عـيد يسوع المَــــلِك
تتلى علينا اليوم القراءات : 1مل6: 11-19 ؛ حز43: 1-7+44: 1-5 ؛ عب9: 24-28 متى22: 41-23: 5
القـراءة : 1 ملوك 6 : 11 – 19 :– يبني سليمان هيكلاً للرب. يقبلُ به اللهُ. لكنَّه يُؤَّكدُ أنَّ رضاهُ الأكبر هو في حفظِ شريعتِه وتمجيدِ آسمِه بين الأُمم.
القـراءة البديلة : حزقيال 43 : 1 – 7 + 44 : 1 – 5 :– الهيكلُ مُقَدَّسٌ لأنَّه مُكَرَّسٌ لتمجيدِ الله، وهو رمزُ ناسوتِ المسيح المُمَّجد والمُنتَصِرْ على الخطيئة.
الرسالة : عبرانيين 9 : 24 – 28 :– كان رئيس الكهنة يدخلُ كلَّ سنةٍ قدسَ الأقداس ليقرب ذبائح حيوانية. أما المسيح فدخل السماء مرةً واحدة بتقديم ذاتِه ذبيحة لله، وأزال خطيئة الناس.
الأنجـيل : متى 22 : 41 – 23 : 5 :– يُبَرهنُ يسوع للفرّيسيين أنَّ المسيحَ إِلَهُ داودَ و ربَّه، وإن كان إِبْنَه بالناسوت. ثمَّ يُنَدِّدُ برياء الفِريسّيين ويُحَّذِرُ منه.
لِنَقْرَأْ كلامَ الله بشوقٍ وآنتبـاه
الصلاة الطقسية
كنيسة المسيح هي البشرية جمعاء، من آدم وإلى آخر إنسان يولد على الأرض. لكنَّ أولادَ الكنيسة هم من آمنوا بالمسيح وعاشوا: إما إنتظارًا لقدومه وعلى رجاء خلاصِه بغفران خطيئتهم، أو إيمانًا بحضوره وقبول تعليمه والتحَّلي بسلوكه والشهادة للحق بنبذ الشَّر و الكفر برئيس العالم الزائل. لقد وَحَّدَ يسوع البشرية بذاته وجعلها جسمًا واحدًا هو رأسُه وهو جسدُه. والذين تقاطروا عليه وتضامنوا معه إشتركوا في مجده حالاً منذ قيامته التي كانوا ينتظرونها وبشرَّهم بها وفتح لهم باب الملكوت (لو23: 43؛ 1بط3: 19). وستلحقهم قوافلُ أعضاءِ جسدِه الصامدين على الحق بدءًا من إسطيفانوس وإلى من سيشهدون له بدمائهم، أو يرقدون على رجاء القيامة. لقد إنطلقت الكنيسة في السماء وعلى الأرض. لقد قالت ترنيمة للمجلس:” يا مخَّلصَنا لقد أتممتَ بقوتك العظيمة هيكلك المقَدَّس، و وضعتَ بنعمتك أُسُسَ كنيستك التي إخترتها لوقارك. هوذا السماويون والأرضيون يفرحون اليوم بعيد تقديسها “. المسيح في المجد ومعه الكنيسةُ المُمَّجَدةُ ترفعُ أصوات التهليل وألحان التمجيد :” قدوس ، قدوس،..الرَبُّ الإلَهُ القدير. كان وكائنٌ ويأتي” (رؤ4: 8؛ 5: 13؛ 7: 12-17).
ومن الأرض تشترك الكنيسة المجاهدة ” مع جموع العلى وترفع المجد، تقديسٌ من فوق وتمجيدٌ من أسفل، مبتهلة بمحبة ليسودَ الأمن على أولادها، فتكون ملجَأَ ًا للأجيال والقبائل حتى يُسَّبحوكَ فيها شاكرينك يا مُخَّلِصَنا : المجد لك “. وتُحَّرضُ الكنيسة على الأرض أبناءَها ” تعالوا ننشدُ، مع السماويين، المجدَ للمسيح الذي عظَّم كنيستَه ونَصَّر كهنتها في كل الأنحاء وسَلَّمهم سُلطان العُلى والأسفل .. يفرح السماويون والأرضيون ويصرخون معًا المجد لسيادة الملك المسيح”. وتكمل كنيسة الأرضِ جهادَها الى مجيء المسيح الثاني. بينما تسألُ كنيسة السماء العدالة من أهل الأرض:” الى متى أيُّها السَيِّدُ القدوس الحَّق لا تدينُ سكان الأرض وتنتقمَ منهم لدمائِنا “؟ (رؤ6” 10).
