أهلا وسهلا بالأخ بســام كوركيس.
سأل الأخ بسام ما يلي : هل التــدخينُ خطــيئة ؟
ماذا بوسع الأنسان أن يفعَـله ليـتـوقف عن التـدخين ؟
هل وشــم الجســم خطــيئة ؟
بخصوص شخص له مسَّبقا عادة سيئة، ماذا بوسعه أن يفعله الآن إذا رغب أن يعـود الى اللـه ؟
التــدخــين !
التـبغ بذاتِه مادة جيدة وحسنة. يجب أن يكون مفعوله حسنا. إنه مادة مخَّدرة يساعد الأنسان على نسيانِ أمور صعبةٍ ومقلقةٍ ومؤلمة. يساعد ايضا على ما يبدو على تحَّدي أزمات نفسية والتغلب عليها، لاسيما الخوف. من يُدَّخن لا يرى عادة ضعفَه بقدر ما يشعر بعظمتِه وثقل وزنِه. وقد يساعد هذا على تحَّدي وتعَّدي أزمات ومشاكل عديدة. إنما كما يقول المثل : الفضيلة هي نقطة الوسط بين الطرفين المتباعدين والمتناقضين.
الفضيلة تقف في الوسط !
هذا يعني أنَّه يجب الأنتباه الى كيفية إستعمال التدخين. فالتطرف في الأكثار منه قد يؤذي كثيرا صحة الأنسان. والتطرف في عشوائية استعماله قد يخلق مشاكل صحية او مزاجية. أما إستعماله بشكل معقول ولاسيما عند ” الحاجة ” وبدون أذية فلا ضير في ذلك. أما عن الأذية، فالصحية منها يقررها الطبيب. فإذا نصحَ الطبيب بعدم التدخين لأنه يؤذي الصحة عندئذ لا يجوز للأنسان أن يدَّخن ويؤذي صحته ويضع حياتَه في خطر. ليست الحياة ملكه حتى يتصرف بها كما يشاء. الحياة ملك الله. والله رفض القتل حتى للمنافس والمسيئ :نصح الله قائين بعدم اتباع شهوة القتل. ثم منع القتل كليا على يد موسى فجاء في الوصية الخامسة ” لا تقتل”؛ وأكد على عدم قتل حتى الأنسان الشرير(حز18: 23). الحياة نعمة من الله لنا ويحاسبنا عليها. وقد رذل الأنجيل إنتحار يهوذا (متى27: 5؛ يو17: 12).
وقد نؤذي بالتدخين أفراد أُسَرِنا. هل هو عادلٌ وصحيح أن يَصرفَ إنسانٌ على تدخينه ربع راتِبِه مثلا وله عائلة من ستة أفراد؟ كم يبقى لكل فرد من الأسرة بعد حسبان ما يصرفه أيضا على أكله ولبسه وتنقله ؟. فحرمان الذات من الصحة والمخاطرة بالحياة من جهة ، و من أخرى التقصير في حاجات أفراد الأسرة هو دليل أنانية بغيضة وعدم محبة الآخرين. و هذا ضد مشيئة الله و وصيته. ويكون بالتالي خطيئة.
التـوقُّف عن التـدخين !
الأطباءُ أولى مني بأن يصفوا دواءً للتوقف عن التدخين. لأنهم أدرى بالحالة الصحية وحتى الأقتصادية للمُدَّخن. ولا سيما للمضاعفات التي قد يُسَّببها أحيانا توَّقفٌ فجائيٌّ عن التدخين. ولكن ما دام التدخين أمر خلقيٌ عام ويُصبحُ عادة قوية ، حتى سُّميت بطبيعة ثانية، فيمكن أن تعالجَ أيضا بشكل خلقي طبيعي عام. ويقول المثل : ” العادةُ بالعادةِ تُقْـهَرُ”. أي تعويد الذات على عادةٍ جديدة في القيام بفعل مختلف صحي ينفعُ ويبني : كإشغال الذات بعمل يدوي ، بالصيد ، بالقراءة والكتابة ، بأي شي لا يضر ولنسيان إشتهاء التدخين. والقيام بهذا بقصد وقرار يتخذه المدخنُ بهدف الإقلاع عن التدخين. ولاسيما بآهتمام أكثر بتغذية الحياة الروحية وآتباع تعاليم الأيمان. المسيح ضحى بنفسه من أجل البشرية ولتحقيق ذلك قبل أن يتألم أقسى العذاب ويموت على الصليب لبلوغ هدفِه. إنه كسر إرادته ” يا أبتاه إن كان ممكنا أبعد عني هذه الكأس. لا. لا تكن مشيئتي بل مشيئتُك “. ضحَّى بنفسه ليحيا غيره. عدم التدخين أيضا يحتاج الى فعل تضحية الشهوة لآتباع العقل والأيمان.
الوشم على الجسم !
لقد مرَّ أمامي هذا السؤال فسبق وأجبتُ عنه في 2014.10.08 والموجود في الملف : ” التاتو والتراجي عند الرجال “. يمكن الأطلاع عليه. للمزيد، وبآختصار، يتوقف الأمرُ على نية الشخص والهدف من الوشم. وشم الصليب على الساعد لذكرى زيارة الأماكن المقدسة حتى أتذكر المسيح وأتأمل به فأحيا من تعاليمه أمرٌ جيد. أما إذا وشمت نفس الصليب بهدف التباهي والتفاخر أمام من ليس بوسعهم أن يزوروا الأماكن المقدسة عندئذ يُصبح الأمر خطيئة. وإذا وشمتُ الجسمَ فيكون فرصةً لعرض عري جسدي للناس، أو لأني لأني أريد جسما على ذوقي ولا أرتاح لما خلقني الله عليه.. فكلَّ ما تم ذلك بنية سيَّئة وبقصد الأهانة لما خلقه الله يكون شريرا ولا تُحمَدُ عقباهُ.
عادة ســيئة ، كيف العودة منها !
كلُّ ما هو سَّييء ليس من الله. ومن يريد التخلص من عادة سيئة فعليه العودة الى الله بالإصغاءِ إليه والتقَّيُدِ بشريعتِه. والعودة تعني عدم الأستمرار على نفس العادة، والتوقف عنها بندامةٍ حقيقية وتـوبةٍ كاملة. وزمن الصوم هو فرصة لتوبة مماثلة تدعو الى تغيير السلوك والكَّف عن الأعمال السيئة بسماع كلام الله بثقـة بنوية. وهذا يكون سهلا إذا اعترفنا بفضل الله وجودِه ورحمتِه فأحببناه من كل قلبنا وكل فكرنا وكل نفسنا. التوبة والأعترافُ أفضل السبُل لتحقيق ذلك. والصيام يكون وسيلة ناجحة للدخول الى معركة الإصلاح الجذري. هذا ما تقوله الصلوات الطقسية للصوم إذ تؤكد أنَّ الصوم زمن النعمة والرحمة لأنه زمن التوبة والتجديد.