أهلا وسهلا بالشماس حسان باكوس
كتبَ الشماس حسّان يسألُ :” حسب طقسنا الكلداني :>..
1- ما هي الأعياد المارانية ؟وكيف يختلفُ العيد الماراني عن الأعيادِ الأخرى ،
من ناحية الألتزام بحضور القداس والصلاة أو رتبة التقديس؟. وكيف يُحتفَلُ به مقارنةً بالأعياد الأُخرى؟.
2- متى نحتفلُ بالقداس الثاني ( ܬܪܝܢܐ تْرَّيانا) ، والثالث (ܬܠܝܬܝܐ تْليثاي):< ” ؟.
القداس الثاني والثالث !
أبدأ بتحديد ما نعنيه هنا بكلمة ” القداس”. نفهمُ عادةً بكلمة القداس جملة ما يجري من البداية وإلى النهاية، أي كلَّ أقسام العبادة. ونعلمُ أننا نحتفلُ بثلاثة أقسام : 1ـ رتبة الكلام ؛ 2ـ رتبة الذبيحة ؛ 3ـ رتبة المشاركة في الذبيحة. أمَّا عندما نتحَدَّث عن” القداس الأول، أوالثاني، أو الثالث” فإننا نُشيرُ هنا فقط الى القسم الثاني، إلى رتبة ” الذبيحة “، والتي تبدأُ بالإنحناءة الأولى” ܡܘܕܝܢܢ ܡܪܝ …نحمدك يا رب…” وفقرة السلام، وتنتهي بتكريس التقادم ” ܢܐܬܐ ܡܪܝ … ليَأتِ يا رب روحك القدوس …”. هذا الجزء وحدَه يختلفُ في كل قداس. أما رتبة الكلام مع رتبة المشاركة فهي تقريبًا نفسُها في القداديس الثلاثة، مع إختلافات طفيفة عرضية في النَّص، خاصّة بالمناسبات.
بعد التحديث الأخير للقداس سنة 2014م نحتفل بالقداس الأول المنسوب الى” الطوباويين الرسل” تقريبًا طوال السنة ما عدا ” الأعياد الكبرى : الميلاد والدنح والقيامة ” تُستعملُ فيها صيغة ” القداس الثاني” ، والتي هي بالأساس نصُّ ” القداس الثالث “. كما آُسْتُحْدِثَ قداسٌ ثالث بآسم ” قداس مار توما الرسول”.
أما قبل ذلك فكان نظام التقديس فيها كالآتي:
القداس الأول: من سبت النور في عيد القيامة وإلى الأحد الأخير من سابوع تقديس الكنيسة؛
القداس الثاني: من الأحد الأول للبشارة والى عيد السعانين ؛
القداس الثالث: بموجب الحوذرا لسنة 1887م، في عيد الدنح ، عيد يوحنا المعمدان، أربعاء باعوثة نينوى، وخميس الفصح ؛ أمَّا حسبَ كتاب ” المُلحقات ܢܩܦܝܬܐ ” لسنة 1901م، ففي باعوثة العذارى (الأثنين بعد الدنح الى الأربعاء)، يوحنا المعمدان، وخميس الفصح ؛ وأما نصُّ البطريركية للقداس لسنة 1936م فيذكر خمس مناسبات ويُحَدِّدُها بِـ :عيد الدنح ، يوحنا المعمدان، الآباء الملافنة اليونان، أربعاء باعوثة نينوى، وخميس الفصح ؛ وكان هذا النظام الأخير سائدًا رسميًا لمن يُقَّدس به.
الأعـياد المارانية !
” المارانية ” نسخٌ من المرادف الكلداني” ܡܪܢܝ̈ܐ مارانايى” أي السيادية أو الرَبّانية. بمعنى أنَّها تحتفلُ بأحداث تخُّصُ الرب يسوع له المجد. لم يُحَّددها كتاب الصلاة حرفيًا بل أشار إليها بطريقة الأحتفال بها بفقرات خاصَّة أو بترتيب خاص لفقرات عامَّة. وإذا أشار إليها حرفيًا فيقول ” مثل الميلاد .. ܐܝܟ ܝܠܕ݊ܐ أو مثل الأعياد ܐܝܟ ܥܐܕ̈ܐ “. لقد ذكر أسماءَها
كتابُ ” ܪܫ ܩܠ̈ܐ ܥܕܬܢܝ̈ܐ الألحان القياسية الكنسية ” للمرحوم القس توما حنونة ،
مخطوطة سنة 1942م، ص125، وقد طُبعت في أوستراليا، سدني سنة 2007م. يقول : ” هي حسب طقسنا : عيد الميلاد ، عيد الدنح، عيد السعانين، عيد القيامة، عيد الصعود ، عيد العنصرة، عيد التجلي، عيد الصليب. وتوجد أعياد مارانية نُظِّمَت جديدًا هي : عيد الختانة، عيد التقدمة، عيد الجسد، يُحتَفَلُ بها مثلَ الآحاد. أمَّا خميس الفصح، وجمعة الآلام، وسبت النور فتتبع نظام أسابيع الأسرار للصوم”.
الأختلاف بين الأعياد !
لا إختلاف في العيد وهدفه. إنَّه تكريمٌ وتبجيل للرب، إعترافٌ بأعماله العظيمة ومحاولة التقَّربِ منه ومعرفته أكثر لسماع كلامه والسلوك في محَّبته، وآحتفالٌ لمساعدة المؤمنين وحملهم على تعظيمه والإحتماء بخيمته. هناك إختلاف في الطقوس ورتب العبادة التي تحاول إبراز خصوصية الحدث وأبعاده الأيمانية، وقيادة المؤمنين الى الأندماج مع هدف العيد، فالنُمُوِّ في الأُلفة الروحانية.
