اهلا وسهلا بالأخ فادي المصلاوي
كتب الأخ فادي يســألُ :” ما هو سببُ كلام الناس غير الأخلاقي ؟ ولماذا يتكَّبرُ الواحد على الأنسان الفقير ؟.
مشيئة الله أن تكونوا قدّيسين !
هكذا كتب بولس لأهل تسالونيقي (1تس4: 3)، تحقيقًا لدعوة الرب يسوع تلاميذه الى الكمال (متى5: 48). والكمال والقداسة هي سلوكٌ نتبَّناه. وقد أوجَـزه بولس بقوله :” إِهتموا بكل ما هو حَّقٌ وشريفٌ وعادلٌ وطاهر”(في4: 8). وهذا النموذج من الأخلاق صَوَّره عند يسوع فقال :” تخَّلقوا بأخلاق المسيح “(في2: 5) الذي كان ” مُنَّزَها من التحَّزب والتباهي ، متواضعًا، يفَّضلُ الآخرين على نفسِه، مُهتّمًا لا بمنفعته بل بمنفعة غيرِه”.
هذا هو دستور المؤمن بالله ولاسيما بيسوع المسيح. وقد طالب الله منذ البدء إعتبار كل إنسان قريبًا ومعاملته كمعاملة الذات. فإذا خرج الواحد عن هذا الأطار الأيماني عندئذٍ لا يجد مُبَّررًا حتى ولا للأهتمام بالغير. لن يعترف بغير نفسِه. ولن يمنعه شيءٌ في الجريِ وراءَ مصلحته المادية ومجده وغناه. يكون الآخر كأنه غير موجود. وإذا رآه مختلفًا عنه يستصغره. وإذا وجدَه منافسًا له يكسره ويزيحه عن طريقه. وإذا لم يقوَ على ذلك يُهينه و يشَّوه سمعته بكلام بذيء ترفضه الأخلاق المسيحية. وهذا ليس سوى دليلٍ على عدم الأيمان بيسوع المسيح وعدم هضم تعاليمه بشكل صحيح.
هذا من جهة. ومن أخرى يستسلم أمثال هؤلاء الى الشهوات والأهواء الحسية. إذا فرغ الإناءُ من الماء إمتلأ من الهواء. الماء يُنعشُ ويحيي. أما الهواءُ فينفخ ويُطَّيرُ فيخرج الأنسان من ” إنسانيته ” فيخسرُ عقله وعندئذ يستعملُ غريزته الحسية. وفي الغريزة لا يوجد غير” الأنا ” نافية كل بُعدٍ آخر. وعندئذ يحسبُ كلَّ الآخرين أدنى منه، بل لا قيمة لهم فلا يستحقون التقدير. أ ليس هكذا تصَّرفَ قادة شعب الله المختار عندما شعروا أنَّ الناس، ومنهم بعض حراس الهيكل، بدأت تؤمن بيسوع أنه المسيح فقالوا :” أَ خَدَعَكم أنتم أيضًا ؟ هل رأيتم واحدًا من الرؤساء أو الفريسيين آمن به؟. أمَّا هؤلاء العامّة من الناس الذين يجهلون الشريعة فهم رعاعٌ ملعونون ” (يو7: 49).
والسبب الآخر، ربما يكون هو أساسَ هكذا تصَّرف، هو أنَّ المُتكَّبرَ والبذيءَ الكلام لمْ يتلقَ تربية أخلاقية في العائلة ، وزادها سوءًا السلوك الأجتماعي العام الملحد الذي ليسَ له قياس للسلوك غير رغبة الفرد ومنفعته. والغاية تُبَّررُ الوسيلة. ومن طبع الأنسان الغريزي أن يبرز ذاته ويتعالى أكثر مما هو عليه. ومن غريزة كلِ كائن حَّي إزاحة مَن ينافسُه وآحتقارُ مَن يجرح كبرياءَه. وهكذا لا يتراجعُ عن آستصغار الآخر وشَّل منافستِه. و لهذا تكون أخلاقه عادة بذيئة وسلوكه أن لا يعترفَ بقيمةٍ لغيره. فيستبيح كلَّ شيءٍ لنفسه ويحرمُ الآخرين من كلِّ شيء ويُفرغهم من كلّ قيمة أو حَّق. لا يعتبرُ المقابل أخًا كما طالب المسيح ، ولا هو مستعدٌ أن يحرمَ نفسه عن شيءٍ يشتهيه. تُصبح شهواتُه قياسَ الحق ومن يعارضُها هو السَّييء. ومن إستسلم للشهوة يفقد توازن العقل ويتشَّوه الصواب. لقد غاب عنه نور الله الحَّق فيتيه في ظلال الشر. وكلًّ هذا نتيجة الخطيئة ورفض شريعة الله إرضاءً للجسد (رم 8: 7-9).