أهلا وسهلا بالأخ جمـال يوسف
كتب الأخ جمال :” من تكفل بإعالة مريم بعد وفاةِ والدها؟ هل أمها ؟ لا. ولا أخ لها .. زكريا النبي يصرفُ لها المال، والمسؤولية عنها !؟.
بخصوص هذا السؤال وأسئلة أخرى كثيرة عن أشخاص في الكتاب المقدس أو أحداث لا توجد معلومة علمية يمكن الوثوق بها مائة%. إما لم يسجل التأريخ شيئا، عمدا أو سهوا، وإما أبادت عوامل الدهر آثارها ولم تصل الى أيدينا. وتوجد بالمقابل أخبارٌ غير دقيقة ، أقرب الى الأساطير منها الى التأريخ، لا يمكن الوثوق بها كليا ولا تقديمها كحقيقة ثابتة. لا يروق هذا للطموح الأنساني الذي يبحث عن أخبار من نوع تقارير صحفية. وهذا النوع من الأعلام لا يرتقي الى قرون طويلة. فعلينا عندئذ أن نكتفي بما بين أيدينا أو نكَّثف البحوث والجهود لربما نكتشف يوما ما في بطون المكتبات أوراقًا أو أسفارًا مهملة تلقي بعض الضوء على ” ضالاتنا “.
بخصوص مريم لا توجد مصادر قديمة تصف حياتها. يوجد بين الكتب المدعوة بـ ” الأناجيل المنحولة”، أي التي لا تعترف بها المسيحية كأصيلة وصحيحة ورفضت الأعتراف بها وقبولها كذلك، كتابٌ، من القرن الميلادي الثاني، يُسَّمى ” انجيل يعقوب” أو الأنجيل العبراني وعرف بالآرامية بـ” سفر الطفولة “، يعطي نتفًا عن مريم فيدعي أنها تيَّتمت منذ نعومة أظفارها أي بعمر ثلاث سنوات وآنتقلت الى الهيكل ليرعاها ويتكفَّلَ بمعيشتها بواسطة الكهنة، الى عمر زواجها من يوسف. لا أدري إن كان يذكر بالأسم الكاهن زكريا زوج اليصابات. إنَّ وجوده هناك أمرٌ طبيعي ما دام كاهنا. وربما إهتم بها بنوع أكثر بسبب قرابتها مع زوجته اليصابات كما يذكر الأنجيل، والتي قامت بزيارتها لتساعدها فترة حملها بيوحنا المعمدان (لو1: 36، 39-45).
إنه من شبه المؤكد أنَّ لوقا الأنجيلي عرف الكثير حتى عن طفولة مريم ولكنه أحجم عن الأفصاح به، كما أحجم عمدًا عن الأفصاح عن أخبار طفولة يسوع، وقد ” تتبع كلَّ شيءٍ من أصوله بتدقيق ” (لو1: 3)، وسكت مع ذلك عن أخبار طفولة يسوع ، عدا نتفة وجوده في الهيكل في عمر إثنتي عشرة سنة، وحتى عماده وبداية رسالته. إنَّ المصادر الأيمانية ركَّزت على هوية الشخص ودوره في رسالة الخلاص. أما بقية التفاصيل الزمنية فلم يرد أن يُشغلَ بها بال القراء الكرام.