البابا يُقَّبلُ يدَ يهـوديَين !

أهلا وسهلا بالأخ جنان الطحّـان.

إستفاد الأخ جنان من عدم الرد على السؤال الأول بطرح سؤالٍ ثانٍ يقولُ فيه :

لماذا قَّبَلَ البابا يدَ يهوديَيْن أثناءَ زيارتِه لآسرائيل ، لم أكنْ أعرفُ مقدارَ عظمتِهم !!!.

الخَــبَر !

لا أدرِ إنْ كانت وسائل الإعلام أشارَت الى ذلك. أنا شخصيا لا آنتبهتُ الى ذلك ولا سمعتُ من أيةِ فضائية أنَّ البابا فعلَ ذلك. ولم يُشِر السائلُ الكريم إلى مصدر المعلومة. معَ ذلك يمكن مناقشة الموضوع. إنْ كان البابا قد فعلها معَ سَّيدات من دائرة المسؤولين فذلك علامة إحترام ومن آداب البروتوكول الدبلوماسي. هكذا يفعل كل الرؤساء. ولن يكون قداسة البابا أقلَّ مكانةً وثقافة وتهذيبًا حتى لا يعترف بمقام الآخرين ، ويُعطي للعالم صورة إنسانٍ جاهل أو، مع كل الأحترام لشخصِه ومقامِه ، ” قليلَ الأدب “.

وإذا كان قد فعلها مع مسؤولين يبدون تجاهه إزدراءًا فلن يكون فعله خاطئًا لأنه بقبلةِ يد ذاك المتعَجرِف يُعَّلِمه البابا اللطفَ والتواضُع ، ويُلَّين بذلك قلبه المتحَّجر ويدعوه الى النزول عن قمَّتِه الواهية ، و إلى الأنفتاح على الحوار والتآخي.

القُــبلة !

وأمرٌ أكيد بأن البابا ، إن كان قد فعلها ، لم يفعَلها عن الشعور بالنقص ، ولا بنية المراءآت أو التمليق. لابد وفعلها تلطيفًا للأجواء. لأنَّ القبلةَ علامة المحبة والمسالمة. ومن طبيعتِها أن تُهَّدئ الأعصاب المتوترة وتخلق جّوًا من المودة وقبول الآخر وآحترامه. الطفلُ إذا قَّبَلْتَه يفرحُ ويبتسم. أما إذا خنزرتَ في وجهه أو إحتقرتَه ولم تولِه إهتماما فيتجَّهمُ ويبكي. وإذا عضَّيتَه يثورُ ويصرخ لأنه يخافُ ويعترضُ ويدافعُ عن كرامتِه. ويذكر التأريخ بأنَّ خلافات كثيرة وعِداءات بين عشائرَ أو دُول حُلَّت بخلق المودة والقرابة بواسطةِ تزويج شبابهم ببعضِهم ، أى بسلاح المحبة ، وذلك حقنًا للدماء ولأحلال السلام والوئام. اللطفُ علاجُ التوَّتُر والتعَّنت والتصَّلب في المواقف المتناقضة والمتعادية.

فإذا كان البابا قد قَّبَلَ يد يهودي أو أكثر فلكسر طوقِ العزلةِ والعِداء، ولتنمية المحبة والسلام والوفاق ،وللدعوةِ الى الكَّفِ عن الخوف والحذر والعنف. القبلة دعوةٌ الى التعايش السلمي بين اليهود وجيرانهم والتعاون الأخوي بين كل فئات البشر، حتى لو كانوا مختلفين بينهم في الدين أو القومية أو الثقافة.

وإذا إعتبَرنا قبلة البابا تنازلا أو جُبنا ، وبالتالي خطأً لا يليقُ بمقامه الرفيع، فماذا نقولُ عن يسوع وهو ” رَّبٌ ومعَّلم “، ولا منصبَ أرفعَ منه ولا قوة أو علما يُنافسُه ، وقد غسلَ أرجلَ 12 يهوديا وقَّبَلها ، وبينهم من خانه وسَّلمَه للموت ؟. لاسيما وكان يسوع عالمًا بكل شيء ؟.

يومَ أُنتُخِبَ البابا وطَّلَ على الجموع المحتشدة في ساحةِ مار بطرس ليباركَها ويُباركَ العالمَ معها ، طلبَ من تلك الجموع أن تُبارِكَه هي أولا وأحنى رأسَه أمامها ثم بارَكَها. كان ذلك تواضُعًا ولُطفًـا إكتسحَ قلوبَ الملايين. فإذا كان اللهُ قد قَّبَل أقدامًا وسخة للبشر ليُعَّلمهم الخدمة والتواضع فكم يكون ساميا تصَّرفُ البابا إذا كان فعلا قد قامَ به ، لأنه يكون يُكَّملُ عملَ يسوع ليكسبَ البشرَ لمملكةِ الحَّقِ والبر.

القس بـول ربــان