أهلا وسهلا بالأخت سعادة لويس.
كتبت الأخت سعادة تقول :” قال الإنجيل عن يوحنا المعمدان (كان طعامه الجراد وعسل البر) “، ثم تساءَلت :
هل هو جراد اعتيادي ، أم شيءٌ آخر ؟
كان طعامه الجراد ! متى 3: 4
إنَّ ما كتبه متى عن يوحنا هو وصفٌ لما عرفوه عنه. كان يوحنا يعيش في البراري ، وبدأ يعظُ في برية اليهودية الواقعة بين ” أورشليم والأردن والبحر الميت ” وقد ذكرها سفر يش 15: 61. والبرية بعكس الجبل تقل فيها الأشجار المثمرة وتكثر الدبيبة والحشرات.
أما أن يكون الجرادُ ـ طعام يوحنا ـ اعتياديا فلا شك فيه. لم يكن هناك جراد ” لا اصطناعي ولا كيماوي “! وقد صَّنفه موسى بين ما يحُّلُ أكله :” ولا تأكلوا الحشرات المُجَّنحة التي تمشي على أربع…، ما عدا التي لها رجلان أطولُ من يديها ، تقفزُ بهما على الأرض ، كالجرادِ بأصنافِه ، والدبى بأصنافِه ، والحرجوان بأصنافِه ، والجندُب بأصنافِه “(أح11: 20-22). والأصناف المذكورة هي أنواع الجراد. ليس أكلُ الجراد غريبا لأنه أحد أطعمة الصحراء. وكلُ ما ذكر عن يوحنا يدُّلُ على أنه كان يعيش في الصحراء زاهدا عن الدنيا مثل كل الأنبياء لاسيما ايليا حتى تشبه به في ملبسه أيضا ” يلبس ثوبا من شعر الجمل ويتمنطقُ بحزام من الجلد “(متى 3: 4 مثل ايليا 2مل 1: 8 ؛ ومثل الأنبياء زك 13: 4).
وأما عن أكل الجراد فيقول الخوري بولس الفغالي في معرض شرحه لفقرتنا أعلاه ما يلي : ” كان طعام يوحنا الجراد وعسل البر. فالأسيانيون ـ إنهم مجموعة عوائل وأفراد تعيش قرب المياه ، تستعمل المعمودية للتطهير بهدف الدخول الى عهد جديد إستعدادا لدينونة الله ـ أكلوا الجراد المشوي. فهو يُطبخُ مع الماء والملح ، مثل القريدس في أيامنا. أو كان يُجَّـففُ في الشمس و يُمزجُ مع العسل أو الخّل. أو كان يُسحقُ ويُـدَّقُ ويُمـزَجُ بالطحين بشكل كعكة أو طلميّة. .. تحَّدثَ الأبيونيون عن “كعكة” لا عن الجراد ، لأنهم من النباتيين. وتحَّدثَ تاتيانُس السوري عن “الحليب” (أو اللبن) ليتحاشى الكلام عن اللحم “(انجيل متى ، بدايات الملكوت، الجزء الأول، دراسات بيبلية 14، جمعيات الكتاب المقدس، بيروت 1996، ص 176).