قرأتُ في الفيس بوك ما يلي :” لماذا يجب أن تترك الكنيسة الأرثوكاثوليكية إلى غير رجعة ؟. أكبرُ دليلٍ على { ذلك} أنَّ ألـ 7 أسرار ” بِدعَةٌ ” من إختراع بشَرٍ ..هو عدمُ وجودِ ما يُثَّبتُ ذلك في القرن الأول والثاني. فهل من جهبذٍ يأتيني بعكسِ ذلك “؟.
إِيَّاكم أن يضِلَّكم أحد !
لقد نبَّه المسيحُ أتباعَه من أنَّه سيقومُ أشرارٌ يَدَّعون أنهم أنبياء وأنهم حتى المسيح، فحَذَّرَ من تعاليمهم الفاسدة ونعتَهم بـ ” الكذبة والدَّجالين” (متى 24: 11 و24). وسبق فكشفَ هويتَهم قائلا ” يأتونكم في ثوب الحملان وهم في باطنهم ذئابٌ خاطفة ” (متى7: 15). يبدو أنَّ صاحب الكلام هذا (..؟) يطلبُ الحرفَ ونسيَ أن المسيحية روح وحياة قبل الحرف، بل و حتى بدونه. يبدو وكأنه لا يعرف أو يتجاهلُ كلام المسيح، فيبدو مسيحيًا حُرًّا حسب مزاجه، فنسي قولَ المسيح بخصوص أكل جسده وشرب دمه وآعتراض البعض عليه :” أَ هذا يبعثُ الشَّكَ فيكم؟. .. إنَّ الروحَ هو الذي يُحيي، وأمَّا الحرفَ فلا يُجدي نفعًا. والكلامُ الذي كلمتكم به روحٌ وحياة. ولكن فيكم من لا يؤمنون” (يو6: 61-63). ونسيَ أنَّ العهد الجديد بدم المسيح هو روحيٌ لا حرفي كما قال الرسول: ” لسنا كالكثرةِ التي تتاجرُ بكلام الله. بل نتكلَّم في المسيح كلام رجالٍ صادقين. كلام رُسُل الله في حضرةِ الله .. وهو الذي مَكَّننا من خدمةِ العهد الجديد، عهد الروح لا عهد الحرف. لأنَّ الحرفَ يُميتُ والروحُ يُحيي” (2كور2: 17 ؛ 3: 6). ونحن” نسلك سبيل الروح لا الجسد ” (رم8: 4).
يبدو أن صاحب الكلام يطلب الحرفَ وليس الروح. وإِذ لم يجد في العهد الجديد قائمة تذكرُ :” سر العماد، سر التثبيت، سر التوبة، سرَّ القربان المقدس ، سر مسحة المرضى ، سر الزواج، سر الكهنوت”، قرَّر أن لا وجود للأسرار. لكنه لا يُعقَلُ أنَّه لم يقرأ في الأنجيل بأنَّ يسوع المسيح تحدَّثَ عن” المعمودية والتثبيت والتوبة وتناول جسده و دمه، وعن شفاء المرضى ووحدة الزواج، وطلب ممارستها، وكلَّف الرسل بتوزيعها إذ خوَّلهم سلطان الحَّل والربط “. سُمِيَّت ” أسرارا ” لأنَّ مادتها وصورة توزيعها الحِسِّيتين تبطنان شيئًا لا يُرى، يختفي عن الحواس، فهو سِرّ. إنها نعمٌ إلهية يوزعها الله على البشر، بواسطة كهنة خَوَّلهم بها، وتساعدهم في حالات خاصّة يحتاجون فيها الى عونه تعالى. ربما يحتاجُ ” أخونا بالله” الى العودةِ الى الكتاب المقدس، لاسيما العهد الجديد، حتى يتأكَّد من واضعها: هل هو المسيح أم بشرٌ من بعد القرن الثاني!. وحتى يتأكَّدَ أيضًا هل مارسها المسيحيون الأوائل منذ عهد الرسل أم إخترعها بشرٌ من بعد القرن الثاني!. وحتى يعرفَ أيضًا هل الأسرار بدعةٌ، كما نمارسها اليوم، أم هو وأمثاله ” ذئابٌ خاطفة وأنبياءٌ كذبة ” ؟. لقد تنبَّأَ عن أمثالهم الرسول يهوذا(غيرالأسخريوطي): ” سيكون في آخر الزمان مُستهزئون يتبعون نفاقَ شهواتِهم. هم الذين يوجِدون الشِقاقَ. إنَّهم حيوانيون لا روحَ لهم ” (يه1: 18-19). لم يجدوا كلمة ” سر” فآضطربوا وآعترضوا. ولكنْ خابَ فألُهم.
