أهلا وسهلا بالأخ المؤمن !
إِطّلعَ أخ مؤمن، أبى ذكر إسمه ولا إسماء من نقلَ الخبر عنهم، على أمورٍ تجري لإخوة مسيحيين، كاد لا يُصَّدقُ لا عينه ولا أُذنه، خلف ستار ممارسة الشعائر الدينية والإدّعاء بإيمان مستقيم. صعقته الحيرة فأخذ يلوذُ بأحدٍ يقدرُ أن يخمدَ لهيب غيرته، ويفتح بصيرته على حقيقة ما يحملُ إلينا الأيمان المسيحي. وذكر ما يلي :
- ما هو موقفُ الكنيسة عندما تكون الخيانة الزوجية ” بِعِلمِ ” الزوجة وموافقتها ؟
- هل يجوز لنا نحن المؤمنين أن نُبَّررَ ونُحَّلِلَ لأنفسِنا مثلما يعجبُنا نحن ؟
- هل يحُّق فعل ذلك بآختلاقِ حُجَّجٍ ، مثل : ” أنا مرضة !
- تقدر أن تفعلَ أيَّ شيءٍ يُريحُكَ !
- المهم أن تكون أنتَ راضيًا ومُرتاحًا !
- أتسَّتر على سمعة عائلتي! أحميها !
- أما يجدرُ وينبغي للزوجة أن تنصَحَ زوجَها وتساعدَه ليُصلِحَ سلوكَه ؟
- عوضًا عن أن تُشَّجِعَه فتُخَّولُه إقترافَ الزنى؟
لا تَـزنِ ! وصّية الله السادسة {خر20: 14}
هذه هي وصّية الله أوحاها إلى موسى. لماذا حَرَّمَ الله ” الزنى”؟ لأنَّه دمار الأنسان. خلقَ اللهُ إنسانًا واحدًا. لم يخلُق كائنين، بل” كائنًا واحدًا “. وضعَ فيه قوَّتَه الخلاقة، لتمديد الحياة الأنسانية. ولكي يقدرالأنسانُ أن يُؤَّديَ المهمة جَزَّأَه الله إلى نصفين، أي شخصين مُتكاملين. يحملُ كلُّ واحد منهما سمةً خاصَّة، ذكرًا أوأُنثى. وأوكلَ إلى الأنسان، بجزءَيهِ، أن” يتكاثرَ” فتنمُوَ الأنسانية (تك1: 28). إِنها مهمَّة روحية إلهية مقَدَّسة. ولكي لا يستثقلَ الأنسان المهمة بل يلتَّذُ بها ويرتاح، كما إرتاح الله بعملية الخلق (تك2: 2)، لأنَّ كلَّ ما صنعه كان” حسنًا جِدًّا ” (تك1: 31)، أرادَ للأنسان ايضًا أن ينجبَ آخرين براحةٍ ولَّذة. أرادَ أن يفرحَ بعمله و يفتخر ويَهنأ. ويتمُ الأنجاب نتيجة علاقةٍ جنسية مرغوبة بين جزءَي الأنسان.
حتى تقوم تلك العلاقة يجب أن تسبقها وحدة كيانية بين الجزءَين. أي يجب أن يُصبحَا أولاً إنسانًا واحدًا بالفكر والقلب، بالمعرفة والمحبة، قبل وحدة الجسد. فلا تصُّحُ وحدة جسدية بين إثنين قبل وحدة الروح. و وحدة الروح تبدأ مع الزواج الذي يتأسسُ عليه تكامل الأنسان . لأنَّ روح الأنسان على صورة الله فهي أسمى من الجسد الذي هو تراب (تك2: 7). لذلك فشريعة الروح أسمى من رغبة الجسد ولذَّته. ولمَّا كانت العلاقة الجسدية الجنسية محصورة بين مُتزوجَين علنيين، من أجل النسل ومسؤولية تربيته، أصبحت حرام كل علاقة مخالفة لها. لأنه من سيتحَّملُ نتائج تلك العلاقة؟ وكيف تُعالج النتائج؟. وكلُّ فعلٍ يُضاددٍ النظام الطبيعي الألهي ويحاولُ تغيير نتائجه يُعتبرُ مُخالفةً مُهينةً ومسيئة للأنسان نفسِه. فإنَّ قِيَمَ الزواج تكفلُ راحة الزوجين وسعادتهما. وإذا لم يحترمها الأنسان يفقدُ راحته و يثورُ عليه ضميرُه عاجلاً أم آجلاً ويُقلقُه. لأنَّ كلَّ فعل جنسي خارج الزواج حَرَّمه الله يوخز الضمير. لأنَّ اللهَ لم يخلق الأنسان لشهوة الجنس. بل وضع فيه هذه الشهوة من أجل راحةِ الأنجاب. هذا ما تُعَّلِمُه الكنيسة بشأن شرعية الجنس والزنى المخالف له.
