أهلاً وسهلا بالأخ فادي ألبير
كتب الأخ فادي يقول :” قال اللص: “أذكرني متى جئتُ في ملكوتك”. المعروف أنه لِصٌّ. واللصُ هو خاطيء. كان يلزم أن يقول: أُذكرني متى ذهبتُ الى الهلاك ، وخَّلِصني. هل كان اللصُ يعرفُ أنه ذاهبٌ إلى الملكوت لا الى الهلاك؟ “.
جِئْتُ أم جِئْتَ ؟
ربما سهى السائلُ الكريم في قراءَة النص. لا يدورُ الحديثُ عن { جئتُ } ذهاب اللص، بل عن مجيءِ مملكة المسيح. لقد أحَّسَ اللصُ بأنَّ رفيقهم في العذاب ليس مثلهم مجرمًا. سمع كلام المستهزئين بأنه إدَّعى أنه ملكٌ. وقرأَ الكتابة فوق رأسه :” هذا ملك اليهود”. فآمن أنه فعلاً المسيح الملك الموعود والمنتظر. لكنه كان يراه أمامه مصلوبًا. أما المسيح فلابد أن يؤَّسسَ مملكة. فلابد وفكر بأنَّ الصلبَ ليس النهاية. لابد وسيتمجَّد المسيح كما مكتوبٌ عنه. إذن مملكة المسيح (الملكوت) آتية بعده. أي سيرجع المسيح الى الحياة ويشكلُ مملكته. إذن الملكوت آتٍ مستقبلاً. ولهذا لم يقل اللص أنه هو ذاهبٌ اليه. بل” متى جئتَ ” أنت. أي متى شكَّلتَ أنتَ مملكتك.
” .. الى الهلاك، فخَّلِصْني ” !
ذكر لوقا أنَّ الغني الأناني هلكَ وطلب الى إبراهيم أن يرحمه ويُخَّلِصَه. ردَّ عليه بأنه لا نجاة من عذاب الهلاك (لو16: 22-26). هكذا لم يكن اللص يعرفُ أنه يخلص. بل كان واثقًا أنه هالك، وأنه يستحقُ الهلاك لأنه مجرم. بل كان في الهلاك:” نحن عقابنا عدلٌ ، نلنا جزاءَ أعمالنا” (لو23: 41). لكن برز فجأة عنده الأيمانُ بلاهوت يسوع ورجاءٌ بالخلاص. فقبل أن يموت ، ولات بعد ذلك ساعة مندم، جَرَّبَ حَظَّه. بالنسبة اليه لا خلاص من الموت المُعَّلق عليه. ويسوع هو المسيح ، الذي لا يموت (يو12: 34)، سيحتاج أكيدا الى مؤيدين لمملكته. إنه مستعد أن يُغَّير سلوكه ويتبعه ويلتزم نظامه. فيحتاج الآن قبل الموت أن يقبله حتى يقيمه معه. إذا لم يضمن الآن رضى المسيح لن يخلص أبدا. فتشَجَّع وطلب منه أن يُقَّيده من الآن جنديًا في جيشِه. لذا قال :” أُذكرني ، متى جئتَ في ملكوتِك”. الملكوت مرتبط بيسوع، ويسوع الآن يموت لكنه سيعود الى الحياة. فيعتقدُ انَّ الخلاص في المستقبل، وأنه الآن في الهلاك. لكن يسوع يُغَّيرُ له بعض المفاهيم ، منها أنَّ الملكوت حاضرٌ أمامه ، لأنه هو القيامة والحياة (يو11: 25). وما دام هو مؤمن به وأعلن إيمانه بطلب رحمته فسينال الآن مطلبه :” اليوم تكون معي في الفردوس”. لن يهلك حتى يخَّلِصَه. بل يُخَّلِصُه من الهلاك إذ يأخذه معه الى نعيم الملكوت.
لوقا يعي ما يكتب !
هكذا نحن مدعوون الى الدخول الى لب نصوص الكتاب لنفهمه. ولا نتصَّور أنَّ الأنجيلي أخطأ فيما كتب. تقعُ أحيانا في النص ” غلطات مطبعية” نتيجة عدم إنتباه الطبَّاع، لكن ذلك لا يُغَّير المعنى ويظهر سريعا لأنَّ قُراء الكتاب بآستمرار أو سامعيه يشعرون إذا طرأ تغيير ملحوظ على النص. وإذا أشكل علينا يومًا نصٌّ ما نرجع الى النص الأصلي المُعتَمَد عليه من قبل الكنيسة لضمان الوثوق به.