الأحـد الثاني للميلاد

يُحتَفَلُ فيه عادةً بعيد تقدمة يسوع في الهيكل

   والمعروف شعبيًا بـعيد سمعان الشيخ     

تتلى علينا اليوم القراءات  :  خر2: 1-10؛ إش49: 1-6 2طيم2: 16-26 ؛ لو2: 22-35

القـراءة : خروج 2 : 1 – 10 :– يولَدُ موسى تحت ظرفِ الإضطهاد. أطفالُ العبرانيين الذكور يُقْتَلون. لكنَّ والديهِ يُخفونَه إيمانًا بخلاصِه. ثم يَصفى في قصر الفرعون حيثُ يترَّبَى ويتَثَّقَف.

القـراءة البديلة : إِشَعْيا 49 : 1 – 6 :– إختارَ اللهُ نبِيًّا أقامَهُ رسولَه لدى الشعب ليُوَّبِخَه ويُعيدَه إلى الصواب حتى يُصبحَ للأُمم نورًا وخلاصًا.

الرسالة : 2 طيمثاوس 2 : 16 – 26 :– يحُّثُ الرسولُ على تجَّنُبِ الكلام الباطل و الأهواءِ الشبابية والجدالاتِ العقيمة، وعلى العيشِ في المحَبَّة والسلام. كما يحُثُّ المسؤولَ على إدارةِ الجماعة بالوداعةٍ والصبر.

الأنجيل : لوقا 2 : 22 – 35 :– يُقَدَّمُ يسوع في الهيكل وتُقَرَّبُ عنه ذبيحةُ الفِداء حسبَ الشريعة، لأنَّه البكرُ فاتحُ الرحم.

                             لِنَقرَاْ كلامَ الله بفرح ٍ وآنتباه

الصلاة الطقسية

قال موسى لشعبِه: ” يُقيمُ لكم الرب إلهكم نبِيًّا مثلي من بينكم..” (تث18: 15). ويوجدُ فعلاً تقارُبٌ كبير بينهما. منها ولادتهما والموت يكمنُ لهما، فيتغَرَّبان عن أهلهما وشعبهما لفترة (خر1: 22؛ متى2: 16). ثم يلاقيان تمَرُّدًا وتهديدًا مع محاولة التَّخلص منهما (عدد14: 4-10؛ 16: 3؛ 20: 2-5؛ لو4: 29؛ يو5: 18؛ 7: 30؛ 11: 53). لكن الترانيم الأساسية لم تتطرق إلى موضوع التشابه هذا، كما لم تتطرَّق أصلاً الى موضوع عيد التقدمة، رغم إقتصار الأنجيل عليه، بينما تُنَّوهُ إليه بعضُ ترانيم أخرى أو فقرات من الصلاة. والسبب أنَّ عيد التقدمة دخيل جديد، مثل الختانة ومعها، على الطقس الكلداني. وعندما لا يوجدٌ أحدٌ ثانٍ للميلاد، ولا جمعةٌ بين رأس السنة وعيد الدنح، لم يُحَدَّدْ له الى الآن تأريخٌ خاص وثابت كي يُحتفلَ رسميًا ولو بذكراه. أما صلاة اليوم فتابعت مواضيع ميلادية منها بتولية مريم ومُهِمَّة يسوع الخلاصية وعظمة سر التدبير الألهي وتجديد الخليقة على يد المولود الجديد.

الترانيم الأربع

1+ ترنيمة الرمش : ” كما أفرعَ عصا هارون هكذا حبَلَتْ البتول أيُّها اليهودي الناكر. ذاك

     لمْ يُزرَعْ ولم يُسقَ ونبَتَ. والبتولُ بلا رجل ولا زرع حبِلَتْ بأمرِ الله. أظهرَ ذاكَ العصا

     ثمرًا عجيبًا. وقدرةُ العلي جاءَتْ وحَلَّتْ على المملوءةِ نعمةً. فآستَحَّقَتْ أنْ تلدَ يسوعَ

     المسيح مخَّلصَ العالم. الذي له نسجُدُ ونقول: عظيمٌ يا رب سِرُّ تدبيرنعمتِك. المجدُ لك”.

2+ ترنيمة السهرة : ” سارَ نجمٌ في العُلى وأضاءَ المشرقَ والمغرب. وبَشِّرنا بميلادِكَ الذي

     لا يُدرَكُ. لا بكلماتٍ بل بشُعاع، ولا بصوتٍ بل بالجريِ. وأظهرَ لنا وللخليقةِ كلِّهاعَجَبًا

     بكشفِ ميلادِك. يا مُخَّلصَ الكل ، المجدُ لك ” *.

