يُحتفلُ فيه بعيد ختانة يسوع و بيوم السلام العــالمي
تتلى علينا اليوم القراءات : تك17: 1-27؛ إش42: 18-25+43: 1-14 غل5: 1-16+في2-5-11 ؛ متى1: 18-25+لو2: 21، 40
القـراءة : تكوين 17 : 1 – 27 :– يتراءى اللهُ لآبراهيم ويعِدُه نسلاً كبيرًا، ملوكًا وأُمراء، وأرضًا هي كنعان. ويقيمُ علامةَ عهدٍ بينهما، تسري على كلِّ نسل إبراهيم، هي ختانةُ الجسد، رمزًا على أنَّ الشعبَ أَصبحَ مُلكَ الله.
القـراءة البديلة : إِشَعْيا 42 : 18- 25 + 43 : 1 – 14 :– يصفُ النبِيُّ حالةَ الشعبِ التعيسة بسببِ عِصيانِهِ لله. إنَّه شعبٌ أَصَّمٌ وأعمى. لكن اللهَ سيُنقِذُه من مِحنَتِه ويُقيمُه لنَفسِه شاهدًا بين الأُمم بالأيمان به وبسلوكِه سبيلَ الحَّق.
الرسالة : غلاطية 5 : 1 – 16 + فيلبي 2 : 5 – 11 :– حَرَّرنا المسيح من حرفِ الشريعة. الختانةُ لا تنفعُ بعدُ. ما ينفعُ هو الأيمانُ الفاعل بالمحَّبة. وفي فيلبي سجَّلَ بولس تواضع المسيح بالتخلي عن لاهوته وبتجَّسُدِه وطاعته لله الى حد موت الصليب ليعرفه البشر رَبًّا ويسجُدوا له.
الأنجيل : متى 1 : 18 -25 + لوقا 2 : 21 ، 40 :– يقُّصُ متى خبر ولادة يسوع، ثُم خضوعَه لشريعة الناس لأنَّه إنسانٌ كامل وبذلك ينتمي الى شعب الله.
لِنَقْرَأ كلامَ الله بشوق ٍ وآهتمام
الصلاة الطقسية
عيدُ الختانة جديدٌ نسبيًا، ودخيلٌ على الطقس الكلداني. تمَّ تبَّنيه من الطقس اللاتيني، وقد تخَّلى عن إسمه حاليًا ليُحِلَّ مكانه اسم” يوم السلام العالمي”. والمسيح قبْلَ أن يُجَدِّدَ الشريعة أطاعَها لآنتمائه الى شعب الله، تجَّنُبًا للفوضى وتشجيعًا لحفظ النِظام، ليسودَ بذلك” السلامَ” على الأرض، وتزولَ الفوضى التي أدخلَتْها الى العالم خطيئةُ عدم الطاعة لله.
شَدَّدت الترانيمُ على ان المسيحَ، رغم أنَّه هو” الربُ و واضعُ الشريعة”، لكنه إختارَ برغبته ان يخضعَ للشريعة ” من أجل خلاصنا “، لِيَشْتريَنا من عبودية حرفِ الشريعة، و فوضى العِصيانِ، ويَجعَلَنا ورثةَ ملكوتِه وأهلَ مجدِه، فيعودُ سلامُ الفردوس إلى الأنسان.
الترانيم
1+ ترنيمة المزمور السابق :” ܫܲܒܲܚ. تعالوا أحِبَّتي نمدح ونُبَّجل العيدَ المجيدَ لختانةِ
المسيحِ المَلِك. الذي من أجلنا خضعَ للشريعة، لكي يُحَرِّرَنا من عبوديةِ الأبالِسة الطُغاة.
ܥܵܠܲܡ. من يقدرُ، يا مُحيينا، أن يَصِفَ النِعَم التي إفتَقَدْتَ بها ضُعفَنا. لأنَّكَ وأنتَ السَيِّدُ
و واضعُ الشريعة شِئتَ أن تخضعَ للشريعة من أجل خلاصِنا ” *.
2+ ترنيمة المزمور اللاحق : ” ܫܲܒܲܚ. كتب بولس الى الغلاطيين يقول : ظهر في نهاية
الأزمنة سَيِّدُنا من إمرأةٍ. وخضع للشريعةِ ليشتريَنا نحن من العبودية. ويجعلنا ورثةَ
ملكوتِه، وأهلَ بيتِ مجدِه *
ܥܵܠܲܡ. صاحَ بولس في رسالته وبَشَّرَ الرومانيين بأنَّ المسيح جاءَ في حُبِّهِ وقرَّبَنا إلى
مجدِه. وقال أيضًا أنَّ يسوع المسيح قبل ختانة الشريعة ليُكَّملَ وعدَ الآب للأولين ” *.
