أهلا وسهلا بالأخ وسام زهير خضـر.
سأل الأخ وسام : ما هي الروح كيف نثبتُ وجودَها لأشخاص ملحدين لا يعتقدون بوجودها | ؟
ونـفـخ اللـهُ في أنفِه نســمة الحــياة ! تك 2: 7
هكذا عَّـلمنا الأيمان أنَّ الحياةَ ” نفخة ” وجودية مثل الريح. ثم دعى الله الحياة ” روحًا ” حيث قال :” لا تدومُ روحي في الأنسان الى الأبد “(تك6: 3). وقال يسوع لنيقوديمس :” لا أحدَ يُمكنُه أن يدخُلَ ملكوت الله إلا إذا ولدَ من الروح ” (يو3: 5). وقبل صعودِه قال للرسل :” أما أنتم فتُعَّمَدون في الروح القدس” (أع1: 5). من خصائص الروح أنه لا يقعُ تحت الحواس فلا يُرى ولا يُمَّس ولا يُحَّد ، يشعرُ الأنسان مع ذلك بوجودِه ؛:” الريحُ تهُّبُ حيثُ تشاء ، تسمعُ أزيزها، ولا تدري من أين تأتي وإلى أين تذهب. تلك حالة الروح” (يو3: 8). لما طلبَ موسى أن يرَ مجدَ الرب ، أجابه الله :” سأعرضُ كل جلالي أمامك… أما وجهي فلا تقدرأن تراهُ..”(خر33: 18-20). ذلك لأنَّ اللهَ ، كما أكَّدَه يسوع ” روحٌ “(يو4: 24).
إذن يدورُ الكلامُ عن الروح ككيان أو وجودٍ قائم بذاتِه ، وأيضا كصفةٍ لكائن أُوجِدَ على صورة الكائن الروحي. في كل الأحوال فـ ” الروح” يبدو جوهرًا وجوديًا ، بذاتِه أو بصنع غيره له، ومصدرًا للحياة ، أى للحركةِ والنمو. فروحُ الأنسان هي مصدر الوجود والقوة التي تُحييه. هكذا وصف يسوع أيضا الروح لما قال لتلاميذه :” أمكثوا في المدينة الى أن تنزلَ عليك القوةُ من العلى” (لو24: 49). ومن مقومات الروح أو عناصره الجوهرية ” العقلُ والفكر، والأرادة والحرية “. ولا أحد يستطيعُ لآ أن يرَ هذه القوى أو العناصر ولا أن يمُسَّها ولا أن يحُّدَها، ولا أيضا أن ينكرَوجودَها لأنه يحُّسُ بفعلها ودورها. إنها قوىً روحية جوهرية. وهذه هي روح الأنسان. إنها مبدأُ وجودِه وتصَّرفِه.
الكون مليءٌ بالكائنات ترى هل مادتها الحسية هي التي تضمن وجودَها وحيويتها أو نشاطها أم لها شيءٌ آخر يُنَّميها ؟. لو أخذنا الأشجار مثلا فسألنا : ما هو سببُ نموها وآختلافُ أجزائها وكيفَ تتكوّنُ أثمارُها ؟ هل هي المادة الخشنة {خشبها} يقود العملية أم شيءٌ آخر؟.
حتى خشبها ينمو؟. من يفعل فيها ذلك؟. والأنسان والحيوان يتكونان وينموان أيضا ، فأيُّ عنصر فيهما يقود عملية النمو ويسَّببها؟. كل شيءٍ في جسمه ، كلُّ جزءٍ ينمو؟. هذا مبدأ الحياة والنمو يدعوه الفلاسفة والعقل البشري بـ ” الروح “. فالأنسانٌ ” نفسٌ حيةٌ”، أى هو كائنٌ روحي له جسمٌ ماديٌ يخضع للحواس، ينفصلان عند الموت. حتى أنهى يسوع حياته الجسدية بالموت على الصليب لما قال :” بين يديك يا أبتاه أستودعُ روحي”؛ قال هذا ولفظَ الروح “(لو23: 46؛ متى27: 50؛ مر15: 37). تلك الحياة الروحية التي نفخها الله في الأنسان ردَّها يسوع الى الله لتحيا معه للأبد. وهكذا يفعلُ كل إنسان، عند الموت، درى ذلك أم لم يدرِ.
أما الملحدون الذين لولا الروح لما كانت لهم لا حياة ولا فكرٌ ولا حرية فهم كما قال الرسول ” لا علم عندهم ولا ثبات ” (2بط3: 16) فأعرضْ عنهم كما قال بولس (2طيم 3: 5) لأنهم يدَّعون الفلسفة والعقل وهم لا يرون غير الجسد المادي. وكيف يمكن للمادي ان يرَ الروحَ الذي يُحييه ويُحَّركه ويُنميه؟. هل يرى الفكرَ أو الحب ؟. لو كانت الحياة والنمو عملَ الجسد لما ماتَ الجسدُ أبدًا. وإذا كان مبدأ حياته وحركته روحيا ، من طبيعةٍ مغايرة لطبيعتِه، فبأي منطقٍ يطلبُ بأن يخضعَ المُحَّركُ لما يُحَّركُه هو؟؟؟. هل تخضع قوة الكهرباء الى الأشياء التي تحَّركها ؟؟. هل يخضع الماءُ للأشجار التي يسقيها وينَّميها ؟؟. وهل يخضع الأنسان للأجهزة التي يصنعُها، أو تفهمُ الأجهزةُ صانعَها ؟