الترانيم
1+ ترنيمة الرمش :” أيَّتُها الكنيسة المَلِكة أُشكُري إبنَ الملك الذي خطبكِ وأَدخَلَكِ خِدرَه
وأعطاكِ صِداقًا الدم الذي أفاضَه من جنبِه. وألبسَكِ بدلةً النور البهي الذي لا يزول. و
وضع على رأسك إكليلاً للمجدِ سنِيًّا ومجيدًا. ومثل بخور نقي عَطَّرَ رائحتكِ قُـدّامَ كلِّ
الناس. وكَثَّر جمالكِ مثل الورد وزهور نيسان وفقاحِه. وحَرَّركِ على الجلجلة من
عبوديةِ الأصنام. فالآن أُسجُدي لصليبِه الذي بِه تألَّمَ من أجلكِ ورفعَ ذُلَّكِ. وكَرِّمي
الكهنة الذين بَجَّلوك بأفعالهم. وآصرُخي له : المجدُ لك “*.
2+ ترنيمة للمجلس :” كَلَّلَ إبنُ الله كنيسته التي خطبَها بالسناءِ والمجد. ودعا إلى عرسِها
جموعَ السماءِ مع الأرضيين ليخدموا في مجلسِها * ضفر لها أكاليل من الأشِّعة المجيدة
لنور أبيه الخفي، و وضعه على رأسها ومجَدَّها * أرسلَ أمرَه الى مُفترقِ الطُرُق، فدعا
ونادى جميعَ الأجيال ليَأتوا ويُقَدِّموا هداياهم، في عرس الكنيسةِ كَنَّةِ الملك. التي خطبَها
بحُبِّهِ إبنُ العلي* أتى الكهنةُ وأهدوا مراتِبَهم. أهدى الأنبياءُ نبوءاتِهم. أهدى الرسلُ
بشارتَهم. أهدى الشهداءُ دم رقابِهم. وجموع العُلى قداديسَهم، وكلُّ الشعوبِ سجودَهم*
تبارَكَ الذي نصبَ عرشَه في كنيستِه. وملأَ مجدُه وبهاؤُه صُروحَها. ومع الروحانيين
نُقَّدسُه ونقول : المجدُ لك “*.
3+ ترنيمة السهرة :” أيُّها المسيحُ مخَّلِصنا، قد تجَّليتَ لنا وخلَّصْتَنا بقوَّة يمينك وشِدَّتِها ،
فثَبِّتْ بحنانِكَ كنيستَك و وَّفِقْها برحمتك، وباركْ جميعَ الذين يسكنون فيها وآحفَظْهم *
أعطِ يا مُخَّلِصَنا قوَّتك العظيمة وأَحِلْها في كلِّ الكنائس. فيخدمَ بتقوى الكهنةُ الذين فيها
وهم يشكرونك. وأَعطِنا أنت أن نبتهلَ كلنا بدون آنقطاع بآتّفاقٍ وإيمان، بحُبٍّ كامل، و
نحن نشكرك. ونصرخُ كلُّنا يا سَيِّدَ الكل : إستجِبْ لنا أنتَ بحنانك وآرحمنا “*.
4+ ترنيمة الفجر :” أيُّها المسيح الذي سالمتَ بمجيئِكَ الخليقةَ كُلَّها مع مرسِلِكَ، تحَنَّن على
كنيستِكَ المفتداة بدمك وأزِلْ منها الأنقسامات والأنشقاقات التي أدخلَها النَّمامُ على تدبير
تأَّنُسِكَ العجيب. وأَقِمْ كهنة يُعلنون الأيمان المستقيم “*.
5+ ترنيمة القداس :” بلغنا الى ميناء الأسرار التي لا توصَف لنأخُذَها ونستَحِّقَ كلُّنا أن
نغسلَ نفسَنا من الدنس ونقتربَ الى الذبيحة الطاهرة بلا عيب، ونرثَ حياة الأبد التي لا
تنتهي لغيرالمائتين. كما وعد المسيح ملِكُنا أحِبّاءَه. ونتواجَهَ مع الله بتهاليل الشكر. ومع
آلافِ الكاروبيم وربوات السرافيم نقولُ معًا : قدّوسٌ قدوسٌ قدوسٌ أنتَ يا ملكَ المجدِ
البهي. إرحمنا “*.