3+ ترنيمة الرمش : ” ܫܲܒܲܚ. من لا يندهشُ برَّبِ الخلائقِ كلِّها إِذ قَبِلَ على نفسِه إسمَ
العبودية, وأنَّ واضعَ الشريعةِ بنفسِه كَّملَ وتَمَّمَ تلك الختانة الشرعية. لكَ المجد يا رب.
لكَ المجدُ يا آبنَ الله. إِذ لا حَدَّ لحنانِكَ ” *.
4+ ترنيمة السهرة : ” ܫܲܒܲܚ. الأبنُ الوحيدُ الأزلي للآب الخفي والقُدّوس، الذي تجَسَّمَ
بالجسد من البتول الطوباوية، وحسبَ شريعةِ الأولين، باشر الختانة وكَمَّلها في أُقنومِهِ
المجيدَ ليُتَمِّمَ الرموزَ والأمثال، التي وسَمَها أبرارُ بيتِ أبيه. وأنتَ كَمِّلْ الآن أيضًا
الساجدين لك بإيمان صادق ومعرفةٍ للحَّق ” *.
5+ ترنيمة الفـجر : ” تفرحُ الكنيسة ويُسَّبحُ أبناؤُها في يوم ختانةِ يسوع مُخَّلِصِنا ” *.
6+ ترنيمة القداس : ” ܫܲܒܲܚ. المجدُ للذي جاءَ فأتَّمَ في أُقنومِه الرموز والأمثال” *.
ܥܵܠܲܡ. يليقُ المجدُ إلى أبدِ آلآبِدين لآسمِ مُخَّلِصِنا ” *.
التـعليم
لقد قبلَ المسيحُ الختانة لا لأنه يحتاجُ إليها، فهو الله وصاحبُ الشريعة، بل ” ليساعدَ نسلَ إبراهيم” (عب2: 16). وقَبِلَ أن يُدعَى” بآسم العبيدِ العاجزين” لأنَّه صار واحدًا منهم، و ” كان عليه أن يُشابِهَ إخوَتَه في كلِّ شيء” (عب 2: 17). كان إخوتُه خاطئين ناقصين ذليلين. ولو كان ناقصًا مثلهم لما آستطاع أن يُنقِذَهم. ولأنَّه إبنُ الله القدوس المُتجَّسد فلم تتمَّكن منه الخطيئة. لقد ” أُمتُحِنَ في كلِّ شيء ” وتألَّمَ بالتجربة حتى تحَمَّلَ عار أبشع المجرمين فـ” صار لعنةً لأجلنا” (غل3: 13)، لأنَّ ” مَن عُلِّقَ على خشبة فهو ملعون” (تث21: 22). لكنه تغَّلبَ على الخطيئة (عب4: 15)،” فأمكنه أن يُعينَ كُلَّ المُجَرَّبين”.
لكنَّ الختانة كانت علامة فقط ولا خلاصَ فيها. وقد أصبحَتْ” نيرًا عجزَ الآباءُ والرسل عن حملِه” (أع15: 10-11).
أصدت الصلاة لزوال الختانة وبطلان رمزها لأنه كما قال الكتاب :” الشريعةُ لا تشتملُ إلا على ظِلِّ الخيرات المستقبلية، لا على جوهر الحقائق” (عب10: 1). و” في المسيح يسوع لا الختان ولا عدمُه ينفعُ شيئًا، بل الأيمان العامل بالمحبة “(غل5: 6). فالمسيحُ ” جاء في أُقنومِه وأبطلها عنَّا كلِيًّا “. فقالت ترنيمةٌ :” أعطانا الرب بنعمتِه، عِوّضَ شريعةِ الختانة، موهبةِ المعمودية فهي تجعلنا أبناء الملكوت. قال الرب :” من آمن وآعتمد يخلُص” (مر16: 16). فقالت ترنيمة ثانية :” تبارَكَ الذي أعطى، بنعمته للكنيسة المقدسة، سِرَّ المعمودية وأبطلَ منها كلَّ الأمور القديمة، ونَصَّرَ صِدْقَها بشريعته الجديدة “. وقالت ثالثة :” رسمتْ الختانةُ رمزًا كبيرًا، والمسيحُ أعطى في المعمودية رسمَ الحياة، وأنقذَ الشعوبَ من ظلمةِ الضلال “. وقالت رابعة :” الختانة التي رسمها إبراهيم واسحق برموزهم زالت في المسيح”. وخامسة :” وُضِعَت الشريعة للأولين مثل ظِلٍّ. ونالت في أُقنوم المسيح كمالها و تمامها “.
