<< الصوم والدينـــونة >>
تتلى علينا اليوم القراءات : يش5: 13-6: 5؛ تك7: 1-24 رم7: 14-25 ؛ متى20: 17-28
القـراءة : يشوع 5 : 13 – 6 : 5 :– يُؤَّكدُ الله لإيشوع أنَّه معه ويُعطيه أرضَ كنعان. ايشوع خادمٌ أمينٌ يُنَّفذُ إرادةَ الله وينتصرُ بقُوَّتِه على أعدائِه.
القـراءة البديلة : تكوين 7 : 1 – 24 :– قصَّةُ الطوفان. الشَّرُ يتفاقم وقد يقضي على الأنسانية. الله يُنقِذُ الأبرار ومن خلالِهم يكثرُ البشرُ ويتحَسَّنون.
الرسالة : رومية 7 : 14 – 25 :– الشريعةُ جيِّدةٌ في ذاتِها. وتدعونا الى الخير، لكنَّها لا تُخَّلصُنا. النعمةُ الألهية هي تُعطينا الأرادة الصالحة وتُنصِرُنا على الشَّر.
الأنجـيل : متى 20 : 17 – 28 :– يُخبرُ يسوع عن آلامِه وموتِه وقيامتِه ويُؤَّكدُ على أنَّ السلطةَ خِدمةٌ ، وأما العظمةُ فتتحَّققُ بالتواضع.
لِنَقْرَاْ كلامَ الله بآنتباهٍ وآهتمام
الصلاة الطقسية
ترَكَّزت الصلاة في هذا الأحد حول ” الدينونة ” التي يخضع لها كلُّ إنسان في نهاية حياتِه. يدور الكلام على الدينونة العّامة حيث تنكشفُ وتُعرفُ خفايا كل واحد. لكن النصوص تدع المجال لملاحظة أنَّ دينونة خاصّة قد سبقت بحيث يوجد المُصَنَّفون كالأبرارأي المُخَّلَصون يُقابلُهم الأشرار المُتَعَّذبون. تُثَّبتُ فقراتُ الصلاة تعاليم الأيمان حول أبعاد الدينونة وإطارِها. وتُؤَّكد أن حياتنا الأرضية هي فترة الأستعداد للحياة الأبدية. وقد فتح لنا المسيح طريقًا إليها فدعانا الى التوبة. والصوم أحسن فرصةٍ وأفضلُ زمن للتوبة. إنَّه وسيلتها الفُضلى. فتدعو الصلاة النفس الى ممارسة الصوم والصلاة ولاسيما الأبتعاد عن الشرور والآثام لتضمن بذلك دينونة تُريحُها وحُكمًا عادلاً يُسعِدُها.
الترانيم
1+ ترنيمة الرمش : ” أيُّها الرَّبُ الإلَه، إذا خاصمتَ عبدَك فأَيَّ جوابٍ أجدُ وكيفَ أعتذرُ،
وقد ظلمتُ وخالفتُ جميعَ وصاياك، وصِرتُ مَيْتًا بكثرةِ خطاياي؟. فكَمِنَ القبرِ إِرفَعني
بحنانك من بحر ذنوبي. ايُّها الملكُ المسيح إِرحمني “*.
2+ ترنيمة من المجلس. ܥܵܠܲܡ. ” كيفَ أقفُ أمامَ منبرِكَ المُخيف عندما تُحَّققُ في أعمال
جميع الناس؟. وعندما تُبعِثُ الجميعَ بالرهبة في يوم تجَّليكَ؟. أين أختفي أنا الذي قد
أَغضَبتُك بأعمالي، عندما تنطفيءُ الشمسُ ويُضيءُ الأبرارُ في ملكوت السماء؟. ومعكَ
جموع العُلى ويتنَعَّمون، والأشرار يبكون بلا توَّقف في ذلك بيت دينونة عدلك. ويُغلَقُ
البابُ بوجههم ولا يرُّدُ عليهم عدلُك. وأنا يا رب ماذا أصنع فإِنَّ حكمَك يلومُ رذائلي؟.
يا ويلي! أيُّها الصالح الذي صنعني بحنانه لتنتقلْ عليَّ مراحمُكَ فيُرأَفُ بي وحُن عليَّ”.
3+ ترنيمة السهرة : “يا نفسي تَخَّلصي إِذًا من كثرةِ إِثْمِك وخطاياكِ، وفَكِّري باليوم الأخير.
الذي يُباغِتُكِ فجأَةً ويخطفكِ. وتذَكَّري الدينونة المُخيفة التي تنتظرُكِ. فهناكَ لا تُساعدُ
التوبة ولا تنفعُ الدموع. ما دام لكِ مجال أُطلبي وتضَرَّعي يا نفسي وتراجعي عن إثْمك
وعيشي. كُفّي إذًا كثرة خطاياكِ وآحمدي وقولي: اللَّهُمَ يا غافرَالذنوب حُنْ وآرْحَمني”*.
