أهلا وسهلا بلقاء آلمتقاعدين.
نقل إليَّ ألشماس أسئلة أخرى لبعض آلمتقاعدين، فقال :
1*ـ “” قال أحدُهم : مكتوبٌ بأنَّ آلبخور هو رمزُ آلمسيح؟.
2*ـ قال آخر: هل آلمسيح يهودي ؟
3*ـ لماذا لم يذكر آلكتابُ آلمقَدَّس إسم آلأب وآلجد وآللقب لمريم آلعذراء ومار يوسف؟ “”.
السؤال آلأول
العهد آلقديم : البخورُ مقدَّسٌ لي أنا آلرب !
أُسْتُعْمِلَ آلبخور في آلطقوس آلدينية قبلَ آلمسيح، بل حتى قبل موسى، لتكريم آلآلهة. حتى آلأباطرة آلرومان الذين إعتبروا أنفسهم آلهةً كانوا يُلزمون آلناس بتقديم آلبخور لتماثيلهم. وقد حصَرَه آلله بذاته فقط، لأنَّ آللهَ وحدَه آلحَّقُ آلقدوس وآلرب. وقد منعَ إستعماله لغيره، فقال :” لا تصنعوا لأنفسِكم بخورًا مثله. بل يكون عندكم مُقَدَّسًا لي أنا آلرب. كلُّ من صنعَ منه لِيَستنشِقَه ينقطعُ من شعبِه” (خر30: 37-38). حتى آلمبخرة صُنعت من آلذهب وكانت تُحفظُ لِزامًا في قدس آلأقداس، مع تابوت آلعهد وآلمَنِّ ولَوْحَي آلوصايا وعصا هارون (خر 25: 10-22؛ عب9: 3-4). وكان هارون رتيسَ آلأحبار يُحرقُ آلبخورَ يوميًا صباحًا و مساءًا أمام آلرب (خر30: 6-8). ولما نَهَى أنطيوخوس أبيفانوس سنة 167 ق.م ألعبادةَ في آلهيكل وأختفى آلتابوتُ وما فيه، أصبحَ آلتبخيرُ، على ما يبدو، مرَّة واحدة في آلسنة.
العهد الجديد : قدموا له ذهبًا وبخورًا ومُرًّا !
قدَّم زكريا ابو يوحنا البخورَ لله حسب آلعادة الجديدة (لو1: 8-9). ولما جاءَ آلمجوسُ لتقديم آلخضوع للملكِ آلألهي قدَّموا له هدايا : الذهبَ وآلبخورَ وآلمُرَّ ، إشارة إلى أنه ملك إلهي يتألم. قالوا ” جئنا لنسجد له .. فدخلوا وسجدوا له ” (متى2: 2-11).، وقرَّبوا آلبخور. وفي سفر آلرؤيا :” الحملُ في وسط آلعرش … يفُضُّ آلختمَ … جاءَ ملاكٌ يحملُ مبخَرَةً من ذهب , وقفَ عند آلمذبح، فأُعطيَ بخورًا كثيرًا لِيُقَدِّمَه … على مذبح آلذهب أمام آلعرش ” (رؤ7: 17؛ 8: 1-3).
نرى مما جاء في آلكتاب آلمقدس، في عهديه، أنَّ آلبخورَ يُقَدَّمُ لله وللحمل، يسوع آلمسيح، فأينَ وجَدَ الأخُ ألسائل ” مكتوبًا : البخور رمزُ آلمسيح؟. وكيفَ يكونُ رمزَه إِذا كان يُقَّربُ له، إعترافًا بلاهوته؟. أن يُشيرَ إلى لاهوته شيءٌ، وأن يُقرَّبَ آلمسيحُ بُخورًا أمام آلله شيءٌ آخر. أن نعترفَ بآلمسيح إلَهًا فنُبَّخرَ أمامه في آلكنيسة ، أثناء ألقداس تكريمًا وتمجيدًا ، يختلفُ عن آلقولِ بأنَّ ألبخورَ هو آلمسيح. فهل عندما نبَخِّر نُقَّربُ آلمسيحَ للمسيح؟. قد يكون آلسائل آلكريم قرأ آلخبرَ في آلفيس بوك، كتبَهُ أيٌّ كان، وبآسم أيَّةِ كنيسةٍ كانت. أو ربمَّا وقع سهوٌ إما في تقديم آلخبر أو في قراءته وفهمه. أو ربَّما بقوله ” البخور رمز آلمسيح” يقصُد أنَّ آلمسيحَ إله. عند ذلك يجب تصحيح آلعبارة بآلقول” البخور يشيرُ إلى لاهوت آلمسيح”، لا بطبيعتِه بل بإحراقِه، وهو مادَّةٌ نادرة وثمينة، أمام قداسة آلله. فآللهُ أندرُ وآنقَى وأغلى من البخور. وآللهُ هو الذي يُطِّيبُ حياةَ آلمؤمن. ولذا نسألُ آلمسيح، عند تبخيره، ” أن يُطَيِّبَنا ، هو آلربُّ آلإله، برائحةِ محبَّتِه آلزكية “.