أما أنتم فآذكروا ما أنبأنا به رسلُ ربِّنا ! (يه1: 17)
إنَّ تلاميذ المسيح لا يبحثون عن الحقيقة في الفيس بوك لدى كلِّ من هَّبَ ودَّب. يعرفون أن بلاوي الشر تنبع كثيرًا من الفيس بوك. إنَّ نور الحقيقة في العهد الجديد، وتفسيرُه لدى الكنيسة المُوَّكلة على الحفاظ على نقاوة وديعة الأيمان. هكذا وصَّى بولس تلميذه الأسقف طيمثاوس قائلا: ” إحفظ الوديعة وآجتنب الكلامَ الفارغ الفاسد ونقائص المعرفة. وقد أعلنها بعضُهم فحادوا عن الأيمان” (1طيم 6: 20-21؛ 2طيم1: 14). وهذا إستنادًا الى كلام الرب :” إذهبوا وتلمذوا ..” (متى28: 19)، و”… من لم يسمع منكم لم يسمع مني” (لو10: 16).
وليس نافلاً أن نذَّكرَ صاحبَ المقال وقرَّاءَ الفيس بوك أين يجدون في الكتاب عن مؤَّسس الأسرار وعن ممارستها منذ عهد الرسل وإلى يومنا.
1+ المعمودية : من آمن وآعتمد يخلُص … مر16: 16 يجب أو تولدوا ولادة ثانية من العلى … يو3: 5 وآعتمد حوالي 3.000 مؤمن أع2: 41 وآعتمد غيرهم فأصبحوا 5.000 …. أع4: 4 فيلبس عمد أهل السامرة … أع8: 12-13 بطرس عمد الضابط كورنيليوس وأسرته … أع10: 47-48 بولس عمد حارس سجنه و أسرته في فيلبي … أع16: 31-34 خلصنا بغسل الميلاد الثاني .. طي3: 5 إنكم ولدتم ثانيةً … من كلام الله الحي الباقي … 1بط1: 23 شاء أن يلدنا بكلام الحق … يع1: 18
2+ التثبيت : سأرسل إليكم ما وعد به أبي فآمكثوا في المدينة … لو24: 49 الروح القدس يعلمكم كلَّ شيء … يو14: 26 ويرشدكم الى الحَّق كله …. يو16: 13 بطرس ويوحنا يثبتان معمَّدي السامرة بالروح القدس … أع8: 14-17 كما ثبَّت الآبُ يسوع بالروح القدس بعد عماده .. متى3: 16-17 ؛ أع10: 38 وحلول الروح القدس علامة للأيمان والتوبة .. أع10: 45-47؛ 11: 18 وكان الرسل يتحَّققون ليتأكدوا من التثبيت بعد العماد … أع19: 2-6 خُلِّصنا بالتجديد الآتي من الروح القدس … طي3: 5 مثل الرياح لا يُرى الروح القدس … يو3: 8
3+ التوبة : توبوا فقد إقترب ملكوت السماوات … متى4: 17 إن لم تتوبوا مثلهم ستهلكون … لو13: 1-5 كان يوحنا يعمد للتوبة لأجل غفران الخطايا … لو3: 3-8 يسوع يرسل تلاميذه يبَّشرون داعين الى التوبة … مر6: 12 التوبة لغفران الخطايا … مر1: 4 ؛ لو3: 3 ؛ أع6: 31 يا أبتاه إِغفِر لهم …. لو23: 34 إغفر لنا خطايانا … متى6: 12 ح لو11: 4 بولس يدعو الجميع الى التوبة … أع26: 20
4+ القربان المقدس : ( الأوخارستيا ) خذوا كلوا، هذا جسدي … خذوا اشربوا، هذا دمي … متى26: 26-28 من لا يأكل جسدي ولا يشرب دمي ليست له الحياة .. يو6: 53 إصنعوا هذا لذكري … لو22: 19 كسر يسوع الخبز منذ قيامته … لو24: 30 وكانوا يكسرون الخبز (إقامة القداس) في البيوت … أع2: 42-46 وكانوا يجتمعون لكسر الخبز يوم الأحد … أع20: 7 ؛ 1كور16: 2