4+ طلبةٌ من الطلبات : ” أيُّها المسيح، الذي خَّطَ لنا، بصومه المقدَّس، طريقَ التوبة. وبيَّنَ
لنا أنْ لا تنفعُ في العالم الجديد لا الدموعُ ولا البكاء. وأَفهَمنا أن نطلبَ ونتوَسَّلَ ونرجعَ
عن خطايانا وزلّاتِنا ، ونسأل المراحمَ من كنز رحمتهِ العظيم : نطلبُ منك “*.
التعليم
صَوَّرت الصلاة الدينونة مثل مجلس القضاء البشري، إنما بدون تحقيقٍ حرفي، بل بإعلان الحكم العادل بما يوافقُ حالةُ كلِّ واحد، وبما يواكبُ ذلك من خوفٍ ورعب وخجل وآلام. و تُشَّدد على عدالة الله وآستقامة حكمِه. وذكرت مثال سليمان الملك الذي طلب الحكمة من الله وآستطاع على ضوئها أن يحكم بالعدل بين إمرأتين تتساكنان معًا ولكل واحدة طفلٌ ومات أحدُهما فبدلته أمه بطفل الآخرى. تشاجرتا وتحاكمتا عند الملك إذ إِدَّعت كلُّ واحدةٍ منهما بالحي. كشفَ الله للملك الأُمَّ الحقيقية (1مل3: 16-28) . أما المسيح فهو الله ويعرفُ حتى خفايا فكر الناس فلا يحتاجُ لا أن يسألَ أحدًا، كما ذكرت ترنيمة المجلس، ولا أن يَرُّدَ عليه (يو16: 30). إنَّه يُعلن فقط الحقيقة الألهية التي يخضعُ لها كلُّ إنسان، ولا يقدر” أحدٌ لا أن يعترضَ عليها ولا أن يستأنفَ ضِدَّ حكم الله” كما أكدت إحدى الترانيم. في حين أكدت ترنيمة السهرة أن ” لا تساعدُ هناك التوبة ولا تنفعُ الدموع “.
وحتى نتجَنَّب مصيرًا أسودَ نبَّهتنا الصلاة بأن صوم المسيح خَطَّ لنا طريق التوبة، ورسم لنا صورة حالة عدم الفناء على أنها تختلف عن حياتنا الزمنية ليس فيها فساد، لا أكلٌ أوشُربٌ، بل نحيا روحيًا مثل الملائكة فدعانا الى الأقتداء به واضِعًا لنا نظام الصوم بالجسد والروح، نختارُه بوعيٍ وحرّية. نبَّهتنا الصلاة إلى تحذيرالوحي لنا، وكررت الدعوة الى التوبة، قالت :” قرأوا لي الأنبياء ولم أنتبه، والرسلَ ولم أخضع.. فآستيقِظ أيُّها النائم وآنفض عنك الإثمَ و آطلب وتضرع.. مثل العشّار والزانية..”. كما أضافت ترنيمة أُخرى :” لِنذرف الآن دموعًا سخينة ونتوَّسل بالحاكم فنساَلُه غفرانَ زلاتنا وتطهيرَها”. وتصوغُ بعضُ الصلوات نماذج لتوبة المؤمنين وآسترحامهم، فتقول إحداها:” بالقبائح دنَّستُ مسكن الروح، وبكثرة الشرور أفسدتُ جمال النفس الساكنة في الجسد، فيا رَبِّي وإلهي قبلَ أن تستجوبَني إرحمني”.
الصلاة
لم يُشِرِ آلمدراشُ الى الدينونة بل قَدَّم لنا موسى، إنسانًا نموذجًا للصوم. قال:
” موسى عظيم الصائمين. تسَلَّح بالصوم فترك عادات المصريين. وأحَّب تقوى الله. كرهَ و ونبذَ الحليبَ والعسل التي ربَّته عليها إبنةُ فرعون. وأحَّبَ الصوم والصلاة فآرتفعَ الى الكمال * إحتقرَ سِفْرَةَ فرعون المليئة. ونبذَ دعوة المملكة. أحَّب الصوم على الجبل. فصام وأشَّع وجهه. صلَّى وظهرت مجازاتُه. صعِدَ بشكل إنساني، نزل ببهاءٍ سماوي*.
نختم بترنيمة رفعت دُعاءَها، ونرفعُ معها دُعاءَنا ونقول :” يا رب، لا تُقِمْ الخاطيءَ في محكمتك العادلة. لأنَّه لا جوابَ له أمام منبرِك. بل بكثرةِ مراحمِك حُنْ و تَرَّحَم عليه “.