العبادة للمسيح أم للتمثال ؟

أهلا وسهلا بالأخ ميلاد أ. حنا

لقد راقب الأخ ميلاد المؤمنين وحفظ، بفضوليته، أقاويلهم وما يجري وراء ستار الأيمان. ويقول بأنَّ المؤمنين :” لا يصرخون إلا للتمثال وعلى أمل أن ” ينضح زيتًا “. ولا يقدرون أن يُمَّيزوا ” أنَّ غاية الله المحب من القديسين هي تقديس نفوسِهم كما هم تقَّدَسوا”. ويكتُب :

  1. أينَ يجب الركوع ؟ :- أمام القربان { لا التمثال }
  2. ما هو محور الحياة ؟ :- القداس { لا الصلاة أمام تمثال }
  3. ما هو دستور الحياة ؟ :- الأنجيل { لا حديث وسائل الإعلام }

فيتســاءَلُ :

  • لماذا أصبحنا خارج هذه الحقيقة ؟
  • هل صرخنا ليسوع كما نصرخ للتمثال ؟
  • لماذا أصبحَ الناسُ يعتبرون زيتَ تمثالٍ وسيلةً للخلاص ؟

يا قليلي الأيمان ؟

هكذا قال الرب للرسل عندما وقعوا في مآزق إيمانية. رافق الرسلُ يسوع ثلاث سنين ولم يفهموه على حقيقته ولا إستوعبوا كلامه. ظلوا يحلمون بدولة زمنية يمارسون فيها مناصب قيادية حتى قبل الصعود (أع1: 6). ولما درَّبهم على الرسالة و أجروا بعضَ المعجزات (مر6: 12-13)، فرحوا وآفتخروا (لو10: 17)، ويبدوا أنهم إعتبروا ذلك أمرًا وظيفيًا من ضمن تبعيتهم ليسوع لا علاقة له بالأيمان. ولما فشلوا في طرد روحٍ شِرّيرة من مَصروعٍ وبَّخهم يسوع لائِمًا :” أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمن الفاسد، حتى متى أكون معكم؟ وإلى متى أحتملكم” ؟(متى17: 17). ولما سألوا يسوع خائبين عن سبب فشلهم أجابهم ” لقلة إيمانكم”. ولما خافوا عند هبوب عاصفةٍ مُهلِكة قال لهم أيضا:” ما بالكم خائفين، يا قليلي الأيمان” (متى8: 16).

هل يجدُ إيمانًا على الأرض!

فنصح يسوع تلاميذه بأن يُصَّلوا دون ملل (لو18: 1). الصلاة دليل الأيمان بالله والوثوقِ بكلامه و وعوده. وهذا يتطلب تسَّلقَ عالم الروح الألهي. أمَّا من ينشغلُ بأمور حياة الدنيا الحِسِّية فليس سهلا عليهم أن يتجَّردوا عن الماديات والخيرات الزمنية ويمخروا في زورق الروح. فآنشغالهم هذا يُنسيهم الله ويُصَّعبُ عليهم إستيعاب كلام الله وبالنتيجة لا يقوون على الثبات في الأبحار على سفينة الله والتفاعل معه. بل يركبون سفينة العالم ويُقَّلدون أبناءَه. و يبقون لابسين ثوب تلاميذ المسيح. فعوض أن يُنَّوروا أهل العالم بتعاليم الحقيقة الخلاصية ، يسيرون هم في ظلمته.

