آهلا وسهلا بآلأخت أم رامي.
كتبت آلأخت تسأل :- ” هل يجوز آلمشاركة في حفلات آلرقص وآلغناء أثناء فترة صوم آلأربعين؟. مثلا حفلات عيد آلحب، وعيد آلمرأة وغيرها؟. لأنَّ آلصوم هو إبتعاد عن ملذات آلحياة. ألا ينبغي إحترام آلصوم؟ أليست فترة صوم وصلاة فقط “؟.
الصوم للصلاة وللفرح !
بدءًا ليستْ فترةُ آلصوم للصيام وآلصلاة فقط. الحياة تستمِرُّ، فتحتاجُ إلى آلطعام أيضًا وإلى آلراحة. كما ليست فترةُ آلصومِ وحدَها للصلاة وآلتَزَّهُدْ. حتى وسط آلأعمال وآلمتاعب وكلِّ مشاغل آلحياة نحتاج أيضًا إلى آلإهتمام آلروحي بحياتنا. لأننا جسد وروح. ألجسد وفترته وحاجاته زمنيةٌ محدودةٌ وتؤولُ إلى آلزوال. أما آلروح فهي آلخالدة وحاجاتها روحية تستند إلى آلأيمان وآلرجاء وآلمحبة. وهذه آلقيم هي روحية نُعَّبرُ عنها بآلصلاة وآلصوم وآلصدقة، إِقتداءًا بيسوع وتنفيذًا لتعليمه.
وإذا خُصِّصَ لها زمنٌ محدود، بين ظهور آلمسيح بعماده وتعليمه ، وصلبِه وقيامته لحياةٍ جديدة، فلكي نختبرَ نحن أيضًا فترة إيمانية مُكَّثفة بآلجهاد في سلوك طريق آلحَّق وتجنبِّ آلخطأ وآلشر. فبين آلدنح (العماد) وآلصوم نُصغي إلى آلمسيح ونتثَقَّف بمبادئه ونتزَوَّد أيضًا بسلاحه. ثم نحيا فترةً إستعدادية للقيامة وذلك بآلتركيز، بنوع أخَص، على سلوك درب آلقداسة، يُساعِدُنا عليه آلصوم وآلصلاة وآلإعتناء بحاجات آلمنكوبين.
وهذه آلأمور لا فقط لا تمنعُنا عن آلفرح وآلراحة، بل تساعِدنا على آلتمتَّع بفرح ٍ وراحةٍ حقيقيين، عندما نشعُر بأن حياتنا مُتَّفِقة مع تعاليم آلمسيح ومُتفاعلة مع رغبته في أن نسهرَ على حياتنا آلروحية. إِّذ قال : ” صلوا ولا تمَّلوا ” (متى18: 1)، لأن الشرَّ لا يُغلَب ” إلا بآلصوم وآلصلاة ” (متى17: 26 “، وعليه طلب أنْ ” إِسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في آلتجربة. الروح راغبةٌ، لكنَّ آلجسدَ ضعيفٌ ” (متى26: 41). فآلصوم يُقَّوي آلجسد لمقاومة آلتجارب. ويسوع صام وصَلَّى و غلبَ ابليس وحِيَلِه. ونحن نصوم معه ومثله، عن آلطعام وعن آلشر. فبآلتالي هدف آلصوم هو مقاومةُ آلخطيئة بكل ألوانها في” أعمال آلجسد “، و آلتمَتُّعُ ” بأعمال آلروح، وهي: المحبة ، الفرح، السلام، الصبر، اللطف، الصلاح، الأمانة، الوداعة وآلعفاف. وما من شريعةٍ تنهى عن هذه آلأعمال” (غل5: 19-24).
المشاركة بآلحفلات !
