أهلا وسهلا بالأخ ماجد يوسف.
سأل الأخ ماجد عن التماثيل فقال : هي مجَّرد رمز. التمثال لا روحَ له. إنهه مجَّرد حجر. ثم سأل : ** هل نعبدُ اللهَ أم التمثال ؟
** هل أوصى المسيحُ بوضع تمثال له ونعبُدُ ونسجدُ ونركع له أيضا ؟
لا يكن لك آلهةٌ سوايَ ! خر20: 3
هكذا قالت أولى وصايا الله. ثم وسَّعَ الله في توضيحها:” إنَّ الرَّبَ حين خاطبكم في حوريب من وسط النار لمْ تروا له صورةً لئلا تفسدوا وتعملوا لكم تمثالاً منحوتا على شكل صورةِ ذكرٍ أو أنثى..”(تث4: 15-16). وأضافَ :” لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة شيء .. لا تسجُد لها ولا تعبُدُها..”(خر20: 4-5). وقد أثبتها يسوع عندما رفض السجود للشيطان قائلا:”مكتوبٌ : للربِ الهِك وحدَه تسجُدْ وإيّاه وحدَه تعبُدْ” (متى4: 10؛ تث6: 13).
مع ذلك نعرفُ أنَّ اللهَ أمرَ بصنع صورٍ تقودُ رمزيًا الى الخلاص، منها : الحيَّة النحاسية (عد21: 8). ويقول عنها الحكيم :”أعطيتهم علامة ً للشفاء.. لا بما يرونه بل بك أنتَ يا مخذَلصَ الجميع ” (حك16: 7). كما أمر الله بصنع التابوت وعلى طرفي غطائِه كاروبين يتواجهان وهناك بينهما يكلمُ الله الشعبَ (خر25: 10-22). وقد صنعهما سليمان بأبعاد وقياسات مدهشة لا تُصَّدَق ” بعُّـلوِ عشرة أذرع وعرض كل جناح خمسة أذرع”(1مل6: 23-24). وأضافَ إليها حوضًا يحملُه إثنا عشرثورًا، وغَّطى القواعد التي تحملها بصفائح من ذهب نُقشت عليها ” أُطُر عليها أسودٌ وثيرانٌ وكاروبيم” (1مل7: 23-36).
ويبدو من هذا كله أن الوصية لا تمنع صنع تمثالٍ أو صورةٍ تساعِدُ على العبادة. بقدر ما تمنع عبادة تلك التماثيل او الصور وكأنها هي الأله نفسُه. بينما لا يمكن تصوير تجسيد الله لا في صورةٍ ولا في تمثال لأنه لم يرَ أحدٌ وجه الله قط ولا عرفه (متى11: 27؛يو6: 46)، ولا يمكن أيضا أن يراه بعين الجسد (خر33: 20). والكنيسة ايضا تُحَّرمُ صنع تمثال لله أو رسم صورةٍ له لتعبَد. فتقول :” لا يجوز أنْ تُمَّثِلَ اللهَ الذي لا يُرى ولا يُدرَكْ” (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، رقم 1159).
ورأينا مجــدَه !
لكن الله “الذي لم يكن ممكنا على الإطلاق قديما أن يُمَّثَلَ بالصورة والمُنَّزَه عن الجسد و الشكل قد ظهرَ لنا اليومَ في الجسد وعاش مع الناس يجوزُ لي أن أرسمَ صورة ما رأيتُ من الله .. فنحن نعاين مجد الرب بوجهه المكشوف “(ت.م.ك.ك. رقم 1159). هذا كان كلام القديس يوحنا الدمشقي مبنيًا على تعليم الأنجيل الذي قال :” والكلمة صار بشرا وسكن بيننا فرأينا مجدَه {{ موسى طلب ولم يرَه!}}، مجد الأبن الواحد الذي أتى من عند الآب، ملؤُهُ النعمة والحق “(يو1: 14). وقد عاين الرسل حتى ” جلاله الألهي” (2بط1: 16). وصرَّحَ بعده يسوع :” من رآني رأى الآب” (يو14: 9).
