أنّنا للاسف نجهل معنى هذا الصلاة، والمُحزن حقا هو أنّنا لم نختبر النعم التي يُغدقها علينا الرّب بشفاعة الأمّ الحنون،” أمّه وأمّنا مريم” فنحن معها نصلّي للرّب يسوع، فمع مريم نصلّي المسبحة ليسوع، فهو وحده هدف كلّ صلاة، ومريم هي المعلّمة في الإيمان وفي حياة الرّوح، معها نسير نحو ابنها، اليه تهدينا، تعلّمنا معنى التلمذة والمثابرة على القداسة، وتعطينا أداة تساعدنا على البلوغ نحو الهدف.
المسبحة الورديّة، تختصر في أسرارها أحداث حياة يسوع، فهي سلسلة من نور وحبّ تربط التلميذ بمعلّمه وتربطنا بعضنا ببعض في رباط من صلاة متحدة وبمحبّة
هي سلسلة من حبّ ونور لطريق حياتنا، تبدأ بالميلاد ووتستمر بالصليب، والقيامة والصعود، لنعلم أن المسيح هو بدايتنا ونهايتنا، هو من دعانا بنعمته اليه، واليه تبلغ مسيرتنا لنصل الى القداسة حين نتّحد به. وفي هذا كلّه مريم حاضرة، هي المعلّمة تقودنا نحو ابنها، نتمتم صلاة الملاك في كلّ خطوة، نكرّر الصلاة لمريم ومع مريم ليسوع، ومعها نتأمّل في أسرار حياة ابنها وفي عمله الخلاصيّ، لنتعرّف كيف نصبح تلاميذ السيّد كلّ يوم أكثر فاكثر
لماذا نصلّي الى مريم؟ لأنّها أمّ الله وأمّنا، ولأنّها الشفيعة والمثال لكلّ واحد منّا في التتلمذ ليسوع. لقد سارت مريم على درب التلمذة فكانت التلميذة الأمينة، لم تكن تملّ من التعرّف كلّ يوم أكثر على سرّ ابنها. والى جانب كونها التلميذة الأمينة الوفيّة لسرّ يسوع، صارت مريم أيضاً المعلّمة في الإيمان، تعلّم تلاميذ الإبن كيف يحيون سرّ الوفاء والاخلاص للمسيح
صلاة المسبحة هي صلاة كنسيّة، لأنّها صلاة أبناء الكنيسة مع مريم أمّ الكنيسة، يرفعون صلاتهم نحو الآب والإبن بالرّوح الّذي يعطي الكنيسة القدرة على الصلاة. هي صلاة ولدت في الكنيسة، ترفعها الكنيسة حتى حين تتلى بشكل فرديّ. هي ليست صلاة ليتورجيّة، ولكنّها صلاة كنسية، أغنت
الكنيسة بنعمها، تلاها القدّيسون ونشروها أينما كانوا وسيلة عبادة لله وأكرام لأمّ يسوع القدّيسة. صلاة المسبحة هي صلاة انجيليّة، بصلاتها يحيا المؤمن من جديد أعمال السيّد الخلاصيّة، فيتأمّل في تجسّده في حشا مريم ساعة البشارة، وولادته في مغارة بيت لحم، وصولاً الى موته وقيامته، صعوده وإرساله الرّوح القدس.
يمكن للمسبحة الورديّة أن تكون خير وسيلة للتحضّر الرّوحي للقدّاس الإلهيّ، ولكن لا يجوز لها أن تحلّ مكان الإفخارستيّا أو أن تتزامن معها. كما أن مريم احتجبت ليعتلن سرّ ابنها، وجعلت نفسها خادمة سرّ يسوع الفصحيّ، كذلك تصبح صلاة المسبحة في خدمة سرّ الإفخارستّيا، تهيّئ المؤمن روحيّاً للدخول في سرّ الأسرار وتحتجب لحظة يبدأ الإحتفال بالسّر
كما أنّه لا ينبغي أن نغفل عن أهميّة التأمّل في الأسرار، أي في الأحداث الخلاصيّة التي أتمّها الله في تاريخ شعبه، وهكذا تصبح صلاة المسبحة تأمّلاً مصليّاً في الإنجيل، نعبر عبرها في جميع مراحل حياة المعلّم علي الأرض وصولاً الى إتمام عمل خلاصنا والدخول في المجد السماويّ
المسبحة الورديّة صلاة تعليميّة، تقود المسيحيّ على دروب حقائق الإيمان، ادراكا حينما يصلّي، ومن خلالها تستمرّ مريم في لعب دور المعلّمة في الإيمان في حياة تلاميذ ابنها
بهذا المعنى يقول البابا بندكتوس السادس عشر “عظة ٣ أيار 2008 ” مع مريم، تفتحون روحكم أمام الرّوح القدس، لكيما يوحي اليكم بالمهام التي تتنظركم فلتكن مريم قدوتكم وسندكم”. “عظة البابا يوحنّا بولس الثاني، ٦ أيار 1980 ”
لنصلي :
السلام عليك يا مريم يا ممتلئة نعمة الرب معك مباركة انتِ في النساء ومباركة ثمرة بطنك يسوع يا القديسة مريم يا والدة الله صلّي لاجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا . امين