أهلا وسهلا بالأخ شاكر عيسى
كتبَ الأخ شاكر :” بين حين وآخر نسمع ونشاهد ظهورَ أُمِّ آلبشرية أجمع مريم العذراء في شتَّى أماكن. والسؤالُ : لماذا تظهر كهيكلٍ (هيئةِ) مرسوم مثل الهياكل الموجودة في كثيرٍ من الأماكن، ولا تظهرُ بشكلها الحقيقي وهي حَـيِّـة ؟ “.
جَيِّدٌ أنّك لاحظتَ ذلك. لقد أصبحت الظهوراتُ ونقلُ الأخبار، لسهولةِ نشرها، وحتى خلقها، لِعبَ أطفال في المياه. لقد أزال الأنترنت كلّ نظام أو رقابةٍ لتمييز الحقائق عن” الدعايات”. لا قيدٌ للحرية، ولا رقيبٌ على الفكر في النشر، بجانب زيادة الألحاد وتكاثف جهوده لأزاحة الله ونقضِ كلِّ ما هو روح، وآشتدادِ عنف الهجمات المُنَظَّمة على الأيمان وأشخاصِهِ و أنواره. فـفي جَوٍّ مشحون ومكلوبٍ مثل هذا تضيعُ الحقيَقةُ وتتشَّوهُ المباديء وتسقُطُ آدابُ النشر في التواصل الاجتماعي، فيُصبح كلُّ شيٍءٍ سِلعةً تُمَّجِدُه الدعايةُ والأعلان. لما كتبَ مار بطرس رسالته سنَدَ إيمانه وبشارَته إلى حقائق حَيَّةٍ ملموسة :” لم نتبعْ خرافاتٍ لمّا اطلعناكم على قوَّةِ ربِّنا يسوع المسيح.. بل رأينا بعيوننا عظمته ومجدَه آلاتي من الله.. سمعنا نحن صوته آتيًا من السماء، وكنا معه على الجبل المقَدَّس “(2بط1: 16-18). في حين أثبت لوقا حيوية شهادته :” رأيتُ أنا أيضًا، بعد ما تتبعتُ كلَّ شيءٍ من أُصولِه بتدقيق ، أن أكتَها إليكَ.. حتى تعرف صِحَّةَ التعليم الذي تلَّقيتَه ” (لو1: 3-4).
هكذا تصَّرفت الكنيسة في إعلان الحقائق الأيمانية الحَـيَّة ولاتزالُ تفعل عندما تُخبرُ عن الرؤى والظهورات القُدسية للرب يسوع أو مريم العذراء أو القديسين، شافعَةً الخبرَ بالأدلة العلمية و حتى الحسّية للدلالة على صدق ما تنادي به. لا يمكن أخذ صورة حَيَّة بالكامرا ، بل يرسم لها حسب وصف الرؤاة لها. تحَّرَتْ الكنيسةُ دومًا عن تفاصيل الظهورات وحتى عن ملامح العذراء مريم وحركتها خلال الرؤيا، ثم تتحَوَّل تلكُ المعلومة الى صورة أو تمثال نموذجي ، ينبُضُ بحيوية الحدث ، تصاغُ عليها أعدادٌ أُخرى وتُنشر فيتداولها الناس في المعابد أو البيوت. لذا يبدو أن من إستعملَ صورًا قديمة معروفة، للإدّعاءِ بظهور جديد، قد يكون خادِعًا، أو تهيَّأ له أنَّه رأى شيئًا لكنه كان خيالاً ولا صورة له حَيَّة لمّا يَدَّعيه. لهذا السبب لا تتشَجَّع الكنيسة فلا تُسرع لا في تأييد هكذا خبر ولا في تكذيبِه.
منذ أربعين سنةً تدورُ الأخبار حول رؤًى لمريم العذراء في مدييكوريى ورسائلها المستمِرَّة
ولم تُنشّْر عنها صورة حَيَّة كما في لورد وفاتيما، وسكتت الكنيسة عن صحّتِها من عدمها. وقد حَذَّرنا الرب من قوَّة الشِّرير وأتباعه على خداع الناس وتضليلهم :” إنتبهوا لئلا يُضَللُكم أحدٌ…سيظهرُ مُسَحاءٌ دَجَّالون وأنبياء كَذّابون يصنعون الآيات ليُضِّللوا..”(متى24: 4-24). وقال عنهم مار بطرس: ” يُزَّيفون الكلام ويُتاجرون بكم ..” (2بط2: 3). العدو الأول، بعد المسيح، لأبليس وأعوانه، هي مريم العذراء، لأنها لم تمُّسَها الخطيئة الأصلية. فهو يحاول تشويه صورتها والحقائق عنها بإشاعات رؤًى كاذبة او سخيفة لرَّدِ المؤمنين عن إكرامها و اللجوء إلى شفاعتها. ولمَّا إدَّعى برؤية لها غير حقيقية فمن أين يأتي لها بصورةٍ حَيَّة ؟.