أهلا وسهلا بالأخت فـنـيك يـلـدا.
عاينت فنيك جمعَ اللمـة في الكنائس وأثناء القداس ، وكذلك
علِمَت أنه يُدفعُ مالٌ لإقامة القداديس عن أرواح المـوتى
فسـألت :
1- ما هو الهدف من جمع المال ، ولماذا أثنـاء القداس ؟
2- ما الغاية من دفع المال لأقامة الصلاة عن أرواح الموتى ؟
لَّــمة القــداس !
لقد عَّـلمَ يسوع بأن نُحّبَ قريبنا كنفسنا (متى19:19)، وأوصى تلاميذَه وأتباعَه بالاهتمام بالفقراء والمحتاجين (متى19: 21 ؛ مر10: 21 ؛ لو14: 21) ، وأعطاهم المثل بالاهتمام بهم بنفسه (يو13: 29). وعلى أثره اهتمت الكنيسة منذ نشأتها بالفقراء. وعند اختتام مجمع أورشليم وصى الرسلُ بولس وبرنابا بأن يتذَّكروا الفقراء ، وقال بولس :” وهذا ما جهدتُ أن أقومَ به “(غل2: 10؛ أع24: 17). ولما وقعت المجاعة في فلسطين بعد سنة 55م جَّمعَ بولس المعونات من أهالي مقدونية وآخائية لأسعاف المؤمنين في أورشليم (رم15: 26-28). وفعل كذلك في غلاطية وكورنثية. وقبل أن يصل تلك المدن أرسلَ إليهم خبرًا بأن يجمعوا صدقاتِهم في اليوم الأول من الأسبوع ، أى الأحد. ونحن نعلم أن المؤمنين كانوا يجتمعون يوم الأحد لإقامة القداس (أع20: 7؛ 2: 42-47). فوصاهم الرسول أن يجمعوا تبرعاتهم عند حضورهم القداس (1كور16: 1-4). ودرجت منذ ذلك الوقت جمع التبرعات للمؤمنين الفقراء ، ولدفع مصاريف التجُّمع وإقامة الصلوات من إيجار وإنارة ولاسيما توفير مواد القداس ومستلزماته ، وذلك في بدء ذبيحةِ القداس. وأيضا ترين في كل كنيسة صندوقا إضافيا يجمعُ الصدقات للمحتاجين.
وبما أنَّ القداس ينقسم الى جزأين : رتبة الكلام ورتبة الذبيحة فجرت العادة جمع التبرعات بعد رتبة الكلام وفي بداية رتبة الذبيحة. ويبدأ القداس قبل تلاوة نؤمن. يبدأ في الطقس الكلداني مع ترتيله التقادم المعروفة بـ ” مْسَّـبارو سَبْرِثْ بْمَـرْيا “. هنا كان الشعب يُقدمُ الخمر والخيز للكاهن حتى يُقّدسَها ويقربها على المذبح. فهنا تُجمعُ لمة التبرعات رمزا الى اشتراك الشعب بتقريب ذاتِه مع ذبيحة يسوع. بل المؤمنون يُصبحون مع المسيح ذبيحة حَّية مرضية لله.
حسـناتُ القــداديس !
أما ما يُدفعُ من المال لإقامة الصلاة عن راحة أنفس الموتى ، فأولُ من فعلَها هو يهـوذا المكابي إذ جمع مالا من جنودِه وأرسله الى أورشليم لأقامة ذبيحة تكفيرية عن أرواح جنوده الذين استشهدوا (2 مكابيين12: 43-44). لكن الكنيسة وَّضحت الفكرة والتعليم. فليست الفكرة مقايضة الصلاة بالمال. بل الذبيحة تتطلبُ مادة تُكَّلفُ. وتتطلبُ خادمًا يتفرغُ للقيام بها. فمن يدفعُ كلفة الذبيحة ويُساعد الخادم على العيش ليتفرغ لخدمتِه ؟. وقد جاءَ في شريعة موسى :” لا تكُّم الثور وهو يدرسُ الحبوب “(تث25: 4)، بل دعه يأكل مما يتعبُ فيه. وقد بنى مار بولس تعليمه على هذا فقال :”
إذا كنا قد زرعنا فيكم الخيرات الروحية فلا يبدو غريبًا أن نحصُد من خيراتِكم المادية “؟. ويضيفُ :” من ذا الذي يغرسُ كرما ولا يأكل من ثمرِه؟ من ذا الذي يرعى قطيعا ولا يغتذي من لبنِه؟… أما تعلمون أنَّ خدمَ الهيكل رزقُهم من أرزاقِ الهيكل ، والذين يخدمون المذبح يأخذون أرزاقهم من المذبح ؟. وهكذا قضى الله للذين يُعلنون البشارة أن ينالوا رزقهم من البشارة “(1كو9: 7- 14). فعلا لقد قال الرب :” لا تحملوا نقودا .. ولا تتزودوا للطريق… لأنَّ العاملَ يستحقُ طعامَه”(متى10: 9-10؛ لو9: 3-4).
وهذا بولس يمدح أهل فيلبي ويشكرهم على توفيرهم ما احتاجه لقوتِه ولبسه ومصاريف تنقله في خدمة الكلمة ، فقال :” .. ما من كنيسةٍ … أجرت عليَّ حسابا إلا أنتم وحدَكم. فقد بعثتُم إليذَ غيرَ مرَّةٍ .. بما أحتاجُ اليه… وقد صرتُ بسِعةٍ بعدما حملَ اليَّ أبفرَديتُس من هديتكم ، ألا وهو عطرٌ طيّب الرائحة وذبيحة يقبلها اللهُ ويرضى عنها. واللهُ يسُّدُ حاجاتِكم كلَّها على قدر غناهُ العظيم ، في المسيح يسوع .”(في4: 15-19). فدرجت الكنيسة على الطلب من المؤمنين الذين يضمنون معيشة الأكليروس بأن يدفعوا من أموالهم شيئا عندما يكلفون إكليريكيًا بتقديم خدمة روحية أو صلاة. لا تُباع الصلاة أو القداس. ولا يُحَّـدَد بقيمة. انما تُحَّدد حسنة بحيث تضمن حياة الأكليريكي من جهة ومن أخرى حتى لا يُسـتغَّلَ الأمرُ بشكلٍ سَّـيئ. ومن هذا القبيل يُطلبُ ممن يطلبُ إقامة القداس عن روح أمواتِه أن يدفعَ مبلغًا محَّددا ، في أوربا، بنصف ساعة عمل. وعندما تُحَّددُ رواتبُ الكهنة يُحسبُ حساب نيات القداديس من ضمنها ، ليكون الراتب كافيا فيعيشَ الكاهن بكرامة كما قال الرسول.