أهلا وسهلا بالأخت ايفا
لقد تأخرت في الجواب لأسباب خارجة عن إرادتي. أعتذر عليه رغم ذلك.
كتبت الأخت ايفا :” هل معمودية الأطفال صحيحة أم لا “؟. ورافقت سؤالها بمبررات تبدو مُحّقة، وهي: ضرورة الأيمان للعماد، والوعي للأختيار الحر للحياة. في حين لا يفقه الطفل شيئًا عن الأيمان، ثم ولأنَّ الكتاب لم يذكر عن معمودية الأطفال.
ثم أضافت سؤالا آخر هو: ينتشر الحديث عن ” حرام أن نصَّلي للقديسين”، لأنهم موتى، و لأن المسيح طلب منا أن نصَّلي للآب فقط. ومثلها حرام ” أن نسجد لتمثال” وقالت :” حرام ندخل الكنيسة ونسجد للتمثال؟! أينَ نحن “؟!!.
المعمودية . إذهبوا .. وعمدوا
معمودية الأطفال ، هل صحيحة؟. سؤال غريب. ربما لم يطرحه صاحبه لأنَّ السؤالَ يقُّضُ مضجعه. بل لأنَّ فئات من المُدَّعين بالمسيحية أصبحوا يُرَّوجون لهذه الأفكار بغية تقويض أركان المسيحية. لأنَّ عدم عماد الأطفال يقود حتما الى عدم الأيمان وترك الكنيسة. لأنه من يضمن طفلا ترَّبى في الألحاد أن يقبل الأيمان عندما يبلغ ؟. لا أحد. وهذا ما يريده أعداء المسيحية وما تُطَّبلُ له بعض الفئات المسيحية عن جهل. أسألُ المُرَّوجين، من خلال السائل الكريم، هل تكون الكنيسة قد أخطأت وهي من ألفي سنة تُعَّمدُ الأطفال؟. وهل سمح الله بذلك وهو الذي وعد بأنَّ أبواب الجحيم لن تقوَ عليها؟. وحتى لو إفترضنا أن الأعتراض هو ضد الكنيسة الكاثوليكية، كالعادة المألوفة، لكن لا ننسَ أنَّ إنقسام لوثر ورفاقه لم يقم إلا قبل خمسمئة عام فقط. فهل يكون المسيح قد خان كنيسته وسمح للخطأ أن يدخل تعليمها ألفًا و خمسمئة عام؟. فالتشكيك بصحة عماد الأطفال لا يطال كنيسة مُعَّينة، ولا كلَّ الكنائس، بل المسيحَ نفسه!!. أين نحن من الأيمان؟.
وأفطيخس الغلام أ لم يكن طفلا عندما آعتمد وأشترك في القداس وأخذه النعاسُ وهو بجانب الشباك فسقط ومات وأحياه بولس (أع20: 9-10)؟. كيف قبل الرسول أن يُعَّمد إذا لم يسمح المسيح بذلك؟. يدّعي المعترضون أنَّ الكتاب لم يذكر عماد الأطفال. يا لغرابة الأمر. وهل ذكرالكتاب وحصرالعماد في البالغين؟. أين ؟. إنه تفلسُفٌ سخيفٌ أنَّ الكتاب لم يذكر. عندما عمَّد بطرس ثلاثة آلاف معا أ لم يكن بينهم ولا طفلٌ؟ هل إعتمد الآباء والأمهات و تركوا أطفالهم يهودًا؟. هل هذا منطق إنسان واعٍ ومؤمن؟. خاصة وبطرس أكد لهم بأنَّ الوعد بالخلاص بإفاضة الروح القدس هو لهم ولأولادهم !(أع2: 39).
وأيضًا ما معنى وعدِ المسيح بأنَّ الروح القدس سيُرشد الكنيسة الى الحَّقِ كله إن لم يكن بوسع الروح أن يكشفَ للكنيسة عبرَ الأجيال، والى نهاية الزمن، ما لم يكشفه الرب “حرفيًا ” للرسل؟ ولماذا أصَّرَ يوحنا الأنجيلي أن يوَّثقَ ذلك، مُلهَمًا من الروح، إِذا لم يكن للكنيسة، التي يقودها الروح، أن تتصَّرفَ حسبما تراه مطلوبًا من الروح نفسِهِ (يو16: 13)؟. وأيُّ معنىً يكون للنص الآخر الذي يُخَّولُ الكنيسة سلطان الحَّل والربط إ(متى18:18) ِذا لم تكن الكنيسة قادرة أن تعطيَ العماد للأطفال؟. ترى هل نحن المسيحيين نؤمنُ بالمسيح ونخضع لكنيسته أم نرمي المسيحَ جانبًا ونُكَّذبُه ( حاشاه) حتى نتبع آراءَ بعض الذئات الخاطفة الذين يأتوننا بلباس الحملانٍ “وهم في الباطن ذئابٌ خاطفة ” (متى7: 15)، وما همهم سوى خلق البلبلة وتمزيق الشعب المسيحي؟.
