أهلا وسهلا بالأخت نعم أونيا
تحدث مناقشات حول ما تبثه وسائل الأعلام من أخبار مثيرة تخلق البلبلة وتثير الشكوك حتى تعَّتم أحيانا على الحقيقة فلا يقدر المشاهد والسامع للأخبار أن يخترقَ ضباب الصلال الذي يلفُّها فيلتجيء الى مصادر موثوقة ليعرف كيف يتجه في الحياة ويُمَّيز الغثَّ من الدسم. وعليه سألت الأخت نعم عن :
@ :- رأي كنيستنا ( الكاثوليكية ) في الزواج المثـلي ؟
@@ :- ومن أين جاءَ الأحتفال بالهالوين وما هو بالأصل ؟
الـزواج المـثلي !
جاءَ في الكتاب المقدس :” لا تُضاجعْ الذكرَ مضاجعة النساء ، فذلك معيبٌ أح18: 22. بينما رفض لوطٌ هذا الفعل لأهل سدوم (تك19: 5؛ وشيخٌ في جبعة لأهلها قض19: 22). تشكى الله لأبراهيم من أهل سدوم قائلا : ” كثرت الشكوى على أهل سدوم وعمورة وقد عظمت خطيئتهم جدا”(تك18: 20). وسمَّى مار بولس المثلية بالفعل الشنيع صادرا عن ” الشهوات الدنيئة” ، وقال:” فآستبدلت نساؤُهم بالوصال الطبيعي الوصال غير الطبيعي. وكذلك تركَ الرجالُ الوصال الطبيعي للنساء وآلتهبَ بعضُهم شهوة لبعض، وفعل الرجال الفحشاءَ بالرجال ونالوا في أنفسهم الجزاءَ العادل لضلالهم”(رم1: 27). ويصنفها بولس بين أعمال الجسد الدنسة (غل5: 19) التي يتصف بها الوثنيون قساة القلب الذين ” فقدوا كل حس و آستسلموا الى الفجور فآنغمسوا في كل فاحشةٍ مستهترين”(أف4: 19)، ويعزوها الى الأرتداد عن الأيمان و” آتباع أرواح مضلة ومذاهب شيطانية (1طيم4: 1). والأنسان صورة لله لا للشيطان ، ومدعو الى القداسة بتقديس اسم الله القدوس (أح20: 3، 26)، والأبتعاد عن كل نجاسة ” بتجَّنب الزنى ، وإتقان صون جسده في القداسة والحرمة ، وعدم السماح للشهوة أن تستولي عليه كالوثنيين ..” (1تس 4: 3-5). فلهذا ندَّدَ الله بالمثلية ووصفَ لها أشَّدَ العقاب : ” فإن ضاجع أحدٌ ذكرًا مضاجعة النساء فكلاهما فعلا أمرًا معيبًا ، فليُقتلا ودمُهما على رأسيهما ” (أح20: 13).
هذا في الكتاب المقدس. وآستنادا إليه بنت الكنيسة الكاثوليكية تعليمها حول المثليين معتبِرَةً العلاقة الجنسية بين شخصين من نفس الجنس” لواطًا “، وتقول :” استنادا الى الكتاب إعتبره التقليد دوما فسادًا خطيرا، وأعلن أن الأفعال اللواطية هي منحرفة في حد ذاتها ، وتتعارض مع الشريعة الطبيعية. إنها تُغلقُ الفعلَ الجنسي على عطاءِ الحياة. فهي لا تتأتى من تكامل حقيقي في الحب والجنس. ولا يمكن الموافقة عليها في أي حال من الأحوال “(التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية. رقم 2357). تدين الكنيسةُ المثليةَ وتحَّرمُها كفعل وكمبدأ. أما المثليين فتعتبرهم خطأة ومنحرفين،” يجبُ تقبُّلهم بآحترام وشفقة ولطف. ويجبُ تحاشي كلَّ علامةٍ من علامات التمييز الظالم بالنسبة إليهم.”(ت.م.ك.ك، رقم 2358).
وبالتالي فالزواج المثلي مُحَّرَمٌ ومرفوض في كنيستنا الكاثوليكية.
الهـــالوين !
بآختصار: إنه عيدٌ يُحتفلُ به في 31 تشرين الأول/أُوكتوبَر، يسبقُ عيد جميع القديسين وجميع أنفس الموتى – All Saints &All Souls ، ِAlla Helgorna och Alla Själar – اللذين يُحتفل بهما بالتوالي في 1/ 11 ,2/ 11. وهو يقع مع نهاية الخريف وبدء الشتاء. تحتفلُ به رسميا الشعوبُ الناطقة بالأنكليزية. له جذورٌ تتعَّلقُ بعيد تقليدي قديم إحتفلت به بنوع خاص إنكلترا وايرلندا قبل بدء الشتاء.
إسمه Halloween، مأخوذٌ من All Hallows Eve ويعود المصطلح الى حوالي سنة 1745. وأصل الكلمة مسيحي ويعني ” العشّية المقدَّسة ” Helge Afton. Holy Eve. وله ذكر في التأريخ منذ سنة 1556م.