أمَّا آلحفلات فيتوقف آلأمرُ على نوعيتها، أي هل تلزم حدود آلآداب وآلحشمة أم تُخالفُها. أمَّا الرقص وآلغناء وآلموسيقى فليست بذاتها سَيِّئة. بل هي أحيانًا بابٌ للتنفيس عن آلمعاناة ، وبهدف آلترفيه عن متاعب آلحياة آلمُمِلَّة. لكنها قد تسوء إِذا أُدِّيَتْ بشكل غير محترم وغير نزيه، أو بنيِّةٍ مشبوهة لتقويض ألأخلاق آلحميدة وتهديد أُسس آلأيمان السليم. قالَ إنجيل يوم آلأحد ” من ثمارهم تعرفونهم”. بما يعني قبل مشاركة آلحفلات نعرفُ من هي آلجهة آلتي تقوم بها. ونحكم بذلك على هدفها آلحقيقي لا آلظاهري فقط. لأنَّ آلظاهري آلأول هو آلتجارة بآلناس لكسب آلأموال. يجمعون آلناس على غير هدى، ويخلطون آلحابل بآلنابل. همُّهم آلأول إشغال آلحاضرين بما يُنسيهم أنفسَهم وما يجري حولهم. مثل كذا حفلات يُحَذَّرُ منها. فألأفضل وآلآمَن تجَنُّبُها إِذ لا تُضْمَن عواقبُها. أما إِن كانت آلجهة آلمنظمة معروفة ومضمونة أخلاقيًا وإِيمانيًّا فلا ضير من آلمشاركة فيها للتسلية. وتلك ساعاتها آلقليلة قد ترَّيح أكثر من أن تُعيقَ آلمسيرة آلروحية ألمُستمِرَّة.
لكل مقامٍ مقال !
يجب إِذن أن نُمَيِّزَ بين آلأمور ونُعطي كلَّ شيءٍ حَقَّه. وهذا لا يمنع أن نُزيدَ من حَقِّه بأن ننقطع إِذا شئنا عن آلحفلات في فترة آلصوم لئلا نقع في آلتجربة. “ولا نجَرِّب آلرب إِلَهَنا” (متى4: 7؛ تث6: 16). ومُهِّمٌ جِدًّا أن نتجَنَّبَ في نفس آلوقت دينونة آلآخرين، :” لا تدينوا لئلا تُدانوا ” (متى7: 1). وكم بآلأحرى ألا نكون سبب عثرة للآخرين لا في صيامنا ولا في إفطارنا، ولا في حضور حفلاتٍ صاخبة ومشبوهة. بل ليكن صومنا عن آلشر أكثر مما عن آلطعام ومَسَّرات آلترفيه.
الصوم إِذن لا يمنع آلفرح وآلراحة. بل يجب أن يجعَلنا أن نفرح. قال يسوع : ” إِذا صمتُم لا تكونوا معَبِّسين كآلمرائين… إذا صمتَ فآغسِل وجهكَ وآدهُن شعرَكَ ” (متى6: 17)، أي أَظهِرْ علامات آلفرح وآلرضى. لا تتحَجَّج بآلصوم لتتكبَّر أو لتدين. بل شارك أفراح آلآخرين دون فقدان كنزك آلروحي أو آلتقليل من جهادك ضِدَّ آلشر وآلفساد، في نفسِك أو في آلآخرين. قال مار بولس :” إفرحوا دائِمًا في آلربِّ، وأقول لكم أيضًا إِفرحوا ” (في4: 4). إِفرح وآرتَح حتى لا يستغِلَّ إبليسُ تعبكَ ويُسقطك. بل تغلبُه أنتَ بصمودك في تعليم آلرب رغم وجود فرص آلإِخطاء. شاركَ يسوعُ أفراح عرس قانا وساعد آلمدعوين على آلفرح بتكثير آلخمر لهم (يو2: 1-10).
يدعونا مار بولس إلى حكمة آلتَصَّرُف. يكتبُ :” يقول آلبعض” كلُّ شيءٍ حلالٌ لي”. ولكن ما كلُّ شيءٍ ينفع. ” كلُّ شيءٍ حلالٌ لي”. ولكن ما كلُّ شيءٍ يحُّق ” (1كور6: 12). وإذا قلَّبنا آلآية مثل آلفريسيّين تُصبح :” الرقص حرام عليك. الشرب حرام عليك. الغناءُ حرامٌ عليك..”. بينما الرقص رياضةٌ، وآلشرب طعام من ثمار آلله، وآلغناءُ أو آلموسيقى من صلب آلعبادة لله. ألمهم أن تُؤَّدى في حدود آلآداب آلمرعية. داود ألَّفَ آلمزامير ولَحَنَّها وعزفها فرتَّلها. داود آلملك غنَّى ورقص أمام تابوت آلعهد. لامته بعدَه زوجتُه بغير حَّق، أصابها آلعُقم ولم تلد (2صم6: 5 و14-22).
كُلُّ شيءٍ يُقاسُ بنِيَّته، ويُقَدَّرُ بهدفِه، ويُتفاعَلُ معه حسبَما يحُّقُ وينفع.