وأيضًا أيُّ وعيٍ للطفل أو حرية عندما يُسَّجل على جنسية الوالد، حتى يجب أن يكون له إدراكٌ وإيمان بالمسيح ليُعَّمد؟. وإن كان يرثُ كلَّ شيءٍ من والده، مواطنته وماله وسمعته ، أما يقدر أيضًا أن يرثُ منه إيمانه ؟. وهل يعقل إيمانيًا لأبٍ مسيحي مؤمن أن يُعطيَ إبنه حياة الجسد فقط ويحرمه حياة الروح، ويرَّبي في بيتِه وثنيًا ؟. هل هكذا مكتوبٌ في الكتاب؟ وما معنى وصية بولس :” ..أن يُحسنَ تدبيرَ بيتِه ويحمل أولادَه بالحسنى على الخضوع” ( 1طيم3: 4). لماذا يُعلمهم على الخضوع للكنيسة إن لم يكونوا معَّمدين أبناءًا للكنيسة؟. ما علاقتهم بالأيمان إذا لم يعترفوا بعد بالمسيح؟. وللعلم إنَّ عماد الأطفال لا يُجَرِّدُهم من حرية الأختيار عندما يبلغون !!.
ليس إيماننا حرفًا مكتوبًا مثل قانون الدولة. بل هو حياةٌ تزرعها فينا الكنيسة بالمعمودية وتغَّذيها بالأسرار مستندة الى كلام المسيح الذي قال:” ما كلمتكم به روحٌ وحياة”(يو6: 63) وليس حرفًا. لأنَّنا نخدم في “عهد الروح لا الحرفَ. لأنَّ الحرفَ يُميت، والروح يُحيي” (2 كور3: 6). يبقى عماد الأطفال صحيحًا 100%، ومن يعترضُ عليه هو ضد المسيح 100%.
صلاة للقديسين
يبدو أنَّ السائل الكريم ينقل إعتقادات لا يؤمن بها لكنه تُطَّرش آذانه فيريد أن يتخَلَّص من طنينها. فسأل عما تنشره وسائل الأعلام بخصوص الصلاة للقديسين. القديس بمفهوم الكنيسة من أرضى الرب بسيرته المثالية المتمثلة بسلوك المسيح وشريعته. دعا الربُ كلَّ المؤمنين الى الكمال (متى7: 48) والقداسة (1تس4: 3-8). والقديسين مُكَّرَمون عند الله ومُمَجَّدون. وصلاتهم هي عطورٌ يرفعها الملاك أمام الله (رؤ5: 8) وبخور(رؤ8: 3-4). فكيف يكونون موتًى لا يحسون إذا كانوا يُصَّلون؟. وماذا تكون صلاتهم غير طلب الى الله من أجل غيرهم ما داموا هم لا يحتاجون الى شيء (رؤ7: 15-17)؟. لنقرأ معا ما يقوله سفر الرؤيا عنهم: ” رأيت تحت المذبح نفوسَ الذين سُفِكت دماؤُهم في سبيل كلام الله و الشهادة التي شهدوها. و صرخوا بأعلى صوتهم : حَتّامَ ، يا أيها القدوس الحق، تُرجئُ الأقتصاص والأنتقام لدمائِنا من أهل الدنيا ؟” (رؤ6: 9-10). أ ما قال يسوع بأنَّ الرسل سيدينون أسباط إسرائيل ؟(متى19: 28). وبولس يقول:” أ ما تعلمون أنَّ القديسين سيدينون العالم ؟ (1كور6: 2). إذا كانت هذه مهمتهم أما ينفعُ أن نطلب منهم أن يتشفعوا لنا لدى يسوع المسيح؟. ومن قال بأننا بطلبنا شفاعتهم نعبدهم ونتخَّلى عن الله؟. هذا تفكير أناسٍ مرضى لا مؤمنين. وعلى المريض أن يتعالج لا أن يُعطيَ درسًا لغيره بالصحة.
التمـاثيل
أفكارٌ أخرى نقلتها السائلة الكريمة عن الإذاعاتِ الغوغائية. أولا أُطمئنُ قرائي الكرام بأنَّ المسيحيين لا يعبدون التماثيل. حتى لو ركعوا أمامها فهم لا يركعون لا للتمثال ولا للقديس الذي يُصَّوره. ثانيًا إن التمثال مُجَّردُ وسيلة إيضاح تربطنا بالله وتشُّدُنا اليه. أما العبادة فهي لله وحدَه. وأما إستعمال كلمة ” عبادة ” أحيانا ، المأخوذة من اللاتينية فتعني أيضا التوقير و الأحترام. فنحن نقدر أن نوَّقر الله وقديسيه، ما دام يتمتعون بالمجد معه، في تماثيل ترمز اليهم. لآ ننسى أنَّ الله منع في العهد القديم صنع التماثيل و عبادتها لأنَّ لا أحدًا رأى وجه الله المجيد. أما نحن المسيحيين فقد رأينا وجهه ومجده في شخص المسيح فنقدر أن نُمثله بصورة أو تمثال يساعدنا على ذكره والأرتفاع إليه. لا بل أمرنا بتحويل الخبز الى جسده والخمر الى دمه (لو22: 19) لنتذكر موته ودفنه وقيامته (1كور11: 16). وإذا كنا نجعله حَيًّا بجسده فهل كثيرٌ أن نُمَّثله فقط بتمثال وسيلة يشُّدُنا اليه ؟.