أُصـــولٌ وثـنــية !
يعتقد الكثيرُ من المؤرخين أنَّ للأحتفال المسيحي الحاضرجذورًا عميقة في التأريخ ترتقي الى ما قبل المسيحية، لها علاقة بالعقائد الدينية للشعوب السلتية قبل وبعدَ تنَّصرها. كان يُحتفلُ في ايرلندا بعيد ” نهاية الصيف وبدء الشتاء ” أو النصف المظلم من السنة. والشتاء ، بظلامه ، يلائم تنشُّطَ الأرواح ، لاسيما الموتى ، وحركتها في زيارة عالم الأحياء. وهذه الأرواح منها محترمة ومنها مخيفة وشريرة. تحتاج الى إبقائها هادئة كي لا تسيءَ الى الأحياء وحتى يتعَّدى الناسُ االشتاء. فأقام الأيرلنديون إحتفالاتٍ بتقدمة قرابين من الفواكه والمشروبات وأجزاء من الغلات. وإذ كانوا يتصورون أن الأرواح تعود الى البيوت التي سكنتها سابقا فيستقبلونها بإضافة مقاعد في غرفة الطعام أو أمام الموقد لتأكل وتتدفأ. وكانت تضاءُ البيوت حتى تسهلَ زيارة الأرواح الصالحة وتنهزمَ الأرواح الشريرة التي ترفض النور وتعمل في الظلام.
العيد المسيحي !
ولما وصل المبشرون المسيحيون الى هذه البلاد بعد القرن الخامس الميلادي غيرت ايرلندا وسكوتلاندا تقاليدها السلتية القديمة. لقد أوصى الباباوات دوما بتحويل الأحتفالات الوثنية الى غيرها متقاربة حسب الأيمان المسيحي. وكانوا يُعيدون في الغرب لجميع القديسين. إحتفلوا به سنة 609م في 13 أيار/ مايو. ثم حوَّله البابا غريغوريوس الرابع (827-844م)الى 1/ 11 نوفمبر. وألحق به البابا غريغوريرس الخامس (996-999م) 2/ 11 نوفمبر عيدًا لكل أرواح الموتى المؤمنين. وآحتفظوا بالبيرمون أى النشاطات الروحية في العشية، 31/ 10 أوكتوبر، كالصوم وسهرة الصلاة وتهيئة الحلويات إستعدادًا لعيد جميع القديسين ، حتى أصبح في نهاية القرن 12 الميلادي في أوربا كلها عيدا رسميا ثلاثي الأيام. كانوا يشعلون الشموع في البيوت يوم 30/ 10، إنتقلت بعده الى المقابر، ويتلون الصلوات عن أرواح موتى العائلة ويتقاسمون بعده الطعام والشراب و يلتهون بالألعاب.
أرادت الكنيسة بذلك تقديرَالقديسين وعدم نسيان الموتى والصلاة من أجلهم. وكان المؤمنون لاسيما الفقراء منهم يتجولون بين أحياء المدن ، من دار الى دار، ينشدون ليُدخلوا البهجة الى النفوس وأيضا طلبا لنيل حصتهم من الحلويات الخاصة بالمناسبة، والتي لم يكن بوسعهم أن يوفروها في بيوتهم. ثم صار الأطفال يطوفون ويبتهجون بالحصول على الحلويات. يصدي شكسبير في إحدى مسرحياته سنة 1593م لهذا التقليد قائلا:” يطوف الأطفال من باب الى باب يجمعون قطعا من ” كعكةِ الأرواح” مقابل أن يصلوا لأجل راحتها.
لم يقوَ التقليد الكنسي على محو كل أثر وثني للأحفالات القديمة. فظَّلَ البعضُ يعتقد أن أرواح الموتى تزور عالمَ الأحياء في تلك الأيام وتنتقمُ من الذين أساؤوا اليها فظلموها أو عذَّبوها. والذين شعروا بأنهم مذنبون تجاه بعض الموتى صاروا يخافون. وحتى يحموا أنفسهم من ثأرهم فكروا أن يُشَّوشوا على الأرواح بلبس أزياء تنكرية وأقنعة لإخفاء شخصيتهم، وبالمزح والسخرية لمجابهة قوى الموت. وحتى أناشيد الأطفال وطلبهم الحلويات أخذ صورة مقلب ساخر بإطلاق عبارة : “Trick or Treat هدية أم مقلب”!. وقد إستعملت جمعية UNICEF هذا الشعار لجمع تبرعات للأطفال الفقراء في الهالوين وحصلت على 17 مليون دولار!.
وبدأت التقاليد الوثنية تطفو من جديد الى السطح وأخذت تنتشر بسرعة ، وغزت البلاد الأوربية كلها بل القارات الخمس. دخل الأحتفال بـ ” الهالوين ” الى السويد بعد سنة 1950. وآحتفل به بشكل رسمي في ستوكهولم لأول مرة سنة 1961م، وقد إنتشر في البلاد كلها منذ سنة 1992م. بينما اختفى عيد جميع القديسين وجميع الأرواح بفعل الحركات الشيطانية.