أهلا وسهلا بالأخ سيمون سبي
تحَدّثَ الأخ سيمون عن قانون الكنيسة بخصوص حجبِ التناول عمن طَلَّـقَ زوجته وتزوَّجَ ثانية ً، وقد عُرض للمناقشة في موقع ربن بيا. أيَّدَ البعضُ موقفَ الكنيسة ، ورأى غيرهم أنَّه إجحافٌ بحق المؤمن في حين إرتأى آخرون أنه إجحافٌ بحق المرأة المُطَّلقة. لأنها تبقى في كل الأحوال فتُعتبرُ زانيةً إذا طلقها زوجها أو إذا تزوجت غيره. بينما رأى السائل أنَّ حكمَ المسيح واضحٌ ولا يقبل النقاش بدليل أنه غفر للزانية ولم يسمح برجمها (يو8: 7-11). وأما عن الطلاق فقال بأنه موجودٌ في الكنيسة وقد ” أصبح شيئًا عاديًا “. فسألَ :
# أ ليس هناكٌ تناقضٌ في ذلك ؟
زانية أم مُطَّـلقة ؟
يجبُ قبل كل شيء أن نمَّيز بين الأمور إذ ليست كل الحالات متساوية ومتطابقة. في قضية المرأة التي غفر لها يسوع يدور الحديث عن ” زانية “، أى إمرأة غير متزوجة إنما الزنى مهنتها. فالزنى بكل أنواعه يتعارض مع القداسة التي خُلق عليها الأنسان إذ هو صورة الله ونفخة منه، والتي دُعي اليها لاسيما المؤمن بالمسيح والتي قال عنها بولس الرسول:” إنَّ اللهَ لم يَدْعُنا الى النجاسة بل الى القداسة. ومن إستهان بذلك لا يستهين بإنسان بل يستهينُ بالله نفسه ، وهو الذي أحَّل فيكم روحه القدوس “( 1تس4: 7-8)، ولهذا يدعو المؤمنين كلهم ، وفي جميع رسائله ” الأخوة القديسين “(رم1: 7؛ 1كور1: 2). وقداسة الأنسان، على مثال قداسة الله، تطلب نقاوة وبراءة كاملتين فلا تكون في الجسد فقط بل خاصة بالفكر والقلب ، ولهذا قال الرب :” من نظر الى إمرأةٍ وآشتهاها زنى بها في قلبه” (متى5: 28). ولهذا ايضا عندما نتوب ونقر بخطايانا أمام الكاهن نقول ” أخطأت بالفكر والقول والفعل ..”.
أما ” المُطَلَّـقة ” فهي إمرأة متزوجة رفضها زوجها وتخَّلى عنها بعد فترة من العيش المشترك. وقد لا يكون الزنى هوسبب الخلاف والطلاق. والطلاقُ نفسُه يعتبره الله “زنىً”. لآنَّ الطلاق خلاف لطبيعة الأنسان ولما نظمه الله له. وكل مخالفةٍ لوصية الله والأبتعاد عنه يدعوها الله “زنىً”. هكذا يدعو الله بني اسرائيل شعبا زانيا لأنهم تركوه وصاروا يعبدون كل أنواع الأصنام(هو1: 7؛ 3: 10)،” أنتم الآن زنيتم يا بيت أفرايم، يا بني اسرائيل تنجَّستم” (هو5: 3؛ 6: 10)، ” زنيتم وراء آلهة أُخَر فخنتم إلهَكم “(هو9: 1).
حكم المرأةِ كالرجل !
أولا: لا طلاق في المسيحية. لأنَّ الزوجين يصيران، بالزواج، إنسانا واحدا كاملا. وفصله بالطلاق هو تحطيم الأنسان. لذا قال الرب” ما وحَّدَه الله لا يُفَّرقُه الأنسان” (متى19: 6). و دخل الطلاق بسبب قساوة قلب الأنسان ورفضِه مشروع الخالق. أما الطلاق في حالة الـ “زنى” فيعني أن أي فريق من الزوجين إذا سلم جسده لغير زوجه وزنى يكون قد حَطَّمَ الزواج. وعندئذ يتحَمَّلُ مسؤولية زناه ولا يحق له زواجٌ ثانٍ. ويبقى الزواج الأول قائما ، لأنه قام بقوة مشيئة الله. وما قام بمشيئة االله لا يقوى الأنسان على إزالتِه. ويكون الحل بإزالة الإشكال القائم بين الزوجين وإصلاح ذات البين.
