أهلا وسهلا بالأخ أنار شماس
شاهد الأخ أنار فيديو يتهجم ” بآسم المسيح” على الكنيسة الكاثوليكية وينعتُ الفاتيكان بـ ” عرش الشيطان”، مستنكرا أن يكون بطرس الصخرة التي عليها بنى المسيح كنيسته، داعيا الى القيام بالثورة عليها لتكسيرها. إندهش الأخ وربما قلقَ بعض الشيء فسـألَ : ما هو تعليقك عليها ؟
وسمعت ما في الفيديو، وهو واحد من عشرات الفيديوات التي تهاجم الكنيسة الكاثوليكية ، بهدف النيل منها وكسر شوكتها. وبعض تلك الفيديوات هي : الفاتيكان يصلي للشيطان لونيفر أمام العالم؛ الأسلام صناعة الشيطان بالدليل والبرهان؛ الفاتيكان والتنجيم وعلم الفلك ؛ تسليم لبنان للشيطان على يد الكنيسة الكاثوليكية؛ فضيحة الأم تيريز والقضايا المرفوعة ضدها؛ .. وغيرها.. ويدّعي الفيديو الذي نحن بصدده بأن تاريخ الكنيسة أسودٌ لأن الباباوات انخرطوا في عبادة الشيطان والشعوذة. كما تدّعي أنَّ إنشاءَ امريكا جاء للتخلص من الكتاب المقدس الذي قد دَّسوا فيه الشعوذة ، وتضيف بأن قادة الكنيسة والعلماء أمثال غاليلو وأنشتاين وغيرهم يعملون كلهم ما سماه بـ”السحر العلقمي”(؟) تحت الأرض. يخلط أفكارا ويثير مواضيع عديدة تتشبث بها الكنائس الأنجيلية كصكوك الغفران المزعومة ورفض تسمية بطرس بالصخرة التي عليها بنى الرب كنيسته. والغريب في الأمر أنه يدعي بتأثير الشيطان وسيطرته على الكنيسة بدءًا من عهد قسطنطين الملك (ج4). و الأغرب أنه ينسبُ الى الكنيسة القبول بالذبائح البشرية وتشجيعها للشذوذ الجنسي. ولا يتردد أن يطالب بتخليص الكنيسة من هذه الحالة وبالدعوة الى الثورة على الكنيسة وتكسيرها !. وما لفت نظري أن المذيعة كانت محاطة بشعائر وإعلانات ماسونية وصهيونية ، منها نجمة داود، و الرقم 666 الذي أعطاه سفر الرؤيا رمزًا لآسم الوحش (رؤ13: 18)عميل ” التنين، الحية القديمة أى ابليس الشيطان “(رؤ20: 2).
تعليقي !
إنَّ ما قرأه السائل الكريم ليس سوى قطرةٍ من غيث. وليس سوى محاولة يائسة متواصلة من عهد المسيح نفسِه في محاربة شخصهِ ورسالته بل محو حتى ذكره ، وهيهات ذلك !، بآضطهاد كنيسته وإبادة إسمها من الوجود. أدعو السائل الكريم والقراء النجباء بأن يتذكروا ولا ينسوا ما حدث ليسوع المسيح ولتلاميذه على مرّ الأجيال. لا ينسوا أنَّ أعداء المسيح إتهموه في حياتِه بأنه يجري الأشفية ويطرد الشيطان “بقوة رئيس الشياطين”(متى12: 24-28)، وقد إعتبرها يسوع خطيئة الكفر بالروح القدس، ولن تُغفرَ لمن يلجأُ اليها (متى12: 31-32). لا تنسوا أنهم قرروا التخلص منه بقتله لأنَّ الناس آمنوا به (يو11: 48)، بل حتى بقتل لعازر الذي ” بسببه كان اليهود ينصرفون عن قادتهم (يو12: 11) ويتبعون يسوع (يو12: 19). و حتى بيلاطس عرفَ أنه بريٌ مما يتهمونه به وأنهم سلموه للموت بسبب حسدهم من شعبيتِه (مر 15: 10). ومثله إضطهدوا تلاميذه من بعده لأنهم رفعوا لواء الحق والبر والعدل والمحبة والعالم يرفض ذلك بآستمرار.
لا تنسوا أن المسيح أكَّد بأنه “إن كانوا إضطهدوني فسيضطهدونكم أيضا “(يو15: 18-20 ). والسبب أنهم يبغضونكم كما أبغضوني لأنكم لستم من العالم. بل يعتقدُ مبغضوكم ومن يقتلكم” أنه يقَّرب قربانا لله”(يو16: 2)، والسبب أنهم لم يعرفوا الله ولا إفتهموا المسيح. بعدَ قتل المسيح لم يطل عرس الكنيسة طويلا حتى” وقع إضطهادٌ شديدٌ على كنيسة أورشليم فتشَّتت أبناؤُها أجمع” (أع8: 1). ومن يومها لم يهدأ ولا توقفَ الأضطهاد ضد الكنيسة و أبنائها ،” فآغتاظ التنين من المرأة ( الكنيسة) ومضى يُحاربُ أولادَها الذين يُحافظون على وصايا الله وعندهم شهادة المسيح “(رؤ12: 17).
أبغضوني بلا سبب !
