أهلا وسهلا بالأخ سـرمد الحَّجار.
قبل كل شيء أعتذر عن التأخير في الرد. لم أكن قد أطلعت عليه في الوقت المناسب.
لقد سأل سرمد :” هل يجوزُ لنا كمسيحيين أن نتبَّرعَ بالأعضاء من جسدنا في حالة الوفاة ، لكي يستفاد منها شخصٌ آخـر “؟.
نعـــم يجـــوز !
لمـاذا ؟
ذلك هو : أولا : عملُ خير. عندما يموتُ الأنس سيتلف الجسد وترجع أعضاء الجسم الى العناصر المتكونة منها. لا تنفع بعد لشيء. أما إذا أستغل الإنسان بعض أعضاء ذلك الجسم وأبقاها حية بزرعها في جسم آخر حي يحتاجُ اليها فسيؤدي ذلك الى إطالة الحياة في شخص آخر، بالإضافة الى إطالةِ عمر وثمر ذلك العضو. وهذا بطبيعته عملٌ صالح. واللـه قد دعانا الى الأعمال الصالحة (طي2: 14؛ 3: 8، 14؛ 2تس2: 17)، بها نمَّجدُ الله ، و بها يريدُ اللهُ أنْ نفحمُ جهالة الأغبياء (1بط 2: 15).
و ثانيا : فعل محَّـبة. لقد دعانا الرب الى محبة الآخرين. والمحبة هي الشعار والعلامة المميَّزة لتلاميذ المسيح. وقد أكَّدَ يسوع بأنَّ أعظمَ فعل ٍ للمحبة هو بذل الذات من أجل الغير. وقد أعطانا المثال على ذلك. قبِلَ ان يموتَ عوضًا عنا لنتمتع نحن بالحياة ، لأنه أحبنا بلا حدود. وإعطاءُ عضو من جسمنا لإطالةِ حياة شخص آخر هو دليل محَّبتنا له واهتمامنا به. إذا كان يسوع قد تبَّرعَ بحياتِه كلها من أجلنا فهل يكون خطأ ً أن نتبرع نحن بجزءٍ من جسمنا لشخص آخر ؟. وإذا كنا نتبرع أحيانا بدمنا ، ونعَّرضُ حياتنا للخطر ، لإنقاذ حياة إنسان في الخطر فهل يسوءُ التبرُّعُ بعضو لن ينفعنا بعدُ ولا يضُّرنا اذا أعطيناه غيرَنا نطيلُ به حياتَه ؟. أكـيداً لا.
الهــدف من التَّـبرع !
هناكَ جانبٌ آخر للتبرع يحتاج الى تسليط الضوء عليه. هو : الهدف من التبرُّع. إذا تبرَّعَ أحدٌ بعضو أو بأعضاء عديدة من جسده لأنه لا يؤمن بالحياة الأبدية ويحتقرُ رجاء الأيمان بقيامة الأجساد ، عندئذ يكون فعله باطلا وفارغا من قيمة أو مكافأةٍ. أو إذا تبرَّعَ بأعضائه بهدف الإبقاء على جسمه على حساب غيره فهذا ايضا عمله لا ينفع لأنه ثمرة أنانية وإرادة ملتوية. لذا يُقتضى أن يكون التبرع بالأعضاء ثمرة إيمان ومحبة فالتضحية من أجل منفعة الآخرين. أعطانا الله الحياة وحبانا أن نمَّددها بالإنجاب أو بالعلاج ، وبكل وسيلةٍ شريفة و ناجحة نابعة من شعاع المحبة.