التعليم
قال المدراش بأنَّ كنيسة العهد القديم تقَلَّدتْ ايمانها وسلوكها ونُظُمَها ” بدءًا من آدم والى سبي بابل. هنا تبَدَّد الشعبُ وزال وبطلت كلُّ فروضِهِ ونُظُمِه. وبدأ يجري تقليدُ الرسل. تبارَكَ سَيِّدُ تقاليدهم “. إنَّه العهد الجديد الموعود؛ ” ها هي أيّامٌ تجيءُ، أقطعُ فيها لبني إسرائيل ولبني يهوذا عهدًا جديدًا.. وبهذا جعل العهد الأولَّ قديمًا. وكلُّ شيء عتَقَ وشاخ يقتربُ من الزوال ” (عب8: 8-13). لم يعُدِ اللهُ يرضى بعدُ بالذبائح والمحرقات الحيوانية. فأقامَ عهدًا جديدًا في المسيح، بذبيحة دمه الكفارّية، وشريعةً تنطبعُ في الضمير والقلب ” (عب10: 5-16). قَلَّدَ موسى هارونَ الكهنوتَ وتسلسل حتى المعمدان. ويسوع قلَّدَهُ رُسُلَه والرسُلُ الكنيسةَ :” أنا من الرَّبِ تسَلَّمتُ ما سَلَّمْتُه إليكم ” (1كور11: 23) يقولُ بولُس. و بطرس أيضًا يُذَّكرُ بأن سلطانه من الرب (أع15: 7؛ متى16: 16). وقالت الصلاة ” الختن السماوي أقام في الكنيسة كهنةً وأنظمة اللاويين”. مارس الرسل الكهنوت ونظَّموا خدمتَه. و ما عَمِلَه الرسل وعَلَّموه و نظَّموه جرى قاعدةً في الكنيسة قلَّدته الأجيال التالية. وتابعَ فقالَ المدراشُ :” هوذا يجري في الكنيسة تقليدُها، مبارَكٌ الذي سَلَّمنا أنظِمَتَه “.
لم يعد لحمُ الذبائح يقيتُ الكهنة، ولا المنُّ والسلوى لأنَّ من أكلها لمْ ينل غفران خطاياه، لم يشترك في الحياة الألهية. ماتوا. كان طعامًا أرضيا. أمَّا الآن فأصبحَ جسدُ المسيح الذبيح نفسُه قوتًا لكل المؤمنين. إِنَّه الخبزُ الألهي الحَّي الآتي من السماء (يو6: 48- 56). فقد أعطى يسوع لكنيسته ” جسدَه مأكلاً حَيًّا وأمسك بيدها كأس الخلاص بالدم الثمين الذي جرى من جنبه “. كما أعطاها بقية الأسرار ضمانًا لتغطية حياتها كلِّها بالنعم، وبالأَّخص سر الكهنوت ” الدرج الذي يرفع الى السماء”.
دعت الصلاة الكنيسة الى الحمد والشكر وهي تجري نحو نهاية المطاف:” يا كنيسة مقدَّسة أُسجدي للختن الذي خطبكِ وآشكريه لأنَّه دعا أولادَكِ إلى عرس الحياة الروحية “. فباركت الصلاة الرب :” تبارَكَ الذي نصبَ كنيسته على الأرض وأسَّسَ منازلَها في العُلى. وعلى حجر سمنجوني صَّفَ أساسَك وأحَّلَ فيك مجدَه و قدَّسَكِ. تبارَكَ الذي أعطاكِ، يا كنيسة ، سُلطانًا في العُلى والأسفل. وسَلَّم بيديكِ الكهنوت و وعدَكِ بالملكوت “. ورفعت له الكنيسةُ الشكرَ على فم كهنتها. ومزجت الشكر بإيمانها ومحبتها وآبتهالاتها.
ترفعُ الصلاةُ تضَرُّعَها من أجل الكنيسة :” أيُّها الإبنُ المسيح الذي أتى لخلاصِنا تذَّكَرْ كنيستك التي إقتنيتها قديمًا. أخضعَ لها الشعوب المتخاصمة، كما وعدتَ لبطرس ناصِبِها أنَّ أبوابَ الجحيم وطغاتِها لن يغلبوها أبَدًا. كَمِّل معها كلامك يا مُخَلِّصَنا لأنَّكَ أنت َمَلِكُها ومُدَّبرُ أولادِها، وفخرُ المنتمين إليها “. وتبعتها صلاة ثانية :” يا رَبَّنا إحفَظْ برحمتكَ كنيستَك التي إخترتَها وثَبَّتَها سابقًا. أَزِل عنها الحروب والصراعات. و شُدَّ أولادَها بالحُّبِ والآتّفاق. ليكن كهنتها بسلام وإيمان مستقيم. إِحفَظْ بحنانك راعيَها ليكون نصيرًا ويسألَكَ كلَّ حين من أجل رعِيَّتِه”. يا رب وَثِّقْ صلاتنا بصلاتِك:” إجعلهم كلَّهم واحدًا، ليكونوا واحدًا فينا… كما أنتَ فيَّ وأنا فيكَ” (يو17″ 21)، فيؤمن العالمُ بكَ ويسمعَ لكنيستَك.
وفي الختام نرفعُ مع الكنيسة هذا الشكر الذي نسجَتْه الصلاة، فقالت :” يا رب ! لك ترفعُ رعِيَّتُكَ الشُكرَ لأنَّكَ إنحنيتَ نحوها برحمتك. ولأنَّك أخذتَ من الجنس رهنَ أمنٍ لأجل حُبِّك و وَحَّدْتَه بأقنومك الألهي لإِتمام تدبيرك. إنَّه سِرُّ خلاصِنا المجيد والذي لا يُوصَف، الحبُّ العظيمُ للاهوتِك إِذ صِرتَ وسيط المراحم لأجل أولادِها، رئيسَ أحبار عظيم به غُفِرَت ذنوبُنا ، نِعمَةً “.