السؤال الثاني
هوية آلمسيح !
سأل أخٌ كريم : هل المسيخ يهودي؟. بآلنسبة إلى وثيقةِ ميلاده وآلحقائق آلبشرية آلزمنية ، عن مكان ولادته، وآلشعب الآسيوي آلذي ينتمي إليه، نظرًا لأهله، فهو يهودي. ولذا خضع لشريعة موسى منها آلختانة وتقدمته في آلهيكل، ومارسَ عبادَتَه في آلمجمع أو آلهيكل. وُلِدَ في بيت لحم، عاش في آلناصرة، وهي مدن فلسطينية. أعلنَ بشارَتَه بين آليهود. وتبعَهُ منهم تلاميذُ كثيرون، إختارَ من بينهم إثني عشر رسولاً، وإثنين وسبعين تلميذًا يتابعونه عن كثب ، ويعتني بهم بشكل خاص، ويُدَّربُهم على آلعيش مثله ونشر تعاليمه. أحبَّهُ آلشعبُ آليهودي، شفى منه مرضًى كثيرين وأقام منه بعضَ آلموتى. أمَّا آلرؤساء فقد كرهوه حسَدًا وحاكموه وطلبوا قتله. وكانت هوِيَّتُه معَلَّقَةً بلوحةٍ على آلصليب: ” يسوعُ آلناصريُّ ملكُ آليهود” (يو 19: 19).
أمَّا بآلنسبة إلى جوهر ذاته وهويته آلمسيحانية فهو آلمُخَّلِصُ آلموعودُ من حكم خطيئة آلأب آلأول، آدم. فهو : لا يهودي ولا مسيحي ولا مسلم ولا بوذي ولا زردشتي ولا يزيدي ولا درزي ولا وثني ؛ لا فلسطيني ولا عربي ولا كردي ولا هندي ولا أوربي ولا آسيوي ولا أمريكي ولا أسترالي ؛ ولا بعثي ولا قومي ولا شيوعي ولا رأسمالي ولا إشتراكي ولا حزبي ؛ ولا كاثوليكي ولا أرثذوكسي ولا بروتستانتي ؛…
… هو فوقَ كلِّ آلميول وآلإتّجاهات، وفوق كل آلطوائف وآلإنقسامات، وفوق كلِّ آلتعاليم و آلنظريات. وهو في آلوقت نفسِه جميعُ هذه آلنعوت وآلصفات. إِذ يشملُها في فكره ويجمَعُها في حبِّه ويُغَّطيها بفعله.
إنَّه أللهُ آلمتَجَّسد : ” نورٌ من نور، إِلَهٌ حَق من إلهٍ حَّق، مولودٌ غيرُ مخلوق “. وُلِدَ بشريًّا ليراه آلناس ويتأَّملوا حياته ويُصغوا إلى تعليمه ويقتدوا بسيرته في سلوك طريق آلمحبة وآلتعاون وآلغفران. تنازلَ هو فأخذ ناسوتَنا دون أن يفقدَ لاهوتَه لكي نرتفعَ نحنُ آلبشر إلى مستوى قداسة آلله وبرِّه دون أن نُغَير ناسوتنا. هو آللهُ عاش مثل آلبشر، ومعهم ليساعدهم. ودعانا نحن آلبشر أن نعيشَ مثله لنحيا معه للأبد في راحةٍ وهناء. فهو إِلَهُ آلكل وأبوهم ، وأخُ آلكل ورفيقُهم، ومُخَلِّصُ آلكل ومعينُهم لتَجاوُزِ أنواع أسباب آلتمييز وآلتفرقة، من أي شكل كانت. هوية آلمسيح هي آلحياة ، وقد جاءَ ” لتكون لنا ألحياة ، بل وملءُ آلحياة ” (يو 10: 10).
السؤال آلثالث
آباء وأجداد مريم ويوسف !
لم يُكتَبْ آلإنجيلُ لإشباع فضولية الناس، قارئين أو سامعين. ليس نقلاً صُحفيًا يُرَّكز على أدَّق تفاصيل آلحدث حتى آلتافه. نقلَ آلأنجيلُ من أحداث حياة آلمسيح وتعاليمه ما هو آلجوهريُّ آلأساس ليتعرَّفَ آلأنسانُ على آلحق وعلى آلسلوك الذي يضمن له آلحياة. دوَّن آلإنجيليون ألمُهِمَّ الذي يكفي” لتؤمنوا أنتم أيضًا بأنَّ يسوع هو آلمسيح إبنُ آلله. وإذا آمنتم نلتُم بآسمه الحياة “(يو20: 31). يسوع هو آلمخلِّص، ألوسيط آلوحيد بين آلله وآلإنسان (1 طيم2: 5). فـذُكِرَ كلُ شخصٍ له دورٌ في تسهيل تحقيق تجسدِّ آلمسيح وتأدية رسالته حسبَ مُخَطَّط آلله. وأُعْطِيَت له مساحةٌ في آلكتاب تُبيِّنُ ذلك.
