أهلا وسهلا بآلأخ غسّان بســمة
كتب َآلأخ غسّان يقول :” لماذا في آلمسيحية تُغَّطي آلمرأَةُ شَعرَها في آلكنيسة، وخارج آلكنيسة لا تُغَّطيه ؟. ما هي نظرةُ آلكتاب آلمقدس في هذا آلشيء “؟.
أمدحُكم لأنَّكم تحافظون على آلتقاليد !
أَسَالَ موضوعُ غطاء آلرأس حِبرًا كثيرًا، وأثار جدالاتٍ حادّة وعميقة ونقاشات ظويلة و أحيانًا عقيمة، وزرع أحيانًا فِتَنًا وأُخرى خيبات. يبدو أن كنيسة كورنثية عاشت صراعات قوية وعانت كثيرًا لتتأقلم فتوَّفق بين آلذهنية آلإيمانية آليهودية وآلتحَرر آليوناني آلعقلاني. وكثرت إعتراضاتُهم وآستفساراتهم فأرسلوا أسئلتَهم إلى بولس وهو في أفسس ليَحُلَّ لهم مشاكلهم. أسئلة كثيرة في مواضيع شتَّى، شملت حتى غطاءَ آلرأس. وقد تطرَّق إليها مار بولس بنوع خاص في رسالته آلأولى إلى أهل كورنثية، الفصل آلحادي عشر، لَحِقتها من بعيد نُتفٌ أخرى في نفس آلرسالة ورسالته آلأولى إلى تلميذه طيمثاوس. وأرى أنَّ أفضلَ شيءٍ هو عرضُ أقوال بولس أولاً ثم إلتقاطُ ما ينضحُ عنها.
نص آلرسالة -: ألأول:- 1 كور11: 2-16
رقم آلآية -:- النص
2 : أمدحكم لأنَّكم.. تُحافظون على آلتقاليد كما سَلَّمتُها إليكم *
3 : أُريد أن تعرفوا أنَّ آلمسيحَ رأسُ آلرجل ، وآلرجُل رأسُ آلمرأة، وآللهُ رأسُ
آلمسيح *
4 : كلُّ رجُلٍ يُصَّلي أو يتنَبَّأُ وهو مُغَّطَّى آلرأسَ يُهينُ رأسَه، أي آلمسيح *
5 : وكلُّ آمرأةٍ تُصَلِّي أو تتنَبَّأُ وهي مكشوفة آلرأس تهينُ رأسَها، أي الرجُل *
{ كما لو كانت محلوقةَ آلشعر }
6 : وإِن كانت لا تُغَّطي رأسَها، فأولى بها أن تقُصَّ شعرَها ؛
لكن إذا كان من آلعار أن تقُصَّ شعرَها أو تحلقَه، فعليها أن تُغَّطيَ رأسَها*
7 : لا يجوز للرجل أن يُغَطِّيَ رأسَه لأنَّه صورةُ آلله، ويعكسُ مجدَه ؛
أمَّا آلمرأةُ فتعكسُ مجدَ الرجل *
8 : فما آلرجُلُ من آلمرأةِ ، بل آلمرأةُ من آلرجل *
9 : وما خلقَ آللهُ ألرجلَ من أجلِ آلمرأة، بل خلقَ آلنرأةَ من أجل آلرجل *
10 : لذلك يجب على آلمرأةِ أن تغَطّيَ رأسَها علامةَ آلخضوع، من أجل آلملائكة *
11 : في ألرب لا تكون آلمرأةُ من دون آلرجل، ولا آلرجل من دون آلمرأة *
12 : إذا كانت آلمرأةُ من آلرجل ، فآلرجلُ تَـلِدُه آلمرأة ، وكلُّ شيءٍ من آلله *
13 : فآحكموا أنتم بهذا : هل يليقُ بآلمرأةِ أن تُصَلّيَ لله وهي مكشوفةُ آلرأس؟ *
14 : أما تُعَلِّمُكم آلطبيعةُ نفسُها أنّه من آلعار على آلرجل أن يُطيلَ شعرَه ؟*
15 : ومن آلفخر للمرأةِ أن تُطيلَ شعرَها؟ لأنَّ آللهَ جعلَ آلشعرَ سِترًا لها *
16 : إِن أرادَ أحدٌ أن يُعارضَ فما هذا من عادتنا. ولا من عادةِ كنائس آلله ***.