أبغضوا يسوع دون مُبَّرر وآعتقدوا أنهم نجحوا وتخلصوا منه. لكنهم خابوا. لقد جاء خبرُ القيامة على أعداءِ يسوع ضربة صاعقة مفجعة جعلتهم يفقدون رشدهم فيضلون ، وتكون ضلالتهم هذه المرة أتعس من التهمة الأولى :” فرشوا الجنود بمال كثير، وقالوا لهم : أشيعوا أن تلاميذَه جاؤوا ليلا وسرقوه .. وإذا بلغ الخبر الى الحاكم توَّلينا إرضاءَه ودفع الأذى عنكم “(متى27: 12-15). لم يقدروا أن يُثَّبتوا على يسوع ولا على رسله خطيئةً (يو11: 46) ما عدا أنهم فعلوا الخير الذي فقأ أعينهم (أع4: 16-17).
لم يترك أعداءُ المسيح وسيلة لم يستعملوها ضدَّه زورًا وبُهتانًا. ولن يدعوا فرصةٌ تفوتُهم أو وسيلةٌ لإيذاء الكنيسةِ أيضًا من تشويه السمعة أو مُضايقةِ أبنائِها. إن كان الفريسيون المنافقون والصدوقيون أعداؤُه ” أولادَ الأفاعي” (متى3: 7) فماذا يكون نسلهم غير الحيات والعقارب ؟. وماذا يُنتظر من حَّيةٍ أوعقرب وما هو سلاحها غير لدغاتٍ سامة وزرعِ الرعبِ في قلب الناس، وتهديدِهم بالإبادةِ أو تعذيبِهم بآلامٍ وضيقٍ شديد مخيف؟. لم يكن القتل والدمار يوما من شيمةِ الكنيسة أوأسلوبًا تستعمله للإساءة الى الناس حتى ولا للدفاع عن نفسها. إنَّ تأريخ المسيحية يشهدُ، من يومِ إنطلاقِ رسالتها الأنسانية والى عصورنا الحديثة، على ذبح عشرات ملايين المؤمنين بتحريض من الشيطان عدو الأنسانية، لا لشيء إلا فقط لأنهم يسيرون على درب المسيح، دربِ المحبة والإخاء والخير والسلام. ترى من الذي يُغَّذي الإرهاب هل الكنيسة أم أعداؤُها؟. من الذي يُجَّوعُ الناسَ هل المسيحية أم أعداؤُها؟. من الذي يدعو الى العنف ويُمَّولُ الحروب هل الفاتيكان أم عملاء الشيطان؟. و من هم عملاء الشيطان هل البابا أم تُجَّارُ الدماء ؟.
أما الإدعاءات الكاذبة والمُضَّلِلة، والتهم الباطلة والمُخزية التي يلصقونها برجال الكنيسة فما هي سوى سُبُلٍ دنيئة و وسائل خسيسة تهدفُ تشويهَ سمعة المسيحية ومحاولة القضاءِ عليها ومحوها من الوجود. يتقَّنعُ أعداءُ الكنيسة ويلبسون الشرَّ والفساد ويتهمون الأبرياء لإبعاد الشُبهة عن أنفسِهم. يحاولون إحباط همة المسيحيين حتى ينكروا المسيح ويتبعوا ابليس الى الهلاك. و لكن خابَ فألُهم، كما سبقَ وخابت محاولتهم في القضاء على يسوع المسيح نفسِه. بينما وعد يسوع أنه يبقى مع كنيستِه (متى28: 20). وأكَّدَ بأنَّ ابليسَ ” سَيِّدَ هذا العالم قد حُكمَ عليه ” (يو16: 11)، لأنَّ يسوع قد إنتصرَ على العالم (يو16: 33). وسيخسرُ المعركة أعوانُه الواحدُ تلو الآخر وينالون عقابهم العادل (رؤ19: 19-21)، لذا دعا يسوع محبيه وأتباعَه ألا يقلقوا ولا يخافوا من الشدة التي تصيبُهم في العالم، بل أن يثقوا به ويصبروا لها ويثبتوا في الأيمان (متى24: 13)، لأنه هو الذي غلب العالم أعطى تلاميذه أن يغلبوه مثله ومعه واعدًا أنهم سيتمجدون أيضا معه (رؤ2: 7، 11، 17، 26؛ 3: 5، 12، 21).
ليسَ كلُّ ما تعلنه وسائل التواصل الأجتماعي حقيقةً يجبُ القبول بها، أو كارثةً لا نجاة منها. علاجها الصمودُ في الأيمان والسلوكُ حسب روح شريعة المسيح. لقد حَذَّرَ يسوع نفسُه من الأنبياء الكذبه والمحتالين الذين يحاولون تضليل المؤمنين (متى 24: 5-6 و 24-25). كما نبَّهنا الكتاب بألا نصَّدقَ كل روح وأي تعليم كان، بل علينا إختبار الأرواح لنمَّيز أيها من الله (1يو4: 1). كما علينا أن نطلب الحقيقة من فم الكنيسة لأنَّ الرَّبَ أوكلها هي وحدَها وخَوَّلها أن تعَّلمَ بآسمه (متى28: 19)، و وعدَها بالعصمةِ فلن تقوَ قوات الهلاك على جَرِّها الى الخطأ المُهلِك (متى18:18). علينا فقط ألا نقيس أمور الحياة بالمقاييس البشرية بل أن نرى كلَّ شيءٍ بمنظارِه ونفكرَ ونتصَّرفَ مثله، ممتَّدين نحو الحياة الأبدية غير آبهين بخيراتٍ نخسرها أو صلبانٍ نتحَّملها الآن وتتحَوَّل الى مجد وهناء (رو8: 18).