مريم ويوسف لهما دور في هذا آلتخطيط. أما آباؤُهم وأجدادُهم فلا مكانة لهم فيه سوى أن
يكونوا نِعِّمَ آلآباء وآلأجداد. لأنَّ لكل إنسان موهبةً خاصَّة ودورًا مُمَّيزًا في ما يدور في
زمانه وحوله. ولأنَّ ” كلَّ واحد يُجازى بأعماله “. فآ قتصر مُحَرروا آلأناجيل على أهم ما يتعَّلق بتدبير آلخلاص، وبناء إيمان آلقاريء آللبيب. لكن مع ذلك لم يُقَّصر آلكتابُ في ذكر معلومات تُلَّبي رغبتنا. فمار يوسف ذكرَه متى ولوقا. قال متى في نسب يسوع الذي يبدأ من إِبراهيم : ” .. ومتَّان ولَدَ يعقوب، ويعقوب ولَدَ يوسفَ رجلَ مريم التي ولدت يسوع ..” و جدُّه داود هو الرقم 14 من آلبداية (متى1: 6-16). أما لوقا فيبدأ من يسوع صعودًا نحو آدم. يقول :” وكان آلناسُ يحسبون يسوعَ إبنَ يوسف، بن عالي، بن متّتات، بن لاوي…” ويذكر جدَّه داود في آلرقم 43، وابراهيم في آلرقم 57 (لو3: 23-38). ولقب يسوع آلكتابي هو” إبنُ داود “. لمَّا سألَ يسوعُ آلفريّسيين عن نفسه ” إبن من هو؟” أجابوه ” إبن داود ” (متى22: 42). ولمَّا كان آلمرضى يطلبون منه آلشفاء، كانوا ينادونه ” يسوع إبن داود ” (متى21: 29-32؛ 15: 22 ؛ لو18: 38-39).
أمَّا عن مريم فلم تتعَوَّدْ لوائحُ آلأنساب ذكرَ آلنساء، لأنَّ ألذرية محسوبة على آلذكور. وكان آلأبُ يُثَبِّت إسم آلمولود لضمان آلإنتماء. حتى يسوع مع أنَّه لم يكن إبنَ يوسف ، إلاّ إِنَّ آلملاكَ طلب من يوسف أن يُسَّميَ إبن مريم مُعطيًا بذلك دور آلأُبُّوة آلشرعية ليوسف لحماية حياة آلطفل وسمعته،” ستلد إبنًا تسَمّيه يسوع.. فسمَّاه يسوع (متى1: 21-25). ولهذا نوَّه آلإنجيل إلى إعتقاد آلناس أنه إبنُ يوسف. ويختفي ذكر يوسف عندما يصبح يسوع بالغًا قادرا على إعالة وحماية نفسه وأُمِّه.
كانت آلمرأة تخرج بزواجها من عشيرتها وتنتمي إلى لقب زوجها. ويوسف هو إبن داود، إبن يهوذا، إبن ابراهيم. أما مريم فذكرَها آلتقليدُ إبنةَ يواقيم وحَنَّة. ذكره آلإنجيلُ آلمنحول المنسوب إلى يعقوب إبن حلفى، وآلمعروف بأخ آلرب.
أما إنجيل لوقا فذكر معلومةً مهِّمة جدًّا إذا آنتبَهنا إليها. قال آلملاك لمريم :” إنَّ قريبتَك إِليصابات ..” (لو1: 36). فهما إِذًا قريبتان. وسبق لوقا فذكرَ عن إِليصابات أنَّها من سلالة هارون (لو1: 5). وقد هرعَتْ مريم لنجدتها عندما عرفت أنَّها حامل في شيخوختها تحتاج إلى آلمساعدة. وظَّلت تخدمها في آلأشهر آلثلاثة قبل أن تلد. المهم يوسفُ من عشيرة داود آلملوكية حسب نبوءة آلنبي ناثان (2صم7: 12-13؛ لو1: 31-33)، ومن عشيرة يهوذا إبن يعقوب الذي تنَبَّأَ أنَّ آلمسيح يأتي من نسله (تك49: 9-10). ويلتقي مع مريم من سلالة هرون آلكهنوتية، وتخَصَّصَت عشيرة لاوي بآلكهنوت وخدمة آلهيكل. ويسوع هو آلكاهن آلأعظم على رتبة ملكيصادق (عب7: 17-22). فيسوع إبنُ مريم ، ويوسف بآلتخويل آلألهي، مَلِكٌ وكاهِنٌ إلهِيٌّ وسيتألم. وهنا نلتقي مع المجوس وهداياهم آلرمزية : الذهب و آلبخور وآلمر. وذكرُ هذا ومعرفتنا له أهَّمُ من معرفة آباء و أجداد مريم ويوسف.