أهلا وسهلا بالأخ فادي عزيز.
قرأ الأخ فادي تأمل الأحد الماضي على إنجيل يوحنا 21: 1-14 بخصوص الصيد العجائبي بعد القيامة وعقَّبَ على عدد السمك الذي ذكره النص ، وهو:” جَّر التلاميذ الشبكة وجذبوها الى البَّرِ وقد إمتلأتْ بمائةٍ وثلاثٍ وخمسين سمكة ًمن القطع الكبير، ولم تتمَّزق الشبكةُ مع هذا العدد الكثير “(آية 8-11). فطرحَ الأسئلة التالية :
1@ هل هناك رمزية في صيد 153 سمك بالتحديد ؟
2@ أليست إشارة الى كل الأصناف والأنواع من الناس ، وأنَّ بطرس سيبَّشرها ؟
3@ أ لم يكن هذا تكليفا لبطرس بإرساليته ؟
4@ أ لا يبدو أنَّ بطرس كان محتاجا الى تشجيع خاص بعد أن أنكرَ يسوع 3 مرات ؟
إرعَ خرافي .. كباشي .. نعاجي
نبدأ بالجواب من السؤال الأخير. بالطبع كان بطرس بحاجة الى تشجيع المعَّلم ليشعرَ أنه لا فقط قد غفر له بل وأنه لا يقيلَه من منصبه. وهذا ما يؤكده الأنجيل في ما تبَّقى من النص ، لاسيما الأعداد 15- 19. لأنَّ بطرس أظهر موقفا وكأنه فعلا يتراجع من تبعية يسوع ويعود الى مهنتِه الأولى. ربما فعل ذلك لعدم ثقته بنفسه أنه قادر بعد أن يقودَ صفَّ الرسل، لاسيما وأنه ليس واثقا من أنَّ الرَّبَ سيبقيه في منصبه.
هل العدد 153 يرمز الى شيء ؟
معروف أن للأرقام في الكتاب المقدس ، أسفاره الرؤية، رموز ودلالات. فالرقم 7 سبعة رمز الشمولية فالكمال. وسفر الرؤيا مليءٌ بذكر هذا الرقم : سبع كنائس، سبعة ملائكة، سبع منائر، سبعة أختام، سبعة أبواق، سبع تلال، سبع نكبات، سبعة أكواب، سبعة أرؤس الوحش … والرقم عشرة رمز الكثرة: ذكر سفر الرؤيا عشرة قرون رمز عشرة ملوك.
و7+10= 17. وإذا جمعنا الأعداد من 1 الى 17،أى 1+2+3+4+5+6+…17= 153. إنَّ العدد سبعة رمز به ، من جملة ما رمز اليه، التلال السبع ودعاها رؤوس الوحش ، هي التلال التي عليها بنيت مدينة روما التي يدعوها “المرأة”(رؤ17: 3، 9-11)، أو “بابل” (رؤ18: 2، 10).
والعدد عشرة كنَّى به قرون الوحش ، وكما يلي:” هذه القرون العشرة هي عشرة ملوك، لم يُؤتوا المُلكَ بعدُ، لكنهم سيُؤتون سلطان الملك مع الوحش ساعة واحدة. وآتفقوا أن يولوا الوحش قُّوتهم وسلطانهم. سيحاربون الحمل، والحملُ يغلبهم ..” (رؤ17: 12-14). هؤلاء وجيوشهم التي رفضت تعليم الرسل فلم تخضع لهم، لم يصيدوها، سيصيدها يسوع ” ملك الملوك ورب الأرباب” في شبكة كنيسته ، قارب بطرس رئيسها. يسوع أرشد الرسل، و الرسل جروا السفينة الى قرب يسوع لكن بطرس هو الذي يجذبها الى بر الأمان لأنه هو الذي يضمن الحقيقة و” من فمه يسمع الوثنيون كلام البشارة ويؤمنون “(أع15: 7). فمع السبعة والعشرة أعداد أخرى التي يسودونها. ستدخل هي ايضا الى حظيرة بطرس. 153 هو فقط رمز القادة والملوك والرؤساء الذين يصيدهم بطرس في سفينته ويدخلون الى رعية المسيح. وسفينة /كنيسة بطرس لن تتمزق، لن تخسر معركتها الأيمانية لأن المسيحَ ساندها وقائدها. العدد 153 يكون إذن رمزا لآهتداء الشعوب الوثنية بكثرة ودخولها تحت خيمة الأيمان. ولن تغلبها مقاومة الأعداء وآضطهادهم لها.
هاتوا من السمك الذي أصبتموه
وهذا الأهتداء يكون بسعي الرسل السبعة، أى كلهم ورسل كل الأزمنة والأمكنة. ولكن الذي يدعو الى التبشير والتعليم وينسق الجهود ويثبت المهتدين على الأيمان الصحيح هو بطرس، بطرس زمن يوحنا وكان إكليمنضس، وهو البابا الثالث بعد بطرس ، أو بابا كل زمان، لأنَّ الصيد تم في سفينته ، وهو الذي جