفيا عبارة ليسوع لم يذكرها الكتاب :”.. ذاكرين كلام الرب يسوع إذ قال : السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ “(أع20: 35).
وإذا كان إيماننا يستندُ على حرفٍ مكتوب ونفينا دور الروح فنحن أجحد الناس. ولماذا قالَ يسوع ” الروحُ القدس يُرشدكم الى الحَّق كلهِ “؟(يو16: 13) ، إذا كان كلُ شيءٍ مكتوبًا في الكتاب؟. وإذا كان كلُّ شيءٍ واضحا في الكتاب ومفهومًا لماذا أوصى يسوع تلاميذه أن : ” تلمذوا كلَّ الأمم .. عمدوا .. وعلموا “. كان يوصيهم ، بل كان يأمرهم وهو بعدُ حي، أنْ يكتبوا كلَّ كلمةٍ قالها ، وكلَّ قانون سَّنه ، ويسجّلوا كل حدثٍ وقعَ له ، ثم يكتفوا بأن يُكثروا نسخَ ذلك الكتاب ويوزعوه على الناس ، كما طالبَ لوثر ويفعلُ أتباعُه، ويقرأ كلُ واحد الكتابَ ويفعل ما يشاء. لأم يقل لهم :” أُكتبوا ” بل “بَّشروا “. والبشارةٌ كلامٌ حي لا حرفٌ مَّيت. وكلامُ المسيح ” روحٌ وحياة ” (يو6: 63)!.
تلمذوا كلَّ الأمم .. عمدوا .. وعلموا “. كان يوصيهم ، بل كان يأمرهم وهو بعدُ حي، أنْ يكتبوا كلَّ كلمةٍ قالها ، وكلَّ قانون سَّنه ، ويسجّلوا كل حدثٍ وقعَ له ، ثم يكتفوا بأن يُكثروا نسخَ ذلك الكتاب ويوزعوه على الناس ، كما طالبَ لوثر ويفعلُ أتباعُه، ويقرأ كلُ واحد الكتابَ ويفعل ما يشاء. لأم يقل لهم :” أُكتبوا ” بل “بَّشروا “. والبشارةٌ كلامٌ حي لا حرفٌ مَّيت. وكلامُ المسيح ” روحٌ وحياة ” (يو6: 63)!.
دلـيلٌ من الكتاب !
وإذْ عرفَ الله ” غلاظة رقبة الأنسان في الأيمان وقساوة قلبِه في سماع كلامِه تعالى” ، رحمَ الأنسان ، كما فعل مع توما فأعطاه الدليل الحّسي للقيامة ، فأوحى في كتابِه ما يدُّلُ على إستقامةِ الصلاة من أجل الموتى. وليتَ القُّراء الكرام يقرأون الكتاب كله وبه يفقأون عين كل مرتابٍ أو جاحدٍ ينصبُ الفخاخ للمؤمنين البسطاء.
في العهد القديم : جاءَ في سفر المكابيين الثاني أنَّ يهوذا المكابي خسر جنودا كثيرين في معركة مع الأعداء ، فجَّمعَ مالاً من بقية رفاقِهم الأحياء وأرسله الى أورشليم ” ليُقدَّمَ بها ذبيحة عن الخطيئة. وكان ذلك خير عمل ٍ وأتقاهُ لأيمانِه بقيامةِ الموتى. فلولا رجاؤُه بقيامةِ الذين قُتلوا لكانت صلاتُه من أجلهم باطلة ” (2مكا 12: 43-44).
في العهد الجديد : نعرفُ أن يسوع ماتَ ، كما نوهنا أعلاه، من أجل خلاص البشرية جمعاء من آدم والى آخر حي يولد على الأرض ، الأموات والأحياء. وقد قبلَ الله صلاةَ ذبيحته و شـملَ أبرار العهد القديم الموتى ، وحال موت يسوع. يشهدُ متى أن بعضَ أولئك الأبرار إنفتحت قبورُهم وقاموا أحياء (متى 27: 51-52). ويُؤَّيدُ الحقيقة مار بطرس فيقول :” أميتَ يسوع موت الجسد ولكنه أُحيي حياةَ الروح. وآنطلقَ بهذا الروح يُبَّشرُ الأرواحَ التي في السجن ، وكانت قد عصت فيما مضى “(1بط3 18-19). وما القداديس سوى ذبيحة موت وقيامة يسوع نمَّددُها عبرَ الأجيال إستجابة ً لأمر يسوع وبقُّـوتِه.
وهذا مار بولس يكتبُ لأهلِ كورنثية وحتى يُبرهن على حقيقة القيامة يستندُ الى صلاة المؤمنين من أجل الموتى. فذكرَ أن بعضَ المؤمنين إعتمدوا ، في كورنثية ، مرَّة ً ثانية عوضًا عن أقرباء أو أصدقاءَ لهم لم يُحالفهم الحظُ فماتوا قبل أن يعتمدوا. وهذا بإيمان أنَّ الرَّبَ يحسُبُ مفعولَها وأجرَها للمَّيت وليس للحي الذي لا يحتاجُها ، لأنه سبقَ فآعتمد (1 كور15: 29).