هذا الأختلاف يظهر في الإنفراد في فقرات الصلاة وألحانها بحيث لا تتكرر في المنهاج المألوف في يومٍ آخر أو عيد. وتنقسم هذه الأعياد الى نوعين : مارانية بموضوعها لأنها تخُّصُ الرب، ومارانية لأنَّها تتبعُ نفس الخصوصيات الطقسية. تتمَيَّزُ المارانية الطقسية بأختلافها في الفقرات التالية لصلاة الرمش: ܐܝܟ ܥܛܪܐ ، ܠܟܘ ܡܪܐ ،ܩܕܝܫܐ ܐܠܗܐ في لحنها وعدد تكرارها وحذف ܫܘܪ̈ܝܐ ܕܩܕܡ ܘܕܒܬܪ وإضافة ܤܘܝܟ̈ܐ والقداس. في صلاة الليل والفجر تلاوة هولالا 12 ܐܠܗܐ ܩܡ مع رداتها الخاصّة، وإلغاء قلتا ܩܠܬܐ، وإضافة مزامير خاصة بعد المدراش ܤܘܝܟ̈ܐ ، وترتيل الـ ܫܘܒܚܐ بتقطيعه وإكثار رداته ، وطلبة ܟܪܘܙܘܬܐ بأسلوب خاص تبدأ فيها كل طلبة بآسم المسيح ܡܫܝܚܐ ، وإضافة ܩܕܝܫܐ ܐܠܗܐ بلحن الأعياد قبل ختام صلاة الصبح ، وترتيل آلآية ܐܘܕܐ ܠܟ ܒܥܕܬܐ ܪܒܬܐ (مز35: 18) في نهاية مزمور بداية القداس ، وفقرة ܕܚܝܠܬ قبل التناول.
لا تُنَفِّذ كلُّ الأعياد المارانية هذا المنهاجَ كلَّه. لكنَّ هذه الفقرات هي التي تظهر أو تختفي أو يتغَّير أسلوب أدائِها. أمَّا الأعياد غير المارانية طقسيًا فتتبنَّى جزءًا فقط من هذه التغييرات بحيث تقرُبُ من صلاة الآحاد والأعياد غير الرَبِّية أكثر مما لعيد الميلاد نموذج بقية الأعياد المارانية، حتى قالت بعضُ التعليمات ” مثل الميلاد”.
إلتزامات الأعياد المارانية !
جميعُ الأعياد، خاصّةً المارانية، تُلزمُ بإرادةِ الكنيسة جميعَ أبنائِها بما يُعرَفُ بـ”البطالة”. أي توَّقفٌ عن الشغل النفعي، وتكريسُ ذلك اليوم للرب. وأول تكريس له هو بتقديسه وتخَّصيصِه لعبادة الله بآلإشتراك في القداس الألهي وتحقيق متطلباتِه، والصلاة، وخاصَّةً آلألتقاءِ بالإخوة ” القديسين” في ألأُلفة والمحبَّة والفرح والتآخي، فيُمَّجدوا اللهَ بِـ ” قلبٍ واحدٍ وروح واحدةٍ ” (أع20: 7؛ 2: 46-47؛ 4: 32).
وبما أنَّ آلمشاركة في القداس والتبطيلَ عن الشغل وصِيّةٌ للكنسة وتخضع لسلطتها فهي تقدر أيضًا أن تُغَّيرَ فيها أو تُعفيَ عن بعض إِلتزاماتها، نظرًا لظروف المؤمنين والمجتمع المدني أو الكنسي. وهذا يسري على جميع المؤمنين، كانوا إكليريكيين أو علمانيين. ولا يفرقُ الأمر
بين عيد ماراني موضوعي أو طقسي. بل حتى الأعياد غير المارانية ، للعذراء مريم أو
القديسين والشهداء، هي إلزامية كما تفرُضُها الكنيسة. لقد طغَتْ الروحُ العلمانية فوقَ آلحد، حتى باتت الروحُ الأيمانية تهتَّزُ إزاءَها وتترَنَّحُ في الإلتزامات الروحية. بينما خلاصُ العالم يتطلب وعيًا وغيرةً في التقَّيد بإرشاد الكنيسة الروحي والتمَّسُك بالأيمان ليستَمِرَّ كلُّ المؤمنين بالمسيح ” نورًا للعالم وملحًا للأرض” (متى5: 13-16).
أمَّا بخصوص الإلتزام بـ”رتبة التقديس” أي إقامة القداس فهي مُلزِمَةٌ، في الآحاد والأعياد، لكلِّ المؤمنين، كهنةً وعلمانيين. فيًقامُ القداس في كل رعيةٍ مُستقِلَّة ويشتركُ فيها المؤمنون. أمَّا بقية أيام الأُسبوع فالتقديسُ والمشاركةُ فيه ليسا وصِّيَةً مُلزِمَة بل مُشَّجِعَة لتواصل أبناء الرعية في إنعاش إيمانهم وآلإغتراف من نبع قداسةِ الحَّق الألهي. فإقامةُ القداس اليومي و المشاركةُ فيه تتوَقَّفُ على ظروف الرعية وأبنائِها.
وأمَّا عن ” نصِّ” القداس فالمفروض إستعمال النصوص الرسمية للكنيسة، أي التي قَرَّرَها سينودس الكنيسة البطريركية الخاصّة، ولا يجوز، مبدئيًا، التجاوزُ عليها، لتُحافظَ على قُدسيةِ العبادة وعلى وحدة أبناء الكنيسة أينما كانوا، وتُنعشَ حرارةَ إيمانهم.