كتبتْ أختٌ ، أبتْ ذكرَ اسمِها، عن إيمانها وقالتْ بأنها لا تعرفُ نسبة قُّـوتِه. وأحَّستْ وكأنها لو عاينتْ معجزة بأنَّ إيمانها سيشـتد، أو بالحري ” سيثبُت “. تُفصحُ أيضاعن أنَّ لها أمنياتٍ صعبة. إذا تحَّققتْ إحداها فتلكَ هي المُعجزة – مثل كل الناس !- و سيزدادُ نمو إيمانِها. و أنهَتْ حديثَها مُقَّـرة ً بأنها تبكي وتدمع عيونها، عند التناول ، بشكل غير طبيعي!.
قياسُ الأيمــان !
إنَّ قياسَ الأيمان ليس بالحصولِ على المعجزات بل بالقيام بأعمال الله ، أى سلوك طريق الحَّق والصلاح والمحَّبة مهما كلفَ الأمر. قياس الأيمان أيضا بمدى محَّبتنا لله والأصغاء الى كلامِه وتطبيقِه. لأن من يؤمن بالمسيح لا شريعة أخرى له غير ” محبة الله ومحّبةِ القريب ” الذي هو كل إنسان ، لاسيما من هو في ضيق أو حاجة. إيمانٌ بلا محبة باطل (1كور13: 2). ومحبة الله بدون محبة الناس لا وجود لها (1يو4: 20). إذن قوةُ الأيمان هي في المحبة وطاعةِ الله.
أما المعجزات فمن قالَ لكِ أنَّ كلَ الناس يحدثُ لها معجزة ؟. ومن يؤكدُ بأنَّ كلَّ ما يُنشرُ في المواقع الألكترونية هو صحيح ؟. معجزاتٌ كثيرة يُجريها الله بواسطةِ قديسيه لأجل خير البشرية دون أن يكون لأيمان الناس دورٌ فيها. ومعجزاتٍ كثيرة شاهدَها اليهودُ ورؤساؤُهم ولم يؤمنوا بيسوع المسيح. ومع ذلك إستهزأوا به وهو على الصليب ” إنزل من الصليب لنؤمن بك” (متى27: 41-43). وعالمُ اليوم يختلقُ معجزاتٍ كثيرة وهمية ليزرعَ البلبلة بين المؤمنين ويُـتْفِهَ إيمانَهم. بينما تجري معجزاتٌ حقيقية يرفضون الأعترافَ بها ولا يزدادون إيمانا بالمسيح.
أين هي المعجزة الحقيقية !
لمار بولس كلامٌ واضحٌ وحاسم. في معرضِ الكلام عن مواهب الروح القدس مَّيزَ الرسول ، من بين غيرها، موهبتين، هما : التكلم بالألسنة ( معجزة التكلم بلغةٍ لا يعرفها ولا مارسها أبدا – أع2: 4-9؛ 1كور14: 2-5) والنُـبُوَة (كشفُ وحي الله والوقوف على مشيئتِه –1كور 14: 3-5). ومن له إحدى هاتين الموهبتين يعملُ بقوةِ الروح القدس. مع ذلك صَّرح بولس قائلاً: ” اللغاتُ ليست آية ً للمؤمنين،بل للكافرين. أما النبُوة فهي للمؤمنين”(1كور14: 22). إنها ليست معجزة بل إكتشاف حضور الله في الباطن وسماعِ كلامِه في أرواحِنا. ومَخْلصُ الكلام أنَّ المؤمنَ لا يحتاجُ إلى آياتٍ خارجية بل يتعاملُ مع الله الذي في داخله ، ساكنٌ فيه (يو 14: 23 ). الروح الذي فيه يعلمه ويرشده الى كل الحق (يو14: 26؛ 16: 13). لا ننسى أنَّ المؤمنَ المسيحي هو هيكلُ الله والروحِ القدس يُقيمُ فيه(1كور3: 16).
لقد شعرَ بولس أنَّ الشيطانَ يُحاربُه بزلةٍ فيه لا يقوى على التخلصِ منها. فآلتجأ الى الله طالبا منه أن يُنقذه منها بتدخل خاص ، أى بمعجزةٍ نوعًا ما، فكتبَ :” سألتُ الله ثلاث مراتٍ أن يُبعِدَه عّـني ، فقالَ لي تكفيكَ نعمتي. فـفي الضُعفِ يبدو كمالُ قدرتي “(2كور12: 8-9). بولسُ صاحبُ المعجزات الغريبة ” حتى صار الناسُ يأخذون ما مَّسَ بدنه من مناديلَ أو مآزر فيضعونها على المرضى فتزول الأمراضُ عنهم ، وتخرجُ الأرواحُ الخبيثة “(أع 18: 12)، هو يطلبُ من الله معجزة ليشعر أنَّ عملَه مرضي لله. والجوابُ يكفيك أنَّ الله معكَ. ويصدي بولس لهذا الحادث في رسالته إلى أهل روما فيقولُ عن شكِّ البعض ورغبتهم في الحصول على بيّناتٍ تفقَعُ العين ،” الجوابُ قريبٌ منك : في لسانكَ وفي جَنانِكَ. وهذا الكلامُ هو كلامُ الأيمان الذي ننادي به. فإذا شهدتَ بلسانك أنَّ يسوعَ ربٌّ ، وآمنتَ يجَنانِكَ أنَّ اللهَ أقامَه من بين الآموات ، نلتَ الخلاص “(رم10: 8-9).
المعجزةُ قائمة. الله في داخلك. لكنكِ ربما لا تنتبهين الى ذلك. وباطلا تبحثين عن عملِه خارجًا عن حياتِك. إن كنتِ تُحّبينهُ تحفظين وصاياهُ فهو مقيمٌ فيك. هل فكَّرتِ بدموعكِ وبكائِك الغريب الذي يحدث لك وقت التناول ؟. أما هي إشارة من الرب أنه معكِ؟. لأنَّ البكاءَ الغريب تُسببه نعمةُ الله. وإذا كانت نعمتُه تتحركُ بهذا الشكل فهل من معجزة أفضل منها؟. إنَّ اللهَ لا نراهُ بعيوننا ولا نسمعه بآذاننا. إننا نختبرُ حضورَه وعملهُ فينا عندما تكتملُ فينا إرادتُه وليس إرانَتَنا!.