أهلا وسهلا بالأخ البرت باسل
كتب آلأخ البرت ما يلي :” عندي مسألة لا أستطيعُ فهمها. أرجو مساعدتي. مكتوبٌ: ” كان لباسُ يوحنا من وبر آلإبل” (متى3: 4). طيِّب. هذا آلحيوان هو من آلمُحَرَّمات عند آليهود (لا11: 8). إن كان هذا آلحيوان نجِسًا، فكيف يلبسُ شخصٌ مثل يوحنا ملابس من جلده؟. أَ فلا ينبغي أن يلبسَ مثلاً من جلد آلبهائم آلطاهرة ؟ “
ما قالته آلشريعة !
قبل كل شيء لم يُخالف يوحنا الشريعة. الشريعة حرَّمتْ ” فقط ” أكل لحم تلك آلحيوانات. قالت :” .. أمَّا آلحيوانلت التي … فلا تأكلوها لأنَّها نجسٌ لكم، الجمل لأنَّه …من لحمها لا تأكلوا ، ولا تمُسُّوا جُثَّتَها آلميِتة ” (لا11: 4-8). الفرقُ شاسعٌ بين أكل لحم آلحيوان الذي سيتفاعلُ معه جسمُ آلإنسان ويتأثرُ به، ولبسُ جلدِه ، بعدَ أن غُسِلَ ودُبِغَ، الذي لا يرتبط بحياة آلأنسان البيولوجية بشيء. وكما قال الرب يسوع، إذا كانت آلأطعمةُ ، من أي نوع كانت، مُحَرَّمَةً أو مُحَلَّلةً، لا تُدَنِّسُ آلأنسان (مر7: 15) فكم بالأحرى لا تُدَّنِسُه ما يلبسُه من جلد وشعر لم يُحرَم حتى في آلشريعة، ولا يتفاعلُ مع حياة من يستعمِلُها.
وقيل عن يوحنا أنه يُشبهُ إيليا آلنبي في مظهره ورسالته (لو1: 17)، وأكد يسوع ذلك (متى11: 14). وما ذكر آلكتابُ لباسَه إلاّ ليُدلَّ على بساطته ويُشَدِّدَ على عدم إهتمامه بالمظاهر آلخارجية، آلمادية وآلدنيوية، بقدر إهتمامه بالحقيقة آلألهية فكريًا وأخلاقيًا (متى 11: 7-11). وايليا لبس مثله لباسًا من شعرٍ مع حزام من جلد. ايليا وقف في وجه آلملك ليوبخه على كُفره وسوء أعماله كما فعل يوحنا أيضًا مع هيرودس.
اللهُ والشريعة !
خضع يوحنا طبعًا للشريعة آليهودية. لم يكن يسوع قد أعلن تعليمه بعد. والشريعة أعلنها موسى بآسم آلله. تربى موسى في قصر فرعون وتثقف من علوم زمانه. وأحدها شريعة حمورابي، والذي خضع لها العبرانيون من زمن ابراهيم. ولمَّا أعطى اللهُ لموسى الوصايا دستورا حياتيًا لشعبه، حرر موسى بعده آلشريعة، لتساعد في تكوين شعب آلله دينيًا ومدنيًا. لكن قادة آلشعب حوَّروها كثيرًا وركزوا على آلمظاهر وحرف آلكلام وأفرغوها من روحها . حتى قال عنها يسوع : انَّه جاءَ ليُكملها (متى5: 17) ، لأنَّهم أهملوا مشيئة آلله و تمسكوا بتقاليدهم آلبشرية (مر7: 8-9). وأكدَّ على أنها من موسى لا مباشرة من آلله (يو7: 19) حتى سمَّاها ” شريعة موسى ، أو شريعتكم ” (لو24: 44؛ يو8: 17) . لو كانت من آلله لأَعطاها آلله لأبراهيم. ثم إله ابراهيم وموسى وايليا ويوحنا هو نفسُه ، وهو ألرب يسوع الذي قال عنه يوحنا :” لا أستحقُّ أن أحملَ حِذاءَه ” (متى3: 11). وايليا ويوحنا لم يأتوا لتطبيق آلشريعة بل للدفاع عن دستور آلله في آلحَّق وآلحياة آلكريمة. ولو كان تحريم بعض آلحيوانات من آلله لما قال آلروح لبطرس :” ما طَهَرَّه آلله ( خلقه حَسنًا جِدًّا) لا تعتبره أنت نجسًا ” (أع10: 15-16).
فليس غريبًا عدم تقيد يوحنا بحرف آلشريعة بل يتحَرَّرُ منها لآنَّ رسالتَه ” أن يهديَ بني إسرائيل إلى آلرَبِّ إلَههم ” لا ليتقيد بالشريعة ، التي كما قلنا لم يُخالفها مع ذلك لأنَّها لم
تُحَرِّم جلد الجمل وشعره آلمتواضع. جلد الخراف وآلمعز وآلثور أغلى. وهذه يقتنيها من كانوا يعيشون في قصور آلملوك ويتنعمون بالثياب آلناعمة (متى11: 8) ويطلبون آلمظاهر. أمَّا يوحنا فكان فقيرًا يعيش ببساطة في آلبرية بلا سكن، وحتى يقتات على ” العسل والجراد ” ، يهمُه فقط آلحَّقُ آلألهي، لذا دعا آلناس الى آلتوبة (متى3: 2، 8-12).