قـيل لكم : لا تـزنِ !
أما بخصوص صلاحية الأنسان عامَّةً، والزوجين خاصَّةً، فهل خَوَّلهما الله بأن يُقَّررا أن يمارسا الجنس على راحتهما، أي في الوقت الذي يرغبان ومع من يرغبان، وأن يُخَّولا الواحدُ الآخرَ ليمارس الجنس مع من يشاء ؟. لا يبدو الأمرُ كذلك. فالله نفسُه شَدَّدَ : أولاً على حصر الجنس بين مُتزَّوجَيْن لما قال :” قيلَ لكم لا تزنِ. أما أنا فأقول لكم” من نظر الى إمرأةٍ (أُنثى متزوجة) وآشتهاها زنا بها في قلبه” (متى5: 27-28). وثانيًا على حصر الحل والربط برئيس الكنيسة وأساقفتها :” ما تحله أو تربطه (بطرس وحده) {متى 16: 19 }… ما تحلونه أو تربطونه (بطرس وبقية الرسل معا) “{متى18: 18}، مُشَّددًا على طاعة المؤمنين لهم حيثُ قال:” من قبلكم فقد قبلني” (متى10: 40)، ” ومن لم يسمع منكم لم يسمع مني” (لو10: 16). لا ننسى أن الزوجين أصبحا إنسانًا واحدًا، والرابط الجسدي هو الجنس. فإذا أُحيل هذا الرابط الى آخر تنفصم عرى الوحدة بين الزوجين. و لهذا لا يوجد في المسيحية طلاق: ” من طلَّق إمرأته عرضها للفحشاء. ومن تزوَّج مطلقة زنى ” (متى5: 32). هذا بشأن عدم صلاحية الزوجين في تخويل الشريك إلى شخص ثالث. ومن فعلها يخطأ لأنه، حسب قول مار بولس، يتبع ” مذاهب شيطانية ” (1طيم4: 1) ويتحَّمل كاملَ المسؤولية أمام الله.
الزوج الكافر يتقَدَّس بآمرأتِه ! 1كور7: 14
عند عقد الزواج لا تشترط الكنيسة أن يكون الغاقدان قدّيسين. تطلب منهما أن يكونا في حال النعمة لنيل نعمة الزواج كاملةً. أما القداسة فيُفترَضُ فيهما، وتدعوهما الكنيسة الى ذلك، أن يصبوا الى البلوغ إليها وأن يتعاونا في ذلك. فالمسيحي قدّيسٌ لسببين : لأنه صورة الله القُدّوسُ، ولأنه إعتمد بآسم الثالوث الأقدس وآنتمى الى المسيح بالمعمودية، ولأنه مدعوُ أن يشهدَ للمسيح بقداسةِ سيرتِه. أما أن يسمحَ زوجٌ لزوجِه بالخيانة عوضًا عن أن يردَعَه عنها، فهو خائنٌ للمسيح، وخائنٌ لشريكه الذي يجب أن يحميَه من الفساد، ومُتمَّردٌ على وصية الله، ومُشَّوهٌ لطبيعتِه الأنسانية. فإن لم يكن الشريكٌ مجتهِدًا ومتعاونًا لتقديس شريكه ، فأقله لا يدفعُه هو الى الشر. وإذا حَلَّل له الشرود وخَوَّلَه عليه تكون خطيئته أكبر من خطيئة الشريك الزاني. أمَّا أن يسكت الشريكُ الصالح على زنى شريكه ولا يسلك طريق الفضيحة والعنف، بل يسلك طريق المحبة والتضحية ليَفديَه، فينصحُه ويطلب عون الله والكنيسة، هذا حسابُه يختلفُ وسيُعينه الله، على يد كنيسته، على حَلِّ مشكلته. الله أمينٌ في وعوده. وقد وعد أن يستجيبَ لكل من يسألُه بإيمان. كان هذا بشأن أن يتعاون الزوجان على القداسة لا على النجاسة، كما قال الرسول: ” إنَّ الله لم يَدْعُنا إلى النجاسة بل الى القداسة. ومن إستهان بذلك لا يستهين بإنسان بل يستهين بالله نفسِه، وهو الذي يجعلُ فيكم روحَه القدّوس ” (1تس4: 7-8).