3* ترنيمة الفــجر : ” نحمَدُكَ يا صانعَنا لأنَّك رحيمٌ على الخليقةِ كُلِّها وتحملُ في حنانك

     الصالحين والأشرار وتُعطي بسخاء عونًا للناس ، يا غزيرَ المراحِمْ ، المجدُ لك ” *.

4* ترنيمة القداس : ” تجَدَّدَت السماءُ والأرض بالمولودِ المجيد الذي ظهر من البتول. ومنذُ

     أنْ أَعلنَ الملائكةُ السلامَ إِمتلأَت الخليقةُ لأصواتِهم برجاءٍ صالح، ولن تنعكسَ من الآن

     و صاعدًا بعمل الخطيئة التعيس. لقد شُوهِدَ في بيتَ لحمَ الذي يرفعُ الإنحراف. ولن

     تُتْرَك بعدَ الآن في فسادِ الموت. بل ستفرحُ وتبتهجُ بالخلاصِ الذي ، في حُبِّهِ ، صنَعَه

     الخالِقُ بآبنِه الذي صارَ وسيطًا وذبيحة لأجلنا. يفرحُ العُلى والأسفلُ بيوم ميلادكَ يا

     مُخَّلِصَنا ، المجدُ لك ” *.

التعليم

أن تلدَ بتولٌ بدون مشاركة ذكر ليس أمرًا سَهلاً للقبول. لكنه ليس أصعب من الخلق، أي إيجادَ كائن من لا شيء. وأصعبُ الأشياء هو فهمُ الله في جوهره: في حياته و قدرته و حكمته. لكن واقع الوجود يفترضُ مَنْ أَوجَدَه. وعظمة الكائنات الموجودة، ونظام تكاثرها أو إستمرارها في الوجود بتمديد الحياة من الأول للتالي، ونظام الكون ، هذه كلُّها ليست قابلة الإدراك. إنمَّا وجودها وبقاؤُها وآستمرارُها يفرضُ ذاتَه على الأنسان الذي يتساءل ويبحث ويريدُ الجواب. ولا جواب غير الأيمان بالله مصدر كلِّ ذلك. فمن صنع ونظَّمَ قادرٌ أن يفعلَ أمرًا جديدًا يدخلُ ضمن أعمالِه العجيبة والمُذهِلة. ولقبول ما أتت به المسيحية نحتاجُ أيضًا الى الأيمان بكل عقيدتها وتعليمها. فنَفهَم أن تلدَ مريم وهي بتول إذا إفتهمنا من هو المولود منها، يسوع المسيح، ونؤمن به وبرسالتِه. فالله الذي صنع الأنسان قادرٌ أن يحُّلَ فيه ويتجَسَّدَ أي يأخذ منه الناسوت الذي خلقه بنفسِه. ولا يحتاجُ الى تدخل إنسان آخر.

ومن جهةٍ ثانية سببُ تجَّسد الله هو محبته للأنسان، وهدفُه هو إنقاذُ الأنسان من ورطته الأولى وإعادته إلى مقاسمة حياة الله في مجدها وراحتها. يريد الله تجديدَ الأنسان ليتجَدَّدَ معه سلوكه. فكان يجب أن يوجدَ آدمٌ جديد وحواء جديدة ليضُّخوا في البشرية حياة جديدة، تكون روحية تشبه سلوكَ الله نفسِه في الحَّق والمحَّبة. وهذا ما أصدَت له الترنيمتان، الأولى والرابعة. هذا هو سِرُّ الله الذي قالت عنه ترنيمة الرمش:” عظيمٌ يا رب سِرُّ تدبير نعمتِك. لكَ المجد “. بينما قالت ترنيمة القداس: ” تجَددت السماء والأرض بالميلاد المجيد. وآمتلأت الخليقة برجاءٍ صالح .. صار المسيح وسيطًا وذبيحةً لأجلنا “.

الصلاة

تدعونا الكنيسة إلى الأيمان بالله وبعمله وبتدبيره وأن نحمَدُه، كما قالت ترنيمة الفجر، لأنَّ ذلك تمَّ بسبب رحمة الله على الخليقةِ كلها، وهو غزير العون للناس. فميلاد المسيح سببُ فرحٍ لنا، كما نوَّهت بعضُ فقراتِ أخرى، منها المدراش مع ترنيمة الفجر، والشكرعلى حُبِّه ورحمته و عنايته، ولاسيما على تحقيق ما تنَبَّأَ به أنبياءُ عديدون. فـ ” مُـمَّجَدٌ الحبلُ بكَ الذي بشَّر به الملاك. وميلادُكَ الذي أعلنه النجم. وتجَّليك الذي إستقبله سمعان وحمَلكَ بحُّب على ذراعيه “.