ثانيًا: مهم جِدًّا أيضا أن نعرفَ أنَّ المسيحية لا تفَّرقُ بين رجل وإمرأة. فهما ” يتساويان في المسيح “(غل3: 28). وعند الطلاق يعتبر الأنجيلُ كليهما زانيين. هذا ما عناه يسوع في قوله :” من طلق إمرأة عرَضها للزنى. ومن تزوج مطلقة زنى” (متى5: 31). عندما يعَّرضُ أحدٌ غيرَه الى الشر يشترك هو نفسه بالجريرة. قال الرب :” الويلُ لمن يُعَّرضُ غيره للخطيئة. كان خيرا له لو علق بعنقه حجر الرحى وزُجَّ في أعماف البحر” (متى18: 6-7). ولكن لأنَّ المرأة أنزك وأضعف تبدو عليها النتائج الأجتماعية أوخم وأتعس.
طلاق أم إعلان بطلان زواج ؟
مهم أيضا أن نمَّيز بين “الطلاق ” و” إعلان بطلان الزواج”. الطلاق هو تحطيم وإزالة حقيقة موجودة هي الرابط الألهي الموحد بين الزوجين. أما إعلان بطلان الزواج فيعني كشفُ حقيقةٍ وإزالة القناع عن وهم هو: أن زواجًا معتبَرًا قائمًا بين شريكين هو وهم لا حقيقة، أى لا يوجد رابط زوجيٌ الهي بينهما لأنهما لم يتزوجا بشكل صحيح حسبما تتطلبه قوانين الكنيسة وشروطها. لقد وضعت الكنيسة، بسلطانها في الحل والربط، شروطا دعتها موانع للزواج، و إذا نقص شرط يكون الزواجُ المعقود باطلا. ويعني لا يوحد الله بين الزوجين بسبب وجود نقص. وإذا لم يوحد الله بينهما فزواجهما يبقى باطلا ، أي يكون ظاهرا فقط على الورق. وإذا ازدادت في العقود الأخيرة حالات التفريق بين الزوجين مع حق عقد زواج ثانٍ فهذا لا يعني أنَّ الكنيسة الكاثوليكية وافقت على الطلاق. بل يعني فقط أنَّ ما كان معمولا به قبل مئات السنين وضمر لفترة ظهر من جديد على الساحة، ربما بسبب إختلاف الظرف وتكاثر حالات عقد زواجات باطلة، ولاسيما بسبب تشكيل محكمة كنسية في العراق تنظر في قضايا البطلانات.
هل يتناقض التعليم ؟
كثيرون رأوا في إعطاء بطلان الزواج تناقضا مع حرمان من طلق وتزوج من التناول!. و كلاهما ربما مع موقف المسيح تجاه الزانية. الزانية كانت خاطئة. وحكمت شريعة موسى عليها بالرجم كما سمحت بالطلاق. أما مشيئة الله فكانت مختلفة. قال الله في وصيته الخامسة ” لا تقتل”. حتى الخاطيء. بل عَّـلِمْهُ التوبة وأعطِه فرصة للخلاص. هكذا أوعز الله الى حزقيال النبي :” أ بموتِ الشّرير يكون سروري؟.كلا. بل بتوبته عن شَّره فيحيا”(حز18: 23). لأن الرب كما قال بطرس” لا يريد أن يهلكَ أحدٌ بل أن يتوبَ الجميع “(2بط3: 9).
ولهذا جاء المسيح ومات مصلوبا ” لأن حب الله للعالم بلغ أقصى حَّدِه فجاد بآبنه الواحد كي لا يهلك من يؤمن به بل ينال الحياة الأبدية”(يو12: 47).
أما الذي طلق وتزوج ويحرم من التناول فلأنه يعيش في حالة زنى ، خطيئة علنية. أولا طلاقه مدني محض وليس إعلان بطلان زواج صادر من الكنيسة التي إحتفلت بزواجِه. ثانيا وهذا يسبب عثرة لغيره. وقد تم التطرق الى هذه الحالة وغيرها من مشاكل العائلات المسيحية في سينودس العائلة الذي إلتأم في الفاتيكان في جلسة عامة خلال سنتين وأعلن أن تلك حالةٌ شاذة وتختلف من واحد الى آخرفلهذا لا يوجد لها حلٌ يشكل قاعدة عامة تشمل كل الحالات. فقرر السينودس ان تحال كل حالة لوحدها الى أسقف الأبرشية ليَبُّتَ بها ويتخذ قرارا بالمنع او بالسماح. وقد أعلن البابا قرارات السينودس في إرشاد رسولي خاص بدأ العملُ به.