تتلى علينا اليوم القراءات : خر15: 11-21+16: 1-5 ؛ أع1: 1-14 ؛ رم16: 1-17 ؛ لو1: 46-55
القـراءة : خروج 15 : 11 – 21 + 15 : 1 – 5
بعد عبور البحر الأحمر مدحَ الشعبُ الله وسَبَّـحَه. وآشتركت في التسبيح النساءُ بقيادة مريم أُخت موسى. القـراءة البديلة : أعمال 1 : 1 – 14 :– بعد قيامة يسوع وتوصياتِه الأخيرة فالصعود يلتئِمُ الرسل للصلاة مع مريم أمِّ يسوع وبقية المؤمنين الأوائل.
الرسالة : روما 16 : 1 – 27
يُحَّيي بولس معاونيه في التبشير بآسم المسيح، خاصّةً العلمانيين، الذين فتحوا بيوتَهم للعبادةِ أو التعليم، وجاهدوا في الأيمان. و بينهم نساءٌ سِرن على خُطى مريم في مناصرة الرسل وخدمتهم. ويُحَّذرُ من الذين ” يثيرون الشقاق ويعيثون الفساد .. ويُضّلون الناس البسطاء”.
الأنجيل : لوقا 1 : 46 – 56
نشيدُ مريم تُعلنُ فيه قدرةَ الله وعدلَه ورحمتَه وأمانتَه لوعوده. وتؤَّكدُ بأنَّ جميعَ الأجيال ستُهَّـنِئُها على نعمة الرب العظيمة لها.
ستُهَّنِئُني جميعُ الأجيال !
تُهَّنيءُ الكنيسة اليوم مريم بولادة إبنها. تفرحُ معها وتمدحُ اللهَ على قدرته وتشكره على نعمته للبشرية إذ رفعَ أحدَ بناتها إلى مشاركة المجد الإلهي ذلك بآتخاذه منها إنسانيته وأُمومتَها. لقد تمَّنت النساءُ اليهوديات هذا الشرف، ولم ينلنه. ومريم التي كرَّست نفسَها كلها، فكرها وقلبها، لله فتنازلت عن حَّق أُمومتها جعلها اللهُ أعظم أُمٍّ إذ صار اللهُ إبنًا لها. فأصبحت بذلك جُزءًا فاعلاً، شريكًا في عملية الخلاص. و بما أنَّ المسيح أحُ الأنسانية فقد أصبح بذلك كلُّ إنسانٍ أخًا للمسيح وإبنًا لمريم. لذا فلنفرْح ونُهَّنيءْ أنفسَنا بـبُنُّوتِنا لها، ولنشكرالله ونُعَّظمْه مع مريم على هذا التكريم.
يصَّلون بقلبٍ واحد، مع مريم !
عيد التهنئة هو أول عيد لمريم تحتفلُ به الكنيسة الكلدانية في الدورة الطقسية. وقد إختارت قراءاتٍ ذكرت المرأة وهي في مقام تُحسَدُ عليه. ففي الأنجيل وأعمال الرسل تتبوَّأُ مريم أم يسوع مكانة رفيعة. بينما تمارسُ المرأةُ في سفر الخروج و الرسالة دورًا بارزًا ومُهِّمًا. وكأنَّ الكنيسة تُذَكرنا بدور المرأة في الحياة المدنية و الدينية. ليست المرأةُ مُخَّصَّصةً للمطبخ، ولا هي فقط معمل لأنجاب الأطفال، ولا هي سلعة للإعلان والتباهي بها وآستغلالها لخدمة أهواء الرجل وحاجاتِه. المرأةُ جزءٌ من خلق الله يتساوى مع الرجل، تعملُ في تمديد الحياة وصيانتها وتسهيلها بدور مختلف عن الرجل وإنما مُتكامل ٍ معه. فمريم أخت موسى لم تكتفِ بالتهليل والتغريد بل كما قاد موسى جمع الرجال في تسبيح الله قادت مريم جمع النساء في غناء وعزفٍ ورقص معترفات بجميل الله لآنقاذهم من عدُّوهم. الشعبُ كلُّه نجا معًا من الموت ، فالشعبُ كلُّه يفرحُ ويعترف بهذا الجميل ويحمدُ اللهَ عليه.