فالذين يركعون أمام التماثيل أو الصور، من المؤَّكد أنهم لا يسجدون للحجرأو الورق لأنهم لا يعتبرونها شخص المسيح أو القدّيس الذي تُمّثله بل رموزًا فقط و وسيلة إيضاحٍ يتخَّيلون بواسطتها صاحبَها. وكذلك الذين يصرخون إليها أو يطلبون منها نعمًا أوإمتيازات لا يدّعون أنهم يطلبونها من الرمز بل من صاحبِه مباشرة. ولكن، رغم ذلك، يبقى غيرَ لائقٍ الركوعُ أمامها بفكرة تكريم صاحبها. يكفي الوقوفُ أمامها وتلاوة الصلاة المرغوبة. ماعدا بعضَ التماثيل التي صُنعت بشكل تضعُ يدها على رأس المُستغيثِ بها فلا ضيرَ من أن يُعَّبرَ المرءُ ، بآلآنحناء تحتَها، عن تواضُعِه حتى أمام رمز المسيح أو القديس عارفًا أنَّ ذلك الرمز قد نال شيئًا من القُدسية إما بسبب إستعماله من قبل القديس ، أو لأنه تُليت عليه صلاة منحته مسحة من القُدسية كما تناله المسابح لتلاوة الوردية. وفي كل هذه الحالات وفي كل المواقف مُهّمٌ أن يُعَّبر المؤمن عن إيمانه بالله وأن يُجَّسِدَه بشكل مفهوم ومقبول.

إصنع زيتًا مُقَّدَسًا للمسح ! خر30: 25

أمَّا عن نضح بعض التماثيل والصور” زيتًا” تتدافعُ النساءُ للحصول على كميّةٍ منه < للبركة >؟، ليس بذاتِه أمرًا عسيرًا على الله. ألم يُخرج من الصخرةِ ماءًا لبني إسرائيل “؟ (خر17: 5-7) وأمطر عليهم ” المَنَّ والسلوى”؟ (خر16: 4 و 13). لكن الله أعطى موسى زيتًا مخلوطًا بالأطياب يُمسحُ به للتقديس والبركة ( خر30: 23-33). كذلك فعل الرب يسوع عندما أعطى كنيسته زيتًا مُبارَكًا يُعالجُ ضُعفَ الأنسان وأمراضَه في سِرَّي التثبيت ومسحة المرضى (مر6: 13؛ يع5: 14-15). فهل يحتاجُ الأنسان إلى زيتٍ جديد لا يُعرفُ أصلُه من فصلِه، ويتبَّخرُ سريعًا؟.أليس ممكنًا أن يكون خدعة شيطانية أوتدبيرًا بشريًا بهدف تشويه الأيمان و إبعاد الناس عن طريق القداسة الأصيل، و إدخالِهم سبيل المظاهر، وإشغالِهم بأحداثٍ محسوسة لا تبني ولا تُقَّدس؟. أ لم يُنَّبهنا الرب ، له المجد ، إلى أعمال مُدهشة و مُعجزات يُجريها ابليس بواسطة أنبياءٍ كذبة، و حَذَّرَنا منها لأنها تُضِّلُنا ؟ (متى24: 23-28). أ لم يُنَّبهنا الرسول يوحنا إلى التحَّذرِ من الأرواح الشّريرة التي تُضِّلُ ؟ (1يو4: 1). ولكي لا يقع المؤمن في فخاخ ابليس وعدَ المسيحُ كنيستَه أن يصونها من الضلال (متى16: 18)، وكلَّفها بتثقيف الشعب بالحق (متى28: 19)، وطلب من المؤمن أن يسمع منها (لو10: 16)،لا من الصحف والفيس بوك وإشاعات الشارع. إذن داءُ المؤمنين الذين يُكَّرمون الحجر أو الورق أو الخشب، أو ينتظرون زيتًا سِحريًا دون التشَّبُثِ بأصحابِها الذين تمَّثلهم، وإهمال الأنجيل والقداس والقربان ، هم أُناسٌ بدون إيمان، أو إيمانهم ضعيفٌ أو مُشَّوَهٌ بالخرافات. أمَّا دواءُهم فليس سوى التثقيف من الأيمان والثقة بالله وبكلامه لا بأقاويل الناس. والتحذيرُ والتنبيه من قِبل الرعاة و مسؤولي التعليم المسيحي والأخويات بتذكير المؤمنين خطر التسَّيُب الأيماني بموازاة خطر التزَّمت في التراث والتقاليد، وبالمقابل البحث الجِدّي عن الحقيقة.

القس بـول ربــان