أهلا وسهلا بالأخ ســام صوفية.
لاحظَ الأخ سام بأنَّ بعضَ المؤمنين لا يُقَّدرون مكانة الصليب ، حسبَ رأيه ، لأنهم يلبسونه في أوقاتٍ أو مناسباتٍ أو حتى ” أماكن قد تكون غير ملائمة ، كالحفلات الراقصة أو النوادي الليلية “. وتذكرَ أن مار بولس قد قال ” كلُ شيء يحل ولكن ليس كل شيءٍ يوافق” (1كور 10: 23). فـسألَ :
++ هل من الملائم للمؤمن أن يلبسَ الصليب في كلِّ الأوقات والمناسبات ، أى حتى في وقت الرقص ، وما يُشـيهُـه ؟
مار بولس !
فعلاً قالَ مار بولس ذلك في معرض كلامِه عن المشاركة في ذبائح الأوثان. وأوضحَ أنَّه إن كان يُحَّرمُ على المؤمن ذلك فلأن تلك الذبائح تقَّدمُ ” للشياطين لا للـه”، فأضاف ” لا يسعكم أن تشتركوا في مائدةِ الرب ومائدةِ الشياطين “. وقد يعترضُ البعضُ على هذا المنع بحجةِ أنَّ الأنسان حُّرٌ في تصَّرفِه من جهة ومن أخرى لأنَّ ” الأرضَ وما عليها للرَّب”. أكَّدَ بولس هذه الحقائق، وأكَّدَ أيضا بأنْ ” لاالذبيحة شيءٌ ولا الوثن”. لكنه إستطردَ كلامَه بأنه قد يكونُ ذلكَ فخًّا منصوبًا لآيقاع المؤمن ، أو قد يسَّببُ شكوكا. وفي كلتا الحالتين يفشلُ المؤمن في أداء الشهادة للمسيح. فلهذا أنهى الرسولُ حديثَه بحكمِه وهو”أن ليس مُهّمًا ما تأكله أو تفعله بذاتِه ، بل بالنية التي وراءَه وبالهدفِ المقصود”. فقال :” إذا أكلتم أو شربتم أو مهما فعلتم، فآفعلوا كلَّ شيءٍ لمجدِ الله. لا تكونوا عثارًا لا لليهود ولا للوثنيين ولا لكنيسةِ الله “.
ولبس الصليب !
والصليبُ الذي يلبسُه المؤمن، ماذا هو؟. هل هو نازلٌ من السماء؟. هل هو صليبُ يسوع ؟. بل إنه معدنٌ نُعطيه نحن قيمةً ، إذا رمزنا به الى آلةِ الخلاص، وإذا لبسناهُ بنية طلب حمايتِه لنا من كلِ سوء. أما إذا لبسناه للتباهي والتظاهر، فلا قيمة له أكثر من حجمِه المادي. وعلـيه ليس المكان والزمان اللذان يُفضيان عليه قيمةً ، أو يقللان من قدرهِ. نيتُنا وغايتنا هما اللتان تجعلان الوقتَ أو المناسبة أو المكان ملائما أو غير ملائم. حتى الرقصُ لا يُغَّيرُ من مكانةِ الصليب. بينما قد يُصبحُ لبسُ الصليب في الكنيسة عثارًا إذا لبسَه أحدٌ بشكل نفاقي. بل لا شيءَ يقدرَ أن يقللَ من قيمة الصليب الذاتية لأنه قد أصبح للأبد آية للمحبة و الغفـران. إنه ضميرُ من يلبسُه هو الذي يتدَّنس أو يتقدَّس حسبَ إستقامةِ نيتِه أو سوئِها. لأن البعض قد يستعمله عمدًا بهدف الإهانة والتقليل من كرامتِه ومن كرامةِ من يلبسُه أو يُقَّدسُه. مع ذلك لن يُقَّللَ من قدرِ الصليب الخاص لأنه ” لا يعلم ماذا يفعل”. بقي صليبُ يسوع الحي ثلاث مائة سنة تحت أنقاض مزبلة اليهود. لم يُصبْه حتى ولا الفساد مثل كل المواد. بل خرجَ بعد ذلك مجيدًا وفعَّالا حتى أحيا مَيْتًا!. اليهودُ خجلوا وماتوا ، والصليبُ آرتفعَ مُمَّجَدًا!.
إفعلوا كلَّ شيءٍ لمجدِ الله !
هكذا أنهى الرسول حكمَه. كلُ واحدٍ يتحكمُ بضميرِه. وكلُ واحدٍ مدعوٌ الى ألا يُشَّككَ ويُصبحَ سبب عثرةٍ لغيرِه. وكلُ ما نفعلُه ليكن بهدف تمجيد الله وبناءَ مملكتِه على الأرض. لنستعملْ لبس الصليب لا للمظاهر، بل لنوَّقِرْهُ في قلبنا ولنحْمِلُه على أكتافِنا ولنتعَّلم منه المحبة و الصبرَ والمسامحة في كل مكان وزمان ومناسبة.