أهلا وسهلا بآلأخ اسحق صليوا
قرأ آلأخ آلسائل آلكريم خبر يهوذا وتامار كنَّتِه ( تك38: 1-30) في أجواء آلحديث آلدائر في وسائل آلتواصل آلإجتماعي بخصوص الديانة ” الإبراهيمية” الوهمية، ظاهرًا لتوحيد البشر ضمن ديانةٍ واحدة لضمان السلام، بينما هي أصلاً وهمية وبغاية محو آلأيمان آلحق بآلله و إزاحة آلمسيحية ونفوذها عن آلساحة آلإجتماعية آلدولية. لا زال آلأنسان ، منذ برج بابل ، يُحاولُ أن يُزيح آلله ويَحُلَّ هو محَّله ليقود آلحياة تَبعًا لأهوائِه، ناسيًا أنَّ تلك تجربةٌ من آلشيطان للقضاء على آلأنسان وحرمانه آلحياة آلهنيئة مع آلله خالقه. ليس آلبشر من يوَّحدون آلإنسانية، لأنَّهم كثيرون ومختلفون، بل آلله الذي هو واحد ومصدر آلحياة.
ما أقرب هذا آلجو إلى إطار رواية زواج يهوذا من تامار. إنه ليس زواجًا بل هو فسقٌ و فجور. يهوذا منعزل عن إخوته، بعدَ بيع يوسف. يعيشُ بين آلوثنيين الذين عزلهم آلله عنهم من زمن ابراهيم. يبدو أن أبناءَه تخلقوا بأخلاق أولئك. يُخالفون وصية آلله. ويموتون دون نسل. وعدمُ آلإنجاب يُعتبرُ عارًا على آلأنسان، وعقابًا من آلله له بسبب سوئِه. يحاول يهوذا أن يُوَّفق بين إيمانه بآلله وأهوائه التي يبيحها له آلمجتمعُ ألبشري. يخطأُ إِذ ينسى حقوق كنته آلأرملة تامار ولا يُفكر بزواجها من إبنه آلثالث حسب شريعة حمورابي التي تبنَّاها آلآباء برضى آلله تقديرا للحياة وحماية للنسل. بينما تبدو تامار إمرأة متَزنة متمسكة بآلنظام وسُمُّوِ آلأخلاق ألسليم. تتصَرَّف كخاطئة وقايةً لهذا آلنظام. قال عنها آلكتاب :” فعلت ذلك لأنَّه رأت أن شيلة إبن يهوذا كبر ولم تُزَّوَج به” (تك38: 14). ولمَّا يكتشف يهوذا فعله السَّيئ لم يَدِنْها هي بل إعترفَ بذنبه :”هي أبَّرُ مني. كان عليَّ أن أُزَّوجها بشيلة إبني”.
يعترف بأنَّه لم يكن هناك أيُّ مبرر لِما فعل كلاهما معًا. إنَّما مسؤوليته أكبر، ولذا يقبل بها كزوجة كي لا تُعاقب تامار بآلموت. لقد أنقذ آلنسلَ وغسلَ عارَه ولو بأسلوب خاطئ ولكن بنية سليمة، لذا ” لم يعُد أيضًا يُضاجعها ” (تك38: 26)، لأنها كنَّتُه. وسيأتي آلمسيح، حفيدًا ليهوذا، ليُصلحَ أخطاء آلإنسان ويُعيدَ للحَّقِ نِصابَه.
يُحسُّ يهوذا على سلوكِه الوثني، وبُعْدِه عن إِلَه أبيه. دخول تامار إلى خيمةِ إيمانه ليس إعترافًا بإيمان أُممي، إنَّما إعترافٌ بأنَّ البشر كلهم أولاد آلله وهو يُرشدهم إلى آلأيمان آلحق. ومن يستقرُّ على آلحق أو يعودُ إليه أو يقبله، لا يرفضه آلله. ولمَّا كان آلله قد عزل ابراهيم ونسله عن آلوثنيين، فأفاقَ تصَرُّفُ تامار يهوذا على إنحرافه، وحمله على آلعودةِ إلى صحبة إخوته لحماية إيمانه.
تامار وآلمسيح وآلكنيسة
كتبَ آلسائلُ أيضًا يقول :” يُقال : إن تامار قد سمعت وعرفت أنَّ من نسل يعقوب يأتي آلمسيح آلمنتظر. فآشتهت أن يكون هذا آلنسلُ من أحشائِها. ولم تكن شهوةُ آلجماع جسديةً فقط، بل روحية وأن يكون نسلُها مُقَدَّسًا ..”, فسأل :” هَل تُعتبَرُ تامارُ أُمَميَةً، قَبِلَها آلمسيح. فصارت آلكنيسةُ آلأُممية التي نحن آلآن ، أفضل من آليهود … أي وُلِدَ ألمسيحُ من إمرأةٍ وثنية كنعانية أُممية، لكي نكون نحن فيما بعدُ كنيستَه “؟.
