أهلا وسهلا بآلأخ نهاد شـامايا.
كتبَ الأخ نهاد يقول : ” من المؤكَّدِ أن مار توما شهدَ أو سمع بقيامة لعازر من الموت على يد يسوع!. فالذي أقامَ لعازر بعدَ ثلاثةِ أيام من موتِه يُفترَضُ أنه لا يجد صعوبة في الأتكال على نفس القُّـوة في إقامةِ نفسِه؟. هكذا كان يُفترَضُ منطقيًا أن يفَّكرَ توما الرسول ، حسبَ اعتقـادي”. هنا تساءَلَ الأخ :
+ }} ما الذي جعلَ توما الرسول يشُّـكُ بقيامة المسيح وهو تلميذٌ له ؟.
الأفـتراضُ غيرُ منطقـي !
إذا وقعَ أحدٌ في جبٍ عميق وآنكسرت أطرافُه وطلبَ النجدة يمكنُكَ أنتَ أو أي واحد قوي تتوفرُ لهُ المستلزمات المادية أن يُنقذَ المُبتَلى ويسحبَه من الجب. أما إذا وقعتَ أنتَ أيها المفكرُ الكريم في نفس الجُب ، وآنكسرت أطرافكَ ولا حبل لكَ ولا مصعد كهربائي كيفَ تخرجُ من الجب؟ هل تقدر أن تُسعفَ نفسَك؟. ايليا النبي أقام ابن الأرملة الذي مات (1مل 17: 19-24)، لكنه إنهزمَ أمام تهديدات ايزابل ولم يقوَ على حماية نفسِه (1ما19: 2-3)!. وبطرس وبولس أقاما أمواتًا لكنهما لم يستطيعا حماية نفسيهما من الأستشهاد. يسوع ، لما كان حَّيا، أقام لعازر وغيرَه. ولكنه على الصليب مات ، ودفنوا جسده الفاقد كل حركة أو حياة. كيفَ يُنقذ نفسَه؟ كيفَ يُعيدَ التنفُسَ الى نفسِه وقد فقده ؟. أما يقول المثل والعقل و المنطق أنَّ ” فاقدَ الشيء لا يُعطيه “!؟. هذا منطق البشر. وكان توما إنسانا منطقيًا!.
سبب شَّــك تومـا !
لا فقط توما شك في قيامة يسوع. بل كل الرسل شكوا وهم يرون يسوع واقفًا حيًا أمامهم : “ما بالكم مضطربين؟ و لِمَ ثارت الأوهامُ في نفوسِكم “؟ (لو24: 38). توما هو فقط نموذج الأنسان الذي ينطق ويُخرج ما كان في باطنه، ولم يقدر أن يُخفيَ ما كان يجول في خاطرِه. ولما رأى في يسوع آثار الصلب ” آمن “. بماذا آمن؟. آمن بما لم يكن الرسل أكيدين منه. جاء جوابُ توما ليسوع جوابا لكل سائل عن سبب شكه. ” رَّبي و إلهي”. حتى لما أقام يسوع لعازر لم يقتنع ولا خطرَ في بال الرسل أنه ” اللهُ المتأنس “!. لقد سبق بطرس وأعلنَ أنَّ يسوع هو” المسيح ابنُ الله الحي”. وأيدَه التلاميذ وتوما أيضا. ولكن ماذا إفتهموا عن ” ابن الله” ؟ اللهُ أعلم!. ما هو اكيد أنه لو إعترفوا وآقتنعوا أنه ” الله المتجَّسد ” لما خذلوه وهربوا ، ولما نكره بطرس خوفا من الموت. حتى بعد خبر القيامة يُصرحون:” كنا نحن نرجو أن يُعتقَ اسرائيل” (لو24: 21). خابت آمالهم بما آمنوا به أنه” مسيحٌ مُحَّررٌ و ملكٌ أرضيٌّ “. فكيف يستطيعون التفكير بأنه قادرٌ على أن” يُقيمَ نفسَه ” كما أقام لعازر؟. ولكن رؤيتَهم له حيًّا أكملَ إيمانهم به بأنه الله. وهذه كانت صرخة الأيمان سجَّلها يوحنا على لسان توما ” رَّبي وإلهي” (يو20: 28).
لقد إشتهرَ توما في الأنجيل بتشاؤُمِه. فهو الذي إعترضَ على يسوع في الذهاب الى بيت عنيا بعد موت لعازر ولم يقصده ليشفيه في مرضه ، فقال ساخرا :” لنمضِ نحن أيضا و نمُتْ معه”(يو11: 16). هو ايضا إعترضَ على يسوع عندما قال لهم :” تعرفون الطريق الى حيثُ أنا ذاهب ” فرَّدَ بسرعة وآنفعال : ” ربِّ ! إنا لانعرفُ أين تذهب ، فكيفَ نعرفُ الطريق “؟ (يو14: 5). وفي كل أجوبتِه يتصَّرفُ توما بمنطقٍ بشري مستقيم لا غبارَ عليه. إنه مثالُ الفيلسوف العالم الذي يُريد أدَّلة حسَّية ونورًا عقلانيا ليقبلَ بما لا يقبله عامة الناس. وهذا هو الأيمان. إذن عدم الأيمان بآلوهية يسوع جعل الرسلَ يشكون في قيامتِه. وقيامتُه كانت الضوءَ الساطعَ والبرُهانَ القاطعَ على أنه ” اللهُ متجَّسد”.