لم تذكر الصلاةُ السلامَ بالحرف، لأنَّ عيد السلام متأَّخرٌ يرتقي الى الستينات من القرن
الماضي تأسس على يد البابا القديس بولس السادس، في حين ترتقي صلاة عيد الختانة الى
قرنين أو أكثر. لكن السلام موجودٌ ضمنًا. قالت إحدى ترانيم المجلس :” إختتن يسوع فكمَّلَ الشريعة القديمة وبدأَ بالشريعة الجديدة. أُختُتِنَ ثمَّ حلَّ الختانَ وصارَ ذبيحةَ الغفران. فحَرَّرَ آدم ونسلَه من عبودية الأبالسةِ الطُغاةِ والموتِ الذي إستعبدَ جنسَنا “. كررت بذلك ما جاء في الترنيمة رقم1+.
لمَّا خلق الله الكائنات كانت تتفاعل بينها بسلام، طول ما عاش الأنسانُ في سلام مع الله. إنَّما لما خالفَ الأنسان وصية الله دخلت الفوضى وتبَخَّرَت تلك العلاقة السلمية، وبدأ الخوفُ و القلق يسيطرُ بين الكائنات. وآمتدَّت نتائجها الى ما بعدَها حتى قتل الأخُ أخاهُ لأنَّ الأنسان صار عبدًا لابليس مُعَّلمِه على التمرُّد على الله. تسَّلط ابليسُ على الناس وأخذ يوجههم نحو الحرب والقتل وكلِّ شَّرٍ وسوء. فكان العنفُ والإرهابُ والأنانية سيِّدَ الحياة. فسادَ بين الناس كما بين الحيوانات صراعٌ وتقتيل من أجل السيادةِ والبقاء. ولم يكن دواءٌ لمعالجة هذا الوباء سوى التحرُّرِ من سيطرة ابليس والإبتعادِ عن الخطيئة فالعودة الى سماع كلام الله و تنفيذه وصاياه. وهذا ما فعله يسوع. خضعَ لشريعة الختان طاعةً لله لينتمي الى شعب الآباء الخاطيء، مع أنه هو الله ليُعَّلم الناس الطاعة لله، ثم أزالَها لأنها جسدية صرفة لا روح فيها ليُقيمَ عوّضها شريعة المحبة في بُنُّوةِ الله بالمعمودية. وبهذا الفعل أخرج الأنسان عن طاعة ابليس وأدخله من جديد في طاعة الله ومحَّبته عن طريق الأنتماء الى المسيح. فالسلام عند الله ومنه. اليوم أيضا يتحقق السلام بعودة الأنسان الى الله. قال يسوع : ” مَن أحَّبني سمع كلامي فأَحَّبَه أبي، فنجيءُ إليه ونقيمُ عندَه “(يو14: 23). فالأيمان بالمسيح و العماد بآسمه صارا علامة العهد بين الله والأنسان. أمّا العلامة الجسدية البحتة فـفقدت قُوَّتها ليحل محلها الأيمان الفاعل بالمحبة ” (غل5: 6).
لمَّا إنتفَت الختانةُ أصبحت إشارة إلى أن الخطيئة التي حكمت بواسطة الجسد فقدت بدورها القوة لتقود الأنسان في الفوضى والعنف والإرهاب والظلم، وبالتالي إنفتحَ طريقُ السلام و الوئام بين البشر. صارت المحبة في اللطف والإخاء والسماح والتعاون هي عنصر العلاقة بين الناس. الخطيئة فقدت سُلطانها ودخلت النعمة الى الساحة لتُوَّجه الناس الى التضامن في إستتباب الأمن والسلام. أبطل المسيح الختانة في جسده وأحلَّ محلها ” السلام على الأرض مع الرجاء الصالح للناس “، تمجيدًا لله وفرحًا للإنسان.
الصلاة
إنَّها لفرحةٌ وهناءٌ أنْ تبدأَ كلُّ سنة جديدة بذكرى النعمة العظيمة التي منحنا اللهُ، أي بالعماد الذي هو أكثر من علامة. إنَّه قبول الله للأنسان الخاطيء ” إبنًا له و وريثًا لمجده “، بحَّق يسوع الذي أشركنا في بنُّوته الألهية بعدَ أن إتَّخذ بُنُوَّتنا البشرية وغسلها بدم ذبيحته على الصليب. وقد أمَّنَ لنا بذلك طريق الأمن والسلام والراحةِ والوئام. فلنرفعْ مع الكنيسة هذه الصلاة من أجل أن ينعمَ العالمُ بالسلام. ” أيُّها الراعي الذي، بحُبِّهِ، أسلمِ ذاته عوضَ رعِيَّتِه. وبالدم الجاري من جنبه خَلَّصَها بصليبِه. ليملكْ أمنُك في الخليقة. وليتبارَكْ مدارُ السنة. و يكثر السلامُ في الكنائس والأمنُ في كلِّ الأقطار” *.