أهلا وسهلا بالأخ سمير خوراني
عَلَّق الأخ سمير على الموضوع السابق سائلا :
هل تُفيدُ الصلاةُ المَيِّتَ ، مادام الحسابُ يتّمُ حالَ الوفاة، بدليل لص اليمين ؟
درجَ في الكنيسة، منذ بدايتها، أن تُصَّلي من أجلِ موتاها. لأنَّ المسيح لم يمت فقط من أجل من يأتون بعدَه. بل شملَ تكفيرُه وخلاصُه ملايين البشرالذين سبقوه في الحياة والموت. كان بين أولئك الموتى نفوسٌ بارّة لم تهلكْ، ولم تتمتَّع أيضا برؤية الله ” وجهًا لوجه” (1كور13: 12) إلى أن بشَّرها المسيح بالخلاص (1بط 2: 19). حسابُها كان قد جرى لكنها لم تتمَتَّع بالخلاص. بالمقابل قال يسوع بأنَّ كثيرين سيظهرون وكأنهم قديسون لكن يسوع سيرفضهم عند الحساب (متى7: 23). وهذا يعني أنَّ الحسابَ لا يعني حتما ” الخلاص”. هناك الهلاك ، كما وهناك ” التطهير” قبل الخلاص. والتطهير يشملُ خطأةً تابوا قبل وفاتِهم ولم يلحقوا أن يُكَّفروا عن خطاياهم، أي لم يستعيدوا حالة القداسة التي يحتاجها الأنسان ليُشاركَ قداسةَ الله ومجدَه. هؤلاء ندعوهم الأنفس المطهرية التي تقضي زمانًا محرومةً من سعادة الله ، و تتألم بسبب ذلك فتتطَّهر من آثار خطاياها. ولما ظهرت مريم العذراء في فاتيما أظهرت للرؤاةِ الصغار مشهدًا من المطهر حيث تتعذَّبُ نفوس وتتألم قبل الأنتقال الى سعادة السماء. وقد طلبت مريم من الرؤاة أن يُصَّلوا من أجلهم ويمارسوا إماتاتٍ في حرمان الذات شهوةَ أكل بعض الأطعمة إسعافًا لهم بتحَّملِ الضيقِ والألم عنهم. وبما أننا نحن نجهلُ مصيرَ أمواتنا، ولربما كانوا في المطهر، فنُصَّلي من أجلهم ومن أجل الأنفس المطهرية عامَّةً. أما عن ” لصِّ اليمين” فهو ليسَ ضمانًا لجميع الخطأة الذين يتوبون عند موتهم حتى يدخلوا السماء حالا. لأن الناسَ كلَّهم لا يُصلبون قبل موتهم ليُكفروا عن خطاياهم. لِصُّ اليمين لا فقط تابَ عن ذنوبه، بل إعترفَ أولاً عكس رفيقِه بأنَّ صلبَه عقابٌ عادلٌ لسوءِ أفعالِهِ وهو قابلٌ بآلامِه وقساوتِه دون تذمر تكفيرًا عنها. وآعترفَ أيضأ بأنَّ يسوعَ بارٌ ولاسيما أنه إلاه. فأعلن إيمانه وطلبَ رحمتَه لا أن يُنقِذَه من الصليب بل من الهلاك الأبدي. ولمَّا كان مُشترِكًا مع المسيح بآلامِه رآهُ الرب بأنه جديرٌ بمحبته وقداستِه فوعده بمقاسمتِه أيضا مجدَ الحياةِ الأبدية. لأنه إذ عرف قوَّة قيامةِ المسيح وآمن بها شاركه الله بها حالا (في3: 10-11). في هذه الحالة هو دعوةٌ للأنسان الخاطيْ أن يثق برحمةِ الله وأن يحاولَ تصفية حسابه معه قبل موته (متى5: 25-26). ويُصبح بذلك نموذجًا للتوبة وقبول الألم وطلب القداسةِ بحرارة، و تأكيدًا فقط بأن الدينونة لا تتأجل الى القيامة العَّامة، بل يتقرر مصيرُ الأنسان عند الوفاة. و يُؤَّيدُ هذا التعليم مثل العذارى العشر، اللواتي نمن لحظات أي مُتنَ فتقرر مصيرُهن حالاً بإجراءِ الحساب (متى25: 1-13).