أن تكون تامار أممية ذلك أكيدٌ ما دامت هي كنعانية وليست من نسل إبراهيم. وأن يكون
آلمسيح قد قبلها لا شكَّ في ذلك لأنَّه مُخَّلِص آلإنسان، كلِّ آلبشرية آدم ونسله كله. كما إختار
إبراهيمَ وعزله عن باقي آلأنسانية فذاك ليجعله نورًا لها فيعيدَها إليه. بإبراهيم تتبارك جميع آلأمم (تك12: 3). وتامار أولى أممية تدخل شعبَ آلله وتتبع إلَهه. وقد تبعتها إمرأتان أُخريتان ودخلن شعب آلله وتزوجن أحفادَها آلبعيدين. الأولى هي راحاب (يش2: 1-21 ؛ 6: 17-25؛ عب11: 31)، وتزوجت سلمونَ جَدَّ جدِّ داود آلملك. وآلثانية هي راعوث التي تزوجت بوعز إبن سلمون (رع4: 10-12) وهو جد أبِ داود. وقالت لحماتها ” شعبك شعبي وإلهك إلهي”(رع1: 16). وثلاثتهن أصبحن بذلك جَدَّاتٍ للمسيح (متى1: 3-6). ليس كلُّ هذا صُدفَةً. بل تُحَرِّكُه مشيئة آلله ليُعَّلِمنا أُبُوَّته آلعّامة ورعايتَه آلشاملة لمُخَطَّطِه وتدبيرهِ آلخلاصي.
إِنْ كانت تامار قد عرفت بقدوم آلمسيح من نسل يعقوب ليس بعيدًا ولا غريبًا. لأنَّ يعقوبَ حماها أعلن ذلك، بل حَدَّد بآلإسم أنه يأتي من نسل يهوذا (تك49: 10). ولكن كان ذلك قبل موته مباشرةً وليس قبل أن تتزوج من إبن يهوذا ولا حتى من يهوذا نفسه. كان توأمُها قد ولد وكبر، قبل أن تسمع بآلمسيح. الكتابُ صريح أنَّ ما فعلته، وإِن لم يكن أيضًا عن شهوة جسدية، بل كان مُطالَبَة بحَّقِها ورفضًا للظلم، لاسيَّما بقائِها أرملة عالة على أهلها وعارًا بين ذويها. ولم يمدحها آلكتابُ كما فعل مع كنَّتِها آلعتيدة راعوث إِذ قال عنها :” فقال لها بوعز: سمعتُ بكل ما فعلتِه مع حماتك بعد وفاة زوجك. تركتِ أباك وأمَّك وأرضَ مولدك وجئتِ إلى شعبٍ لم تعرفيه من قبلُ. ألربُّ إِلَهُ بني إسرائيل يُكافِئُك على عملكِ ويجعل أجركِ كاملاً . لأنَّك جئْتِ تحتمين تحت جناحيه ” (رع 2: 11-12).
وأمَّا عن هل تُعتبَر تامار” أُممية “، فهي بلا شك وثنية قبلت بإله زوجها، حتمًا كما كانت تفرضُه الشرائعُ آلسائدة آنذاك وليس إختيارًا. وإِن كان آلمسيح قد قبلها فلا شكَّ بذلك لأنَّ جوهرَ رسالته آلمسيحانية هي جمعُ شمل آلبشرية تحت راية آلحَّق وآلبر لخالق آلكون. أراد ويريد آلمسيحُ ألبشرية في رعِيَّةٍ واحدة لراعٍ واحد (يو10: 16)، فآلبشريةُ ” شعبُه ورعيته التي يرعاها بيده ” (مز95: 7). ولم يختر ابراهيمَ إلاّ لتحقيق هذا آلهدف. فكوَّن شعبًا من خلاله يعرفُ آلعالمُ آللهَ، ويـأتي آلمسيح لتتبارك به كلُّ آلشعوب، منهم شعبُ تامار وراحاب وراعوث، لتتبعها بعده جميع آلشعوب على يد تلاميذ آلمسيح وعلى ضوءِ حياته وتعليمه. و هكذا تكَّونت ” آلكنيسة ” الجامعة لكل آلشعوب بشكل أفضل وأفعَل. فآلكنيسة أُممية بمعنى أنها تجمع تحت أجنحتها كلَّ آلأُمم. ليس ذلك بتبَّني خرافات تلك آلأُمم وتشكيل ديانة مُبهمة، بل بعرض آلحقيقة آلإلهية لجميعهم، كما كشفها آلمسيح وليس غيرُه.
لم يُولد آلمسيح من أُمٍّ وثنيةٍ أُمميةِ آلمباديء. وُلِد من إمرأة من نسل آدم آلخاطيء، وابراهيم آلمؤمن، وداود قلب آلله. جعلَ آللهُ في سلالة آلمسيح أبرارًا وخاطئين لِيُفهمنا أنَّه جاء بسبب آلخطيئة، لَيشفي آلمرضى ويُثَّبتَ آلأَصِّحاء. فقد” أرسل آلله إِبنه إلى آلعالم، لا ليدين آلعالم، بل لِيُخَلِّصَ به آلعالم .. فلا يهلك كلُّ من يؤمن به بل تكون له آلحياةُ آلأبدية ” (يو3: 17). وآلمسيح موجود قبل ابراهيم، وعمله آلخلاصي بدأ مع إِختيار ابراهيم، فلا غرابة أن يدخل شعبَ إبراهيم أفرادٌ قليلون ليدخلَ آلوثنيون بعدَه أفواجًا وشعوبًا إلى آلكنيسةِ حظيرة آلمسيح.