الطبيبة التي إحتيَت !
لقد دَّوى في العالم نـداءُ طبيبةٍ من أمريكا اللاتينية ، وصعقت شهادُتها المشاهدين ، عندما أخبرت العالم قصتها كيفَ أذاعَ التلفاز خبر حادث خطير وقع لها هي وزوجها وأنَّ حالتها خطيرة جدًا. فقامت قيامة الشعبِ حزنا عليها وصلاةً من أجلها حتى لا تموت. كانت طبية ناجحة ومحبوبة. وبعد وقتٍ قصير أعلنت الأخبار أنها توُّفيت. فآشتدَّت صلاةُ شخصٍ من أجل أن يعيدَها الرَّبُ الى الحياة. وهنا أورِدُ كلامَ الطبيبة نفسها أعلنته قبل أشهر من على شاشة نورسات وهي في جولةٍ لها في العالم تروي قصَّتها كيف ولماذا أعادَها الله الى الحياة ، قالت : ” بعد الحادث رأيتُ نفسي في مدخل بنايةٍ إستقبلني فيها بالضحك والأستهزاءٍ مجموعة من الشياطين ، منظرُهم البشعُ والمخيفُ وحدَه قطعَ أنفاسي. أحسستُ وكأن برقًا صعقني ومَّزقَ أوصالي. تعالي. أهلا وسهلا. أنتِ حصَّتُـنا.. وتعالت ضحكاتهم المزرية. وبدأوا يجروني وراءَهم. مُّتُ رعبا. أ هذا يكون مصيري؟..لقد قتلتِ طفلكِ وأجهضتِ. تعالي، أنتِ حصَّتنا. صرختُ يا رب أنقذني.. فجاءَني ملاك وقال: لا. هذه حصَّتي. وبدأ يجُّرني.. لكنه لم يقـوَ عليهم. كانوا أقوى منه ، وصرخوا في وجهه : أنظر كيفَ يصرخُ إبنها من الألم. لقد قتلته. هذه مجرمة. .. ورأيتُ طفلي الذي كنتُ في شبابي ، وقبل زواجي ، قد أسقطتُه يصرخُ و يولولُ من شدة الألم. وأنا أطعنه بسكاكين.. أرعبني المشهد وكِـدتُ أن أذوبَ من خوفي و ألمي … فصرختُ يا رب إرحمني .. سامحني كنتُ جاهلة.. وتعرف أني تبتُ وكفَّرتُ عن ذنبي .. وظهر الملاك من جديد وصرخَ في وجه الشياطين : هذه حصَّتي. العالم كلها يصلي من أجلها. وهناك واحدٌ مهمٌ جدًا يصلي من أجلها بحرارة شديدة. لقد عايَنَتْ وحشية جريمةِ الأجهاض. يجبَ أن تعودَ وتشهدَ للعالم… وما أن قالَ هذا حتى سحبني بقوة فائقة حَّررني بها من الشياطين ، وقادني الى مكانٍ آخر.. ثم .. فتحتُ عيني وإذا أنا ممدودة في صندوق الجنانيز والممرضات حولي يبدأن تكفيني وتهيئتي لوضعي في المجَّمدة قبل الدفنة ، فشهقتُ وأجهشتُ في البكاء. فآنهزمَت الممرضاتُ بعيدا. ولمَّا هدأَ روعُهم أخرجوني وأخذوا لي أشّعة وعرفوا ما فيَّ من كسور وعالجوني منها مدة أشهر”. لقد أعادها الله الى الحياة ، نعم لتشهد على بشاعة خطيئة الأجهاض، ولكن إستجابة ً لصلاةِ واحد رفيع المقام صلى من أجلها بحرارة ودموع.
لمـــاذا !
تساءَلَ الأخ أياد لماذا تفيدُ الصلاةُ الميّتَ؟. تفيدُهُ لأنها وبقدرما تتَّحِدُ بصلاةِ المسيح. أ لم يقل يسوع ” كلَّ ما سألتم بآسمي تنالون “؟. أ لم يقُل أيضا ” حيثُ إجتمعَ إثنان أو ثلاثة للصلاة بآسمي أكون أنا معهم”، فكيفَ إذا آجتمعَ عشراتٌ أو مئات أو ألوف؟. لأنَّ الصلاة تلَّين قلبَ الله ، تنالُ رضاهُ ، وتكسبُ عطفَه. إنَّ صلاة ايليا أوقفت هطول المطر ثلاثة سنين ونصف ، ثم صَّلى وأمطرت السماء (يع 5: 17-18). لذا طلب يسوع من تلاميذه أن يُصَّلوا في كل حين دون شَّكٍ أو ضجر(لو18: 1). ولأنَّ الصلوات ، لاسيما للقديسين ، هي بخـورٌ أمام الله (رؤ 5: 8 ؛ 8: 4).
لأنَّ من يُصَّلي يعترفُ بالله ، يُحّـبُه ، يُصغي إليه ، يرجو و يثقُ به ، و يحفظُ كلامُه.