أهلا وسهلا بآلأخ باسم أوشانا
كتب آلأخ باسم يقول :” يُبَّشر يسوع بملكوتِ آلله في داخلكم. خاصَّةً في أمثاله. لدَيَّ قليلٌ من عدم آلوضوخ في آلآيات عن ملكوت آلله. مثل : اليومَ تكون معي في آلفردوس./ الغني ، ولعازر في حضن إبراهيم./ جنة عدن./ بولس يتكلم عن المكان الذي أعَّده آلرب للذين يحبونه لا يخطر على بال أحد ولا سمعت به أُذنٌ ./ أين هو؟./ وبولس يُختَطف إلى آلسماء آلثالثة./ يوجد كم سماء؟. لمَّا إنتقل لعازر إلى حضن ابراهيم، هل هذا هو آلملكوت؟. هل هو نفس آلفردوس الذي دخله اللص آليميني ؟ أم هل هو آلمطهر؟ أو هل هو جنَّة عدن “؟.
الملكوت !
تعني آلكلمة ” المملكة ، أو ألمُلك “، حيثُ يسودُ آلحَّقُ وآلعدلُ وآلمساواة وآلراحة، بقيادة مسؤولٍ يسهرُ على آلمُنتمين إليها ليتقيَّدوا بها ويتمتعوا بآلراحة. وملكوت آلله تعني أنَّ آلله آلخالق هو قياسُ تلكَ آلقيَم وناشِرُها وحاميها. وآللهُ هو روح وحياة (يو6: 63). وآلروح لا يتحَدَّدُ لا في مكان ولا في زمان. ومثلُه مملكته حياةٌ روحية خارج آلزمن وآلمكان. وتحَدَّثَ يسوع عن إقتراب مملكة آلله (متى4: 17). ولم يُؤَّسس مملكة أرضية يَحُدُّها مكان وزمان. بل قصدَ أنه يدعو آلإنسانَ ليعيشَ على آلأرض كما كان في جنة عدن مع آلله بسماع كلامه وآلإقتداء بسيرته التي يراها في حياة يسوع نفسه. فيتمَثَّلَ بسلوكه ويتقَّيَد بوصيَّته لأنه صورةٌ له ومن نَفَس حياتِه، كي يتمَتَّع بآلحياة ويرتاح فكرُه وقلبُه وحتى جسَدُه.
كان قد أسَسَّ له ملكوتًا يعيشُ فيها معه في راحةٍ وهناء ومجد. هذا آلملكوت سَمَّاه آلكتاب ” جنَّة عدن “، تتوفَرُّ فيه كلُّ حاجات آلأنسان. لا فيه وجع، ولا مرض، ولا حرٌّ ولا برد. لا يتعبُ فيه ولا يشقى، إلى أن خسرَها بسبب عصيانه على آلله (تك2: 4-33). ولمَّا طلب لصُّ آليمين من يسوع أن يذكره في مملكته (ملكوته) أجابه اليوم تكون معي في” الفردوس” (لو23: 43). وقال سفر آلرؤيا :” إسمعوا ما يقوله آلروح للكنائس : أجعلُ آلغالبَ يأكلُ من شجرةِ آلحياة في فردوس آلله ” (رؤ2: 7)، مشيرًا بذلك إلى جنة عدن (تك 2: 8-9 ). أمَّا بولس ألرسول ففي حديثه عن إنخطافِه تحَدَّث عن ” السماء آلثالثة ” وذكرها كمرادفة للـ ” فردوس” فقال: “أعرفُ رجلاً ..خُطِفَ إلى السماء آلثالثة.. أعلم أنَّ هذا آلرجل خُطِفَ إلى آلفردوس .. أعلم أنه خطفَ إلى آلفردوس..” (2كور12: 2-4).
ملكوتُ آلله في داخلكم !
وهكذا وفَّق آلكتاب بين مختلف آلكلمات : الملكوت، جنة عدن، الفردوس وآلسماء. إنَّها ردائفُ لنفس آلحقيقة وهي ” الحياة مع آلله ، وبمشيئته “، تلك هي الراحة وآلهناء وآلمجد. فلا هي مكان مُحَدَّد ولا بناية ذات طوابق معدودة. وإِن كان بولس قد ذكر ” سماءًا ثالثة ” فليس لأنه توجد رابعة أو سابعة. بل لأَّنَّ نظرية يهودية قديمة قالت بأن آلفردوس، مقر آلله، يقعُ في السماء آلثالثة لأنهم ظَنّوا الفضاء سبع طبقات. لكنهم تخَّلوا عنها بعدما تثَّقفوا.