وفي الرسالة ذكر بولس عددًا من النساء مدحهن لنشاطهن الأيماني ولآنفتاحهن مثل الرسل للتبشير بالمسيح بالقول، ولاسيما بالعمل في خدمة الرسل وحمايتهم وفتح بيوتهم لتجمع المؤمنين وتثقيفهم وإقامة شعائر العبادة، وفي إجتهادات كثيرة أخرى لم تُحَّدد هويتها. وكان لمثال حياة أولئك النساء والرجال المذكورين تأثيرٌ قويٌّ يُبهر الغرباء ويقودهم الى الأيمان بالمسيح.
الويلُ لي إن لم أُبَّشر !
قالها بولس عن نفسِه لأنَّ الرب أرسله ليُبَّشرَ الوثنيين. لكن المبدأ يشملُ كلَّ مؤمن بالمسيح. لأنَّ كلَّ مؤمن شاهدٌ للمسيح (أع1: 8)، لأنه قد إنتمى بالمعمودية الى المسيح، بل لبسه، فصار مسيحًا آخر يحملُ بشارة الخلاص الى العالم (غل3: 27 ). والبشارة ليست سوى الشهادة للمسيح قولا وفعلاً. فمن إعتمد بآسم المسيح إلتزم بتعليمه وسلوكه. هكذا إفتهم المسيحيون الأوائل إيمانهم وهكذا تصَّرفوا. كان بيت أهل مرقس أول كنيسة يجمع المؤمنين للصلاة والتثقيف (أع12: 12). تبعته غيرُها مثل بيت أقّيلا وبْرِسْقِلا (رم16: 5). ليس ما يُمَّيزُ العلمانيين عن الرسل والكهنة التبشيرُ والتعليم بل الأدارة وتنظيم العبادة والبشارة. يشتركُ الكل في كهنوت المسيح الأرسالي، لكنهم يتميَّزون عن بعضهم بالكهنوت الخدمي.
تقول الكنيسة :” إن كان جميعُ المسيحيين في الكنيسة لا يسلكون السبيل عينه، فإنَّهم مع ذلك قد دُعوا جميعُهم إلى القداسة، ونالوا جميعُهم بالتساوي الأيمان، بـبِّر الله (2بط1: 1).وإن كان البعضُ قد أُقيموا بإرادة المسيح معَّلمين و وكلاء أسرار الله ورعاةً لغيرهم ، فالجميع متساوون في الكرامة وفي العمل المشترك لبنيان جسد المسيح” (وثيقة الكنيسة، رقم32). و يضيفُ المجمع الفاتيكاني الثاني :” دُعي العلمانيون بنوع خاص الى جعل الكنيسة حاضرةً وعاملة في الأماكن و الظروف التي لا يمكنها أن تكون فيها ملحَ الأرض إلا عن طريقهم. فكل علماني هو، بما مُنح من مواهب، شاهدٌ لرسالة الكنيسة وأداةً حَّيةً فيها ” على مقدار موهبة المسيح ـ اف4: 7 ” (وثيقة الكنيسة، رقم 33).
أما في وثيقة ” العلمانيون” فقال عنهم المجمع:” الخدمات متنوعة، أما الرسالة فواحدة. لقد أسند المسيح الى رسله وخلفائهم مهمة التعليم والتقديس والحكم بآسمه وسلطانه. أمَّا العلمانيون، وقد جُعلوا شُركاء في مهّمة المسيح الكهنوتية والنبوية والملوكية، فيضطلعون، في الكنيسة وفي العالم، بالدور الخاص المنوط بكل منهم في إطار الرسالة المُسنَدة إلى شعبِ الله بأسرِه” (وثيقة الفلمانيين، رقم 2). ولم يُمَّيز في هذا المجال بين الرجال والنساء لا الكتابُ المقدس ولا الكنيسة.