أهلا وسهلا بالأخت نجــاة بـوداغ
تقولُ السائلة : إنَّ بعض الراكضين وراء تكنولوجية عصرنا يُحَّللونه ، أما هي فتُحَّـرمُه لأنها مؤمنة بأنَّ الأنسان ليس مُلكَ نفسِه بل هو ملكُ خالِقِــه.
++ السؤال : ما رأيُك ؟
الجمالُ !
يعودُ الموضوع كله الى : هل نؤمن بالله الخالق أم لا؟. فمن يؤمن به يرى الأمور ويتفاعل معها على ضوءِ إيمانِه ومتطلباتِه. لأنَّ الله الخالق قيمةٌ ثابتة وكلامُه قَّـيمٌ وساري المفعول من الأزل والى الأبد. ومن يؤمن به يضمنُ لنفسِه نور الحقيقة ويهتدي به. أما الملحد فإيمانه بنفسه، أى بالأنسان فقط وبما يخترعه. وبما أنه لا يؤمن بقيمة ثابتة ولا بالحياة الأبدية ، و يرى أنَّ كلَّ شيء، حتى هو نفسه، يزول في النهاية، فلا يرى مبَّررًا لأن يحرمَ نفسه من جديد الحياة الإجتماعية. بل يحاولُ أن يُمَّتعَ نفسَه بكل ما تجود عليه قريحة الأنسان. ويحاول أن ينال من الحياة كلَّ ما تجودُ به فلا يتردد من أن يقبل ويختبر كلَّ جديد. يُمَّتع نفسه بأمور الدنيا بأكبر قدر ممكن، ولا يُحَّرمُ شيئًا ، بل يُحَّللُ كلَّ شيء.
أما من يؤمن بالله فيعودُ الى مصادر الوحي ويقرأ ما ألهمه الله وكشفه للأنسان من حقَّانية الأخلاق التي يسلكها. يقول الوحيُ بأنَّ الله ” رأى أنَّ كلَّ ما صنعه حسَنٌ جِـدًّا”(تك1: 31)، لا عيبَ فيه ولا خلل. بل ولا يُمكنُ صُنعُ أحسَنَ منه. ولما يقولُ بأنه ” حسنٌ جدًا” يعني أنه يوفي كل متطلبات الكائنات ومن كل جوانبها : من كمال تركيبها ، وجمال منظرها، وحسنِ سلوكها، وجودةِ إنتاجِها. ولا يقوى كائن مهما سمى بالعلم والأخلاق أن يصنع أفضل منها، بل حتى ولا مثيلاً لها. والأنسان إحدى أجمل هذه الكائنات. بل هو القمة في تركيبته وجمال منظره وحسن سلوكه وفضل أعماله بسبب ما وسمه الله من عقل وحرية. الأنسانُ كاملٌ ، ككائن ، ولا يحتاج لا الى إضافةٍ ولا إلى بتر. وجماله في روحه قبل جسده. بل تفضي روحه جمالها على الجسد. وليتَ الأنسان يقدر أن يصنع جمالا بعشر ما صنعه الله.
والتجمـيل !
أما التجميل فيكون تحسين حالة غير جيدة وغير مَرضية حدثت لجسم الأنسان إما نتيجة خلل في الولادة أو تشويه بسبب حادثٍ وقع له. وفي هذه الحالة يكون التجميل يساعد المرء على ألا يحس بنقص ولا يتألم بسببه في المجتمع. وهذا لا فقط ليس ضد حكمة الله وخِلقتِه. بل هو تعاون مع الله للقضاء على النواقص والتشوُّهات التي تحدث للأنسان ، وهي أيضا تناقضُ مشيئة الله الذي خلق الأنسان في الكمال وأراد له الراحة والهناء. تجميلٌ إذن يعيدُ الى إنسانٍ ما جماله الذي شوَّهته ظروف الدهر عمل يرضى عنه الله ويفرحُ به. تماما كما يفرح بخاطيءٍ واحد يتوب ويتخلص من تشوّهات الخطيئة (متى15: 7، 10).
تغيير ملامح الجسم !
ولكن هناك نوعٌ آخر يُسَّمونه بالتجميل ، وأعتقد هذا هو ما تقصدينه، وهو إجراءُ تدخل جراحي لعضو طبيعي في جسم طبيعي بغية التغيير فيه على ملامح لا يرتاحُ اليها صاحبه، أو تُعَّيره به نفوس جاهلة وضعيفة، مثلا : تصغير حجم الأنف في طوله أو فطسِه كالأفارقة ، أو تغيير شكله الى مدَّور،أو تلوين الجسم بالوشم والرسوم ، والى غير ذلك. أمثال هؤلاء يقاومون حكمة الله ولا يعرفون أن يروا جمال الشخص في داخله وفي تعامله مع الآخرين. وكما قلتِ الأنسان كُله مُلكُ الله : جسدًا ونفسًا ، لقد رَّكبه في ظاهر جسمه ونفخه فيه من حياتِه الخاصة. فنحن صورة الله التي يجب أن نحترمها فينا.