أما عن حضن ابراهيم فليس : لا حقلاً واسعًا بسعة قارة، ولا خيمةً بسعة محيط ليستقبلَ مليارات آلناس آلمحظوظين ألناجين من كارثةٍ كونية. إنَّه رمزٌ لحالة آلملكوت. وهو مقارنة بسيطة بين حالة لعازر آلمُتَمَّتِع بآلراحةِ وآلهناء إِذ ” يتعَزَّى” عن مصائبه على آلأرض، وحالة آلغني الذي يتعَّذب في لهيب نار آلهلاك ولا رجاءَ له بآلنجاة منه (لو16: 22-26)، لأنَّه لم يعرف آلله. فإبراهيم أبو آلأيمان الخاضع لمشيئةِ آلله يستقبل كلَّ من مثله يخلص بسبب قداسة سيرته وهو بعدُ على آلأرض. وهذا هو ملكوت آلله في داخلكم. أمَّا آلغني فصورةٌ لمن يدَّعي آلأيمان ولا يعيشُه ولا يعرف آلله ولا أحَسَّ أنَّ للمحبة معنًى. بل تناسى أنَّ الله ” محبة ” (1يو4: 8).
إِعتقدَ آلسائلُ آلكريم أن بولس يتحَدَّثُ في 1كور2: 9 عن مكان محَدَّد للملكوت فقال :” المكانُ الذي أعَدَّه آلرب للذين يُحبّونه. لا يخطر على بال أحد. ولا سمعت به أُذنٌ “. لقول آلحق لا يتكلم مار بولس عن مكانٍ أعَدَّه آلرب. بل يقارن بين حكمة آلله المختلفة عن حكمة آلبشر. لم يعرف آلبشر حكمة آلله في تدبير آلحياة. قال إشعيا أنَّ البشر يسدون أفواههم أمام حكمة آلله. لأنَّهم ” يرون غيرَ ما أُخبروا به. ويشاهدون غيرَ ما سمعوه ” (إش52: 15). و يُضيفُ :” من آلأزل لم تسمع أُذنٌ ولا رأت عينٌ إِلَهًا غيرَك يصنعُ ما يصنعُ للذين يرجونَه ” (إش64: 3). وآستشهد بولس بهذه آلآيات ليقول لأهل كورنثية، أنتم لم تفهموا بعد بعمق حكمة آلله في ” صلب يسوع “، وما أعَدَّه به للأنسانية، لاسيَّما للمؤمنين بآلمسيح. فقال :” لو عرفوها لما صلبوا ربَّ آلمجد. لكن كما يقول آلكتاب ” الذي ما رأته عينٌ ولا سمعت به أذنٌ ولا خطر على قلب بشر أَعَدَّه آللهُ للذين يُحِبّونه، وكشفَه آللهُ لنا بآلروح “. لا نقدر نحن أن نتصَوَّرَ راحةَ آلسماء ومجده ، كما هي، لأننا لم نختبر ذلك على آلأرض. فتبقى كلُّ تعاريفنا عن آلملكوت قاصرة وناقصة إزاءَ آلحقيقة، وظلًّا ورمزًا لما نشتهيه آلآن.
وقد يَنفَعُنا أن نقرأ هنا ما جاء في سفر آلرؤيا :” وسمعتُ صوتًا عظيمًا من آلعرش يقول : ها هو مسكنُ آلله وآلناس. يسكن معهم ويكونون له شُعوبًا. اللهُ نفسُه معهم ويكون لهم إِلَهًا. يمسَحُ كلَّ دمعةٍ تسيلُ من عيونِهم. لا يبقى موتٌ ولا حزنٌ ولا صُراخٌ ولا وجعٌ. لأنَّ آلأشياءَ آلقديمة زالت… أنا أُعطي آلعطشانَ من ينبوع ماء آلحياةِ مجّانًا. من غلبَ يرثُ كلَّ هذا. وأكونُ له إِلَهًا، ويكون لي إِبنًا … و أمَّا آلجبناءُ وغيرُ آلمؤمنين وآلأوغادُ وآلقتلة و آلفُجّارُ وآلسحرةُ وعبَدَةُ آلأوثان وآلكذبةُ فنصيبُهم في آلبحيرة آلملتهبة …”(رؤ21: 3-8).
فالملكوت إذًا ليس مكانًا نبحثُ عنه بل حالةُ آلراحة وآلسعادة وآلإفتخار يعيشُها بعد آلموت الذين آمنوا بآلله آلثالوث وعاشوا على آلأرض حياة آلمحبة وآلإخاء وآلخدمة تجاه آلله وتجاهَ آلبشر، وتابوا عن ذنوبهم ، لِيرثوا مُلْكَ آلله، ما هو إلهي (متى 25: 34 -36). فبعد آلموت يتمتعون بآلنعيم وآلهناء، مع ابراهيم ولعازر ولص آليمين و كلِّ آلمُخَلَّصين، في مملكةِ آلله ، ومثله.