فلا نستغرب ولا هو خطأ أن نقرأ في تعليم الكنيسىة بأنها، إستنادًا الى سر الكلمة المتجَّسد، أجازت في مجمع نيقية الثاني سنة 787م إكرام أيقونات المسيح ومريم العذراء والقديسين و الملائكة. لقد فتح إبن الله ،بتجسده، نهجًا جديدًا وفهما أعمقَ لوصية الله في آستعمال التماثيل والصور. وقالت الكنيسة بوحي من الروح القدس الذي يرشدها الى الحق كله (يو16: 13) بأنَّ الصورة تنقل رسالة الأنجيل الخلاصية ،مثل الحية النحاسية، ومع الكتاب الذي ينقلها بالكلمة المكتوبة ،” فالصورة والكلمة تستنيرُ إحداهما بالأخرى” (ت.م.ك.ك. رقم 1160).
والمجمع نفسه قد” حدَّدَ بكل يقين وحق أنَّ الصورَ المقدسة وكذلك رسوم الصليب الكريم المحيي، أيًّا كانت طريقة رسمها، وبأي مادةٍ كان، يجب أن توضعَ في كنائس الله المقدسة، وعلى الجدران واللوحات، في البيوتِ وفي الطريق…” ، وذلك لأنَّ لها ” علاقة بالمسيح، وترمز الى المسيح المُمَّجَد فيهم “(ت.م.ك.ك. رقم 1161). ومشاهدة ” الأيقونات المقدسة المقرونةً بالتأمل في كلمةِ الله وترنيم الأناشيد …تنسجم مع الأحتفال الطقسي فينطبعُ السّرُ المُحتفَلُ به في ذاكرةِ القلب وينعكسُ بعدئذٍ في حياةِ المؤمنين الجديدة “(ت.م.ك.ك.رقم 1162).
إكرام الصور وتماثيل المسيح وغيره من القديسين ليس سوى ” وسيلة ايضاحٍ” يمكن استعمالها لتشُّدَنا الى الله الذي أرسلَ ابنه المسيح ليُكَّملَ الشريعة ويوقفنا على عمق معانيها ومتطلباتِها. تجسد المسيح غيَّرَ صورة الأيمان وكشفها بأنَّ عبادتنا لله وحدَه تكون بالروح والحق.
فإذا ركع أحدٌ أمام تمثال المسيح فهو لا ينوي عبادة الحجر بل من يُمَّثلهُ ذلك الحجر. تماما كما نوَّقر ونُكرم صور والدينا وأقربائنا وأصدقائنا و فيها نرفع اليهم حُّبنا وشوقنا وليس الى الزجاج والورق. هذا ما تعَّلمُه الكنيسة بقولها ” الأكرامُ المسيحي المُؤَّدى للصور لا يخالف الوصية الأولى التي تحَّرمُ الأوثان. فالأكرام المُؤَّدى لصورةٍ ما إنما يبلغ الى مثالها الأصلي ” كما قال القديس باسيليوس. وكذلك “كل من يكرم صورة يكرمُ فيها الشخص المرسوم ” كما قال المجمع. وإكرام الصور المقدسة هو ” إجلال وآحترام وليس عبادةً ، لأنَّ هذه لا تليقُ إلا بالله وحدَه ” (ت.م.ك.ك. رقم 2131). لم يوصِ المسيح بصنع تماثيل له توضع في الكنائس وتُكَّرَم. كما لم يوصِ حتى ولا ببناء كنائس. كما لم يأمر حتى ولا بالصوم. فهل ما صنعته الكنيسة وتصنعه غلط وخطأ؟. ومن هي الكنيسة ؟ أ ليست هي جسدَ المسيح السري الحي؟. ولو آفترضنا أنها أخطأت أين هو إذن وعد المسيح لها بأنَّ أبواب الجحيم لن تقوَ على إغوائها وإسقاطها في شرك ابليس. وإن كان الروحُ القدس يُرشدها الى الحق كله فهل يحق لن أن ننتقِدها أم أن نخضع لتوجيهاتها؟. وإن كان الربُّ يحلُّ ويربطُ في السماء ما تحله وتربطه الكنيسة على الأرض فهل نحن البشر المساكين نُصلح الله ؟.