أهلا وسهلا بالأخت العزيزة جوليت يونان
قلقت الأخت جوليت عند ملاحظتها أن كثيرين من ” أتباع الكنائس الرسولية”، وأغلبهم كاثوليك كما تُؤَّكد، يلجأون الى الكنائس الأنجيلية بحجَّة <| إنهم يُحّبون طريقتهم في تفسير الأنجيل |>، الأمر الذي لا يجدونه عندنا ” نحن الكهنة الكاثوليك “. وفي غيرتها سألت :
# كيف نستطيعُ أنْ نُحَّببَهم الى كنائسِنا الرسولية، ونعيدهم اليها ؟
أتـباعٌ أم أعضــاءٌ ؟
سمَّت السائلة ُ أبناءَ الكنائس الرسولية ” أتْـباعًا”. والذي يتبع عادة ليس له دورٌ مهم ولا خاص. إنه خروفٌ في قطيع. فإذا كان مؤمنٌ، من أيةِ كنيسةٍ كانت، خروفًا يتبع فبسهولة يتخلَّف عن رَبعِه ويضيع. وحتى لا يحدثُ له ذلك مطلوبٌ ومفروضٌ أن يكون كلُّ مؤمنٍ عضوا حيًّا وفعَّالا في كنيسته. وأن يكون له دورٌ، ولو بسيط مثل طابوقةٍ في عمارةٍ شاهقة، كما لأعضاء جسم الأنسان. ولم يحرم الله أيَّ إنسان من دور خاص به في الأنسانية، وكم بالحري للمسيحي في الكنيسة. ومار بولس صريحٌ في إعلان ذلك، فيقول:” كلُّ واحد يتلقَّى من تجليات الروح لأجل الخير العام”(1كور12: 7). وإذا لم يكتشفُ أحدٌ موهبته، طاقتَه ، أو لم يُغَّذِها بل أهملها عندئذٍ يكون كالشجرة التي لا تُثمرُ ثمرا جيّدًا فيُقطعُ عن جسم كنيسته.
ويكون مثل الخروف الذي لم ينتبه الى رفاقه ولم يهتم بأن يكون معهم فمال عنهم وضَّلَ طريق الحياة ويقع في خطر الذئاب أو النباتات السامة. ذلك مصيرُه.
تفسير الأنجيل !
ربما تكون أساليبُ الوعظ عند إنجيليٍّ أفضل من مثيل له كاثوليكي أو أرثذوكسي. الخطابةٌ فنٌّ وموهبة. أما تفسير كلام الله فليس من صلاحيةِ أي كان ولا من رغبةِ من يشاء، وكما يشاء. يقول مار بطرس : ” إعلموا، ما من نبوءةٍ في الكتاب تقبل تفسيرًا يأتي به أحدٌ من عندِه. إذ لم تأتِ قط نبوءةٌ بإرلدةِ بشر. ولكن الروحَ القدس حملَ بعضَ الناس { أى كلَّفهم في الماضي أوفي الحاضر} على أن يتكلموا من قبَل الله” (2بط1: 20-21). ولم يُكلف يسوعُ كلَّ المؤمنين بالتعليم بل أقام بعضهم فقط (رم12: 6؛ أف4: 11) وهم الرسل وخلفاؤُهم :” إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمذوهم ..و علموهم أن يحفظوا كلَّ ما أوصيتكم به”(متى28: 19). وعليه يتقَّيدُ الكهنة الكاثوليك بتعليم السلطة الكنسية العليا، ولا يُفَّسرُ الكتاب كما يلُّذ له ويطيبْ. أما في الكنائس الأنجيلية أو البروتستانتية، فقد ألغى لوثر الكنيسة. ولا سلطان لأحد أن يُعَّلمَ غيره. وأعلن مبدأ ” العقل الحر” ويعني كل واحد يقرأ الكتاب ويفهمه بقوة الروح ويعمل ما يشاء. وهذا مبدأٌ جذَّاب تعشقُه جماهيرُ العصور الحديثة. ولهذا تعَّدَتْ الكنائس الأنجيلية رقم ألف وخمسمائة كنيسة مستقلة. ولكل واحدة منها تفسيرها الخاص بها.
كيفُ نجذبهم ونُرَّجعُهم !
ماذا عمل يسوع ليُعيدَ الخرافَ الضالة من آل إسرائيل؟. علَّم الحَّـق ورفضَ أن يساومَ عليه فينقذ جلدَه خوفا من الموت (يو18: 37؛ 19: 10). عاشَ المحَّبة ورفضَ أن يُشِّوهَها بالحكم على أحد(يو8: 15). نادى بالإخاء والغفران فرفضَ أن يخالفها بإحراق المعتدين عليه (لو9 : 54-56). خرجَ يسوع في إثر الخروف الضال ، لم يقاصصه ولا عاتبه ، بل أنقذه من ورطته وأعطاه فرصة ً جديدة ليحيا حياة راحةٍ وهناء. إنها طريق المحبة والرحمة والمثال الصالح. ليست طريقًا لا للمعاتبة ولا للمحاسبة. بل طريقا للبلوغ الى قلبهم قبل فكرهم.
ليس مُهَّمًا جدًّا أنهم إنتقلوا الى جماعات أخرى مختلفة عن كنائسهم. ولا هو مهّمٌ ما يدّعونه. المهم ما يؤمنون به فعلا. فهل يؤمنون أنَّ تلك الكنائس هي كنيسة المسيح الحَّقـة؟. هل كان إختيارهم فعلا عن قناعة إيمانية أم فقط عن نزعةٍ أو نزوةٍ بشرية؟.
إنَّ الكنيسة الكاثوليكية تحترم الأختيار الحُّر لكل واحد. لأنَّه بآختياره يقَّررُ مصيرَه. ولا تحاولُ أن تثنيهم عن عزمهم وتعيدَهم أدراجهم بقدر ما تحترمُ قرارَهم كما إحترمَ يسوع قرار كثير من تلاميذه الذين تراجعوا عن إتّباعه لأنهم إعتبروه ” غلطانًا ” في تعليمه، ولم يدروا أنهم هم الذين قصَّروا في فهمِه (يو6: 66). وربما يحاولون جذبَ آخرين معهم. ليس الأمرُ غريبًا. منذ ملايين السنين يكذبُ ابليس على الناس ويغريهم فيُهلكهم، ولم يوقفْه الله حدَّه. بل ظلَّ يُبرهن عن حبه ومراحمِه الأزلية. يجب أن يعيش كل إنسان حُّريَته !؛ وينالَ من خلاص المسيح حصَّته بإرادته وأعمالهِ. لا نقلق على غيرِنا بقدر ما لِنحاولْ أنْ ننَّورَ إيماننا ونرَّتبُ بيتَنا، ولا نكون عثرة ً لأحد. لندع المسيح يهتم بأمرهم أما نحنُ فنصَّلي من أجلهم.