أهلا وسهلا بالأخ عمـاد شــيخو.
لاحظ الأخ عمـاد الفرقَ الكبير بين حياةِ إنسان بار عاش في استقامة البّرِ والتقوى يسمع كلامَ الله ويطبق الوصايا ، وآخر ٍ خاطئٍ زنديق لم يعرفْ غير الملذات والفساد وظلمَ الناس ثم تابَ. فسأل الأخ عماد :
1- هل يُسامحُ اللهُ التائب ؟
2- وهل يتساوى التائبُ مع البار ؟
تعامل الله مع الإنسان !
لا يتعاملُ اللهُ مع الإنسان انطلاقا من أخطاءِ هذا أو أفضالِه. بل ينطلقُ الله ، في تعامله مع الناس ، من حُّبـه العظيم الذي خلقَ والذي خلَّص والذي يرعى راحة البشر باستمرار وعلى تفاعل الإنسان مع هذا الحب . ولا يُفَّرقُ الله بين واحد وآخر. بل يُعطي الجميع ، إضافةً الى الحياة ، فرصة الخلاص والتمتع براحتِه وسعادتِه. طبعا يُحاسبُ اللهُ أيضا كلَّ واحدٍ على أمانتِه للحياةِ التي وهبَها له و على المواهب التي زرعها فيه لقيادةِ حياتِه الخاصة وبنيانِ خير البشرية العام ورفاهيتِها. ويدينُه على مخالفاته وعصيانِه على الحب ، أو يمدحُه ويُكَّرمُه على سلوكِه البَّناء (متى25: 31-46).
سُــماحُ الله !
أوحى اللهُ الى حزقيال النبي بأنَّه لا ” يريدُ موتَ الخاطئ – أى هلاكَه – بل أن يتوبَ ويحيا أمامَه “(حز18: 23). وليس هذا الوحي سوى تفعيلٍ لوعدِ الله للإنسان عندما أخطأ بأن يخَّلصَه. لم يُقاصص الله آدمَ وحواء عندما أخطأوا فلم يُفنِـهم. بل وعدهم بأن يُعيدهم الى كرامتهم ومجدهم (تك3: 15). وتم ذلك عندما تابت الإنسانية على يد يسوع في نهر الأردن ودفعت ثمن أخطائها بدمه على الصليب ونالت السماحَ لمَّا أعلن يسوع الغفران :” يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يصنعون “(لو23: 34). وأكَّدَ مار بطرسُ بأن هذا التعليم سارٍ الى الأبد (2بط 2: 9). كان لصُّ اليمين خاطئا كبيرا. وتابَ في الدقائق الأخيرة من حياتِه فغفرَ له يسوعُ و وَعده بأن يكون معه في الفردوس (لو23: 43)، تماما كما وعد الرسل بأن يُشاركوه مجدَه ” …أستصحبُكم حيثُ أكون “(يو14: 3) لأنه ” أريد أن يكونوا معي حيث أكون فيُعاينوا ما أوليتني من المجد” (يو17: 24).
نحن الآن في زمن ” الباعـوثة “. ويُخبرُنا الكتابُ المقدس كيفَ قبلَ اللهُ توبة أهل نينوى وغفرَ لهم ولمْ يُنزلْ بهم العقابَ. وفي نفس الوقت كيف يُنَّـددُ بالتزَّمت في العنصرية والأنانية ويدينُ الكراهية والأستعلاء على الغير، ولاسيما قساوة القلب في عدم الغفران للآخرين (متى 18: 33-35).
المساواةُ بين البار والخاطيء التائب !
ليست المساواة بمكافأة المُخَّـلصين بنفس المناصب أو الأنواط أو رواتب. المساواة تنبعُ من مجد الله ونعيمه الذي يشترك فيه المخلصون. لله مجد واحد ونفسُ النعيم يشتركُ فيهما كلُ من يخلص. فمار بطرس في السماء ، وكذلك مار بولس ، وكذلك مريم المجدلية ، وكذلك يوحنا الحبيب ، وكذلك اللص التائب. الفرق هو أنَّ البار القديس إناءٌ حافظَ على شفافيتِه وجمال حبه لله و وحدةِ حياتِه التي إنقضت كلها في الأتحّـادِ بالله. بينما الخاطيءُ حياةٌ أنقسمت بين الله والذات ، وإناءٌ إنفطرَ وكادَ أن ينكسر لولا حصلَ في الأخير على رأبٍ وإصلاحٍ شدَّه بالمحبة الى الله.. فرقٌ آخر بين القديس البار والخاطيء التائب هو أنَّ الأول يُقدمُه اللهُ نموذجًا نقتدي بحياتِه ، وصلواتُه ” ترتفعُ كالبخور أمامه “(رؤ 8: 4)، والتائب يقّدمُهُ نموذجا يدعو غيره الى التوبة ونبذ الشر من حياتِه والرجاء برحمةِ الله. فالتائب مثال لسعةِ رحمةِ اللـه ، و القديسُ مثالٌ لقـوةِ عمل الروح القدس لمن يُصغي الى إرشادِه. لن يكون الله أكثر للبعض أو أقلَّ لغيرهم. إنه هو هو في ذاتِ المجد ونفس مصدرالهناء للجميع.