لا تكن شريكًا في خطايا غيرِك ! 1طيم5: 22
يذكرُ مار بولس الأشرارَ في مختلف ألوانهم فيدعوهم ” خادعين ومخدوعين ويُحَّذرُ منهم المؤمنين ويقول :” لقد أعمتهم الكبرياء، مؤثرين اللذة على الله، يُظهرون التقوى ولكنهم يُنكرون قُوَّتَها. فأَعْرِضْ عنهم ” (2طيم3: 4-5). كما سبق ونصح تلميذه بألا يكون”شريكًا” في خطايا غيره. لأنَّ المؤمن بالمسيح ليس من العالم حتى يسلك طريق أولاد العالم في الضلال والفساد. نحن المسيحيين لا نملك أنفسنا بل نحن مُلكَ المسيح فقد إشترانا بدمه (1كور6: 30؛ 7 22): وفي المسيح أصبحنا نور العالم (متى5: 14). وفي العلاقة بالمسيح تصبح علاقتنا ببعضنا وبالأشياء، من أي نوعٍ كانت أو درجة، ثانوية وأقَّل أهميةً. أما قال يسوع :” من أحَّبَ أبًا أو أُمًّا، إبنًا أو إبنةً، أكثر مني فما يستحقُّني”؟ (متى10: 37).
كذلك شريك الحياة ليس أفضَلَ ولا أحَّبَ أكثر من الله الخالق والأب والمُخَّلص والمُقَّدس. لذا مطلوب من الشريك البار أن يُصلح الشريك الخاطيء لا أن يُباركَ له شَّرَه وكم بالأحرى لا يجوز أن يُشَّجعَه عليه. قد يكون الشريك الصالح ضعيفًا أو جاهلاً فليلتجيء إلى الكنيسة لتساعده للتغَّلب على المشكلة. أمَّا أن يغمضَ العين مثل النعامة فذلك مرفوض. وإذا لم يهتم الشريك بالأمر له واجب أقله أن يحمي الأولا د كي لا يطالَهم الفساد. أمَّا بقية أبناء الرعية الذين قد يطلعون على الأمر فمن محَّبتهم للشريك الخاطي يمكن أن يتصلوا به ويُحاولوا مساعدته على التخَّلص من مرضِه هذا. وإذا لم يستجب حتى ولا للكنيسة ليكن لهم، كما قال الرب، ” مثل وثنيٍّ وعشَّار” (متى17: 18). أما مار بولس فبيَّن شِدَّةً أكثر عندما طالب بإقصاء مؤمنٍ زانٍ عن الجماعة حيث قال:” كتبتُ إليكم ألا تُخالطوا من يُدعى أخًا وهو زانٍ ، جشع، عابد أوثان، شَتَّام، سِكّير، أو سارق. فمثل هذا الرجل لا تؤاكلوه. .. أزيلوا الفاسدَ من بينكم ” (1كور5: 11-14).