5+ مسحة المرضى : إشفوا المرضى …. متى10: 8 مسح الرسل المرضى بالزيت وشفوهم … مر6: 13 أُدعوا الكاهن ليمسح المريض بالزيت بآسم الرب ..,. يع5: 14
6+ الزواج : يترك الرجل أباه وأمه ويصحب إمرأته ويكونان جسدًا واحدًا .. متى19: 5 ؛ تك2: 24 ما جمعه الله لا يفَّرقه الأنسان … متى19: 6 لا طلاق. لم يكن من البدء هكذا … متى19: 8 ح تك1: 27-28 ؛ يوجد من خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السماوات … متى19: 12 المرأة شريكة الرجل في إرثِ نعمة الحياة … 1بط3: 7 جسد كل زوج مُلكٌ للزوج الآخر . ولا يمتنعان عن بعضهما .. 1كور7: 4-5 البتولية أفضل من الزواج … 1كور7: 6-7 لا يفارق الواحد الآخر.. ولا طلاق .. 1كور7: 10-11 يتقدَّس الزوجان ببعضهما … 1كور7: 14 الزواج والبتولية ، كلتاهما دعوتان منفصلتين من الله … 1كور7: 7 و17 ليكن الزواج مُكَّرَما عند جميع الناس، وفراشُه بريئًا من الدنس … عب13: 4
7+ الكهنوت : بطرس لك أعطي مفاتيح ملكوت السماء … فما تحله أو تربطه على الأرض ، أحُّله أنا أو أربطه في السماء … متى16: 19 ما تحلونه أو تربطونه على الأرض أحُّله أنا أو أربطه في السماء .. متى18: 18 إصنعوا هذا لذكري … لو22: 19؛ 1كور11: 24-25 من غفرتم له خطاياه تُغفرُ له، ومن أمسكتم عليه الغفران تُمسَكُ عليه … لو20: 23 قال يسوع لبطرس : إرعَ : .. حملاني ..، ..خرافي ..،.. كباشي …يو21: 15-17 إذهبوا إلى العالم… تلمذوا .. عمدوا .. علموا .. متى28: 19 رسامة أساقفة بوضع اليد والصلاة … أع13: 2-3 رسامة كهنة … وأقاما كهنة في كل كنيسة وصليا وصاما … أع14: 23 أقمتك في كريت لتتم فيها تنظيم الأمور وتقيم كهنة في كلِّ بلدةٍ … طي1: 5 بولس يفتخر بأداء خدمته الكهنوتية لله … رم15: 16-17
والآن : إذا كان الرسل تبعوا أوامر المسيح وعملوا بوصيته فمن يكون المصدر الأساس؟. من يكون مؤسس الأسرار : هل الرسل أم المسيح ؟. و إذا كُنَّا اليوم نستمرُّ في ممارسة نفس الأسرار ، وشواهد الكتاب واضحة وصريحة، فهل نكون نحن قد إخترعناها؟. وإذا كانت أسرار اليوم هي نفسها أسرار زمن الرسل فهل يكون مخترعها من القرن الثاني أو الثالث أو …؟. لا يعود الأمر إلى وجود قائمة بآسماء الأسرار، واضحة دقيقة حرفًا مؤَّرخًا يطلبه القاضي في المحكمة، بل يعود الأمر إلى ما عمله المسيح وعَلَّمه. ويسوع نفسُه لم يكتب شيئًا كما يفعلُ الصحفي لتصَّدقه الناس. بل عاش وعلَّم. وطلب من تلاميذه، جيلا بعد جيل، أن يشهدوا لذلك بدورهم بسيرتهم وتعليمهم (أع1: 8). والرسل شهدوا فآقتدوا بالمسيح وطلبوا منا أن نقتديَ بهم (1كور11: 1). ونحن أيضا نشهد اليوم فنفعل ما فعلوا ونسَّلمُ الوديعة إلى من يخلفنا. هذا ما يُسَّمى بالتقليد. كما قال مار بولس :” إني تلقَّيتُ من الرب ما بلَّغتُه إليكم ” (1كور11: 23).
إذا كنا اليوم في التعليم المسيحي نستعمل قوائم ونعطي شواهد عن الأسرار، الأمر الذي لم يفعله الرسل، لا يعني ذلك أن الكنيسة تخترع أسرارا. يعني فقط أن ما تلقته بشكل مختصر ومكثف تُـفَّصِلُهُ الآن بإمكاناتها التقنية وحسب عقلية الزمن لتوصل بأمانة ما تلقته من الرب . وإذا آختلفت أحيانًا وسائل التنفيذ فذلك أيضًا لا يمَّسُ جوهرالعون الألهي الموعود والمنَّظم بل يبقى الجوهر أن نعمة الله مرتبطة بحالات مُحَّدَدة وبهدف مساندة مسيرة المسيحي الأيمانية. لا يهم الأسم إن كان ” سِرًّا أو نعمةً أو موهبة “. المهم أن العون الألهي لا يُرى بالعين ولا يُمَّس بالحواس، بل يُختبَرُ بمفعولِه. سُمِّيَ سِرًّا لأن مفعوله روحي تُشيرُ فقط إليه التفاصيل المادية والألفاظ اللغوية. فمثلا المعمودية. يستعمل فيه الماء رمزًا للتنقية. فالماء تغسِلُ وتنَّظف. وفي العماد يغتسل المؤمن بالمسيح فيتنَّقى من آثار الخطيئة الأصلية بقوة الروح القدس. نحن لا نرى لا الروح القدس ولا النقاء. نرى ونسمع ما يُفهمنا ذلك. نقرأ الحرف أما الحياة الألهية فيجريها الروح في المُعَمَّد ، ونحن نؤمن بذلك ولذا نُعَّمد. ومثلها نكَّمل ممارسة بقية الأسرار.
لقد دعا كاتب المقال قارئيه الى ترك الكنيسة ” الأرثوكاثوليكية “{ ودعوة مُبَّطنة للآنجراف الى مذاهب أُخرى!} بحجة أنَّ الكنيستين لفَّقتا الحقيقة وشوهتا التأريخ، إذ تمارسان الأسرار من دون رصيدٍ علمي تأريخي. ومن يدري ربما هولم يقرأ العهد الجديد أصلا!. لأنَّ بطرس يؤَّكد بأنه ليس من شيمة تلاميذ المسيح أن يُزوروا الحقائق ولا مصلحة لهم في ذلك ولا أن يتبعوا خرافات وقد تنبَّأَ أنَّه سيقومُ علماءٌ كَذّابون يُحْدثون بِدَعًا مُهلكة ويُنكرون الرب ..” (2بط1: 16 ؛ 2: 1-3). لم يكن يحتاج إلى فضح جهله بالحقيقة. كان بوسعه أن يتراجع عن الأيمان بالمسيح وبجسده السِّري الكنيسة و يتوَّلى عنهما. فلا المسيح ولا الكنيسة يفرضان تعليمهما، ولا يرغبان في آقتناص المؤمنين من مذاهب أُخرى، ويتركان الحُرّية الكاملة حتى لأبنائهما بأن ينقروا على دَفِّهم الخاص وأن ينفخوا براحتهم على الآلة التي يُفَّضلون، وحيثما يشاؤون (يو6: 64-67).
والرَّبُ هو يدين من الأمين ومن الخائن !!!!!!!!!!!!