الثاني :- 1كور14: 33-38
رقم الآية -:- النص
33 : ليس آللهُ إِلَـهَ فوضًى ، بل إِلَـهَ آلسلام *
{ وكما تصمُتُ آلنساءُ في جميع كنائس آلإخوة آلقديسين }
34 : فلتصمُت نساؤُكم في آلكنائس. فلا يجوز لهن آلتكَّلم. وعليهن أن يخضعنَ
كما تقولُ آلشريعة *
35 : إِن أرَدن أن يتعَلمن شيئًا فليَسأَلن أزواجَهُن في آلبيت ؛
لأنَّه عيبٌ على آلمرأةِ أن تتكلم في آلكنيسة *
36 : هل صدرت منكم كلمةُ آلله، أم إنتهت إليكم وحدَكم *
37 : إِن حَسِبَ أحدٌ نفسَه نبيًّا أو صاحبَ موهبةٍ روحية أُخرى ،
فليَعلم أنَّ ما أكتُبُه إليكم هو وصِيَّةُ آلرب *
38 : فإِن تجاهلَ ذلك تجاهلوه *
الثالث :- 1 طيم 2: 11-15
11 : على آلمرأةِ أن تتعلَّم بصمتٍ وخشوعٍ تام *
12 : لا أُجيزُ للمرأةِ أن تُعَّلِم ولا أن تتسَلَّط على آلرجل. عليها أن تلزمَ آلهدوء *
13 : لأنَّ آلله خلقَ أوَّلاً آدم ثمَّ حـواء *
14 : ما أغوَى آلشرير آدم بل أغوى آلمرأة فوقعت في آلمعصية *
15 : لكنها تخلص بآلآُمومة إذا لبثتْ على آلأيمان وآلمحبة وآلقداسة وآلرصانة *
ليس آلله إِلَه فوضًى بل إِله آلسلام !
بولس يدعو ألى آلنظام. حتى نفهم كلام بولس يجب أن نكون واعين على بيئة مسيحيى كورنثية. كورنثية مدينه مشهورة لاسيما بثقافتها آليونانية آلمتحررة، وآلجالية آليهودية فيها قليلة ومن آلطبقة آلكادحة. وآلمسيحية آلقادمة إليها مبنية على آلكتاب آلمقدس ورسلها يهوديو آلأصل إيمانًا وثقافةً. و هذا أدَّى إلى وجود تيّارين لا يتفقان دومًا على كلِّ شيء. وبولس مؤمن بآلمسيح آلكتابي لا بفيلسوفٍ جديد. يحملُ مسيحَه وخلاصَه إلى آلعالم آلوثني. فهو متأثِرٌلاهوتيا بعادات عصره المبنية على وحي آلكتاب. وآختلاط ثقافات مختلفة يؤَّدي أحيانًا إلى خلافاتٍ وصراعات داخلية وآجتهادات متعارضة. ومار بولس المتبَّحر في آلهوية آلكتابية للمسيح آلمخلص حريصٌ على فكر آلمسيح كما هو متعلِّقٌ بآلتراث آلفكري آلأدبي الأنساني على ألا يتعارضَ معه. فيحاولُ أن ببرر موقفه وينير آلفكر آليوناني بآجتهاد لاهوتي متأثر بآلعقيدة آليهودية، في حين يحاولُ آلتيَّار آلهِلّيني الحفاظ على تراثه آلفكري وتطعيمه فقط بما يوافقه من آلتراث اليهودي.
يتحدَّث بولس عن آلإجتهادات ألتي تجري في لقاءات آلعبادة وآلإحتفال آلأوخارستي ويريدُ أن تدور وفقَ نظامٍ لا يُخِلُّ بآلتقاليد آلمرعية ألكفيلة بسيادة الأيمان وآلأداب آلمسيحية، وهو آلقائل :” تخلقوا بأخلاق آلمسيح ” (في2: 5). لاحظ بولس خطرإفساد آلحياة آلمسيحية، بدلاً من تغيير آلسلوك آلوثني، بتصَرُّفاتٍ مستوحاة من آلفكر الديني عند آلوثنيين. يتحدث كلُّ من شاء وقال ما شاء ولبس ما شاء بدون تحديد أو تنسيق، حتى قال:” لو تكلم جميع آاحاضرين بلغات ودخل غريبٌ أفلا يقول أنكم جُننتم “(1كور14: 23). يدعو بولس آلتخَّلي عن عادة آلحديث آلحر وآلنقاشات الغريبة عن آللقاء آلأوخارستي. فيُنظمُ آلأحتفال بآلقداس: مَن يتكلم ومتى وكم، بغية آلبناء. لأنَّ هدف آلأجتماع هو آلتثقيف وآلتقديس لا إبراز آلمواهب. وقد قام نظامٌ عام بدأته الكنيسة في أورشليم وتبَّنته بقية آلكنائس حتى في بلاد آليونان، و أصبح قياسًا للأحتفال بآلأُوخارستيا فيُشَجِّع أهل كورنثية على آلأستمرار في آلتقَّيد به.
الرجُلُ رأسُ آلمرأة !
يُحَدِّد بولس موقف آلمرأة في آللقاء آلأُوخارستي. وآلمرأة تعني” ألأُنثى آلمتزوجة ” وليس كلَّ أُنثى. ويُطلبُ منها تغطية آلرأس، إِحترامًا للملائكة، أي لحضور آلله الذي وضَع نظامًا لكل شيء، ويطلب قداسة كل إنسان يهوديًا كان أو وثنيَّ آلأصل. إحترام حضور آلله يحُثُّ على آلحشمة وله جذورٌ في سفر آلتثنية :” ليكن مُخَيَّمُكَ مُقَدَّسًا لئلا يرى آلله فيك أمرًا غير لائقٍ فينصرفَ عنك “(تث23: 15). وآلنظام ضروري حتى بين آلمرأَة وزوجها :” إلى زوجك يعود إشتياقكِ، وهو يسود عليكِ ” (تك3: 16). هي وزوجها واحد، هو رئيسُها ومجدُها لأنَّه صورة آلله (تك1: 26)، ولأنَّها هي أُخِذت منه وخُلقت لأجله (تك 2: 22)، ولأنَّها أَخطأت يجب أن يكون سلطةٌ على رأسها :” ما أغوى الشرير آدمَ بل أغوى آلمرأةَ فوقعَتْ في آلمعصية .. لذا لا أجيز لها أن تُعَّلم ولا أن تتسلط على آلرجل.. عليها أن تتعلم بصمت و خشوع تام” (1طيم2: 11-14) وتُغّطيَ شعرَها علامةَ الخضوع لزوجها(1كور 11: 10). حياة آلمرأة مرتبطةٌ كلها بزوجها، وكلُّ ما تعمله يتعلَّق بعلاقتها مع زوجها، حتى في رفع تمجيدها لله. فتخضع له ولا تفعل شيئًا من بادرتها.
أُحكموا أنتم .. أما تُعلِّمكم آلطبيعة ..!
نظَّم بولس آلعلاقة بين آلزوجين أثناء آلقداس حسب آلتقليد آلسائد. عاداتٌ سادت آلمجتمع بأنَّ آلرجلَ يقُصُّ شعرَه ويكشِفُ رأسَه في آللقاءات آلجماعية آلرسمية، دينيةً كانت أو مدنية. إحترامًا للرئيس، كان آللهَ أو آلحاكم. أمَّا آلنساء فيُطوِّلن آلشعرَ ويُنَّظمنه ويفتخرن به. أما تغطيته أثناء آلصلاة فكان ممارسةً خاصًّة بآليهود. ويستشهدُ بولس بهذه آلتقاليد ويتمَسَكُ بها ويُشَجِّعُها رُبَّما لأنَّها كانت تخدم آلبشارة أكثر من آلتحَّرر وآلليبرالية. خاصّةً وكنائس آليهودية مستمرة عليها. أو ربما كان آلغطاءُ علامةً على زواج آلمرأة، مثل آلنقطة آلحمراء على جبين آلمرأة آلهندية، فلا ينظرون إليها بفكر شهواني أو برغبة آلزواج منها. فيبدو آلغطاءُ إرثُا تناقلوه من آلقُدامى ومما قلَّدوه من تفسيرٍ للكتاب. مع ذلك لم يَدَّعي بولس أنَّه تعليمٌ إلهي لا يقبل آلردَّ. قال بأنَّه ” توصيةٌ من آلرب ” لكنه أضاف حالاً :” إن تجاهل أحد ذلك، أي أمره ، تجاهلوه ” (1كور14: 37-38)، ولم يحكم عليه ولا طلب مقاطعته كما فعل مع آلزاني الذي قال عنه :” لقد حكمتُ .. على مرتكب مثل هذا آلعمل. فبآسم آلربِّ يسوع .. يُسَّلمُ هذا ألرجل إلى آلشيطان حتى يهلك جسده .. أزيلوا آلفاسد من بينكم ..” (1كور5: 3-7). ويكون بهذا قد أشار بولس إلى وجود مخالفين لنظامه، لكنه لا يبدو أنه إعتبر عدم وضع آلغطاء مخالفةً للعقيدة وآلآداب، بل للإلتزام آلعام فقط ، فآكتفى بقوله ” تجاهلوه “، كما قال آلرب :” إِن لم يسمع ولا للكنيسة فليكن عندك كوثنيٍّ وعشار” (متى 18: 17).