أهلا وسهلا بالأخت هيلين البوتاني.
كتبت الأخت هيلين ما يلي :” كان يسوع في حياتِه يُخرجُ الشياطين. وكانت تعرفه وتخافُ منه، وتقولُ له : أنت قدوسُ الله. وبينما هو في البرية تجَّرَأَ الشيطان وجَّربهُ ، لماذا ؟ أ لمْ يخَف من يسوع ؟. هل جَّربَ يسوعَ الأنسان ؟. لكننا نعرفُ أن يسوع منذ أن تكوَّن في أحشاء مريم ، تكَّوَنَ بطبيعتين متصلتين غير منفصلتين ” ؟ !!.
تجَّـرأَ .. أ لمْ يَخَفْ منـهُ ؟
يجوزُ أن الشَّكُ دخلَ الى فكرِ إبليس عندما رأى يسوع قادمًا إلى ” الـبرية ” ، أى القفر. فالبريةُ محلُ سكنى الشياطين ، الأرواح النجسة والشريرة (أح 16: 21-22). لا بد وآستغربَ إبليس كيفَ يتجاسرُ إنسانٌ ويتجَّرأ أن يقتحمَ ممـلكتهم ؟. لابد أنَّ في الأمرِ سّـرًا. فآستعدَ إبليسُ ليُدافعَ عن منطقته ويطردَ عنها هذا الفضولي الذي تطاولَ وهجمَ على مواقعه. لم يتجَّرأ إنسانٌ ، منذ أن أغوى إبليسُ آدم وحواء ، أن يخرجَ عن طوعِهِ ولا آستطاع أن يُنازِلَه ويتخَّلصَ من قـيودِه. فمـن ترى هو هـذا الذي يقتحمُ ” البرية ” بثباتٍ وبدون خوف؟. فقامَ إبليس ليتابعَ مُهمـتهُ في إغواء البشر وإسقاطِهم من نعمتهم. لو عرفَه فعلا من هو ربما ما تجاسرَ ابليسُ أن يقتربَ من يسوع. ولكن من أينَ له أن يعرفَ ؟. لمْ يَكشفْ له أحدٌ أمره. بل ربما لم يسمعْ به أصلا!.
كان يسوع قد قضى أربعين يوما بلياليها ” في الصومِ والصلاة “. رآهُ ابليسُ تعبًا وجوعان. إستغَّلَ الفرصة. بدأ معركـتَهُ ليوقعَه كما أوقعَ آدم. فشلَ في التجربة الأولى فبدأ الشكُ يهُّزه كما تهُّز الريح أوراقَ غصنِ الشجر. وفشلَ في محاولتِه الثانية ، فنخرَ القلقُ عظامَه وبدت قـوَّتُهُ تخونُه إذ شعر وكأن ساقيه لا تحملانِه. وحاولَ مرة ثالثة لعَّلهُ يتمكَّنُ من فريستِه لكنه إنهار أمام الضربةِ التي سحقتْ رأسه فآنتبَهَ على جهلِه وغباوتِه. هذا هو الذي كان يخافُ ظهورَه ، ويتوقعه لحظة بعد لحظةِ منذ أن تغَّلبَ على آدم وأسقطه من نعمةِ صداقةِ الله. لقد وقعَ الفأسُ على الرأس ، إنه ” قدوسُ الله “، المسيحُ إبنُ اللهِ الحي ، المُخَّلصُ الموعود. لقد ولولَ إبليس من أمامه هاربًا نادبًا حظَّه باكيا مصيرَه يفكَّرُ كيفَ ينتقم وكيف يحمي مملكتَه ؟ لم يقدر أن يقهرَهُ كيف يمكنه أن يحميَ نفسه من ألا يدوسَه بعَقِبهِ ؟ (تك3: 15). إذن تّعَّرفَ إبليسُ على المسيح وآكتشفَ لاهوتَه بعد تجربتِه فقط. وكانت تجاربُهُ موَّجهةً طبعًا الى بشريتِه ، أى جرَّبهُ في ناسوتِه لأنه جهلَ لاهوتَه. ولما إكتشفَه لم يقوَ على مقاومتِه بل إنهزمَ منه خوفًا من ألا يُسَّببُ له شقاءًا أعظم ، كما قال مرة :” أ جئتَ لتُهلكنا ” ؟ (مر1: 24).
طبيـعتا يسـوع !
نحن نؤمن أن يسوعَ المسيح ” إلاهٌ حق كامل ” و ” إنسانٌ حق كامل”. أى هو اللهُ الذي أخذ طبيعتنا وحملَ ضُعفَنا وآثامَنا. آدم الأنسانُ الأول خضع للآمتحان. حَّرضَهُ إبليس فآستمع اليه وعصا أمرَ الله. كان يجبَ على آدم الجديد ، الأنسان الذي يُخلصُ البشرية ويدفع ثمنها ، أن يخضع مثل الأول للأمتحان ويعكسَ النتيجة فيُطيعُ الله ويخزي إبليس ويُخَّـيبُه فيتغَّلبَ عليه. وهكذا خضعَ يسوعُ للتجربة بآسم البشرية. نعم بآسمنا ولآجلنا خاضَ يسوع المعركة مع إبليس ، بعدَ أن إستعَّدَ لها بآتكالِه على الله ، فآنتصرَعليه. لم ينفصلْ لاهوت يسوع عن ناسوتِه ، لا هنا ولا في تجربة بستان الزيتون عندما طلب يسوع من الآب ” أبعد عني هذه الكأس إن كان ممكنا. ولكن لا تكن مشيئتي بل مشيئتك “. كما لم ينفصلُ ناسوتُه عن لاهوتِه عندما أقامَ لعازر أو سألَ الآب أن يغفرَ للأنسانية خطيئته الأصلية ، وعقوبة كل الخطايا الفردية، بفتح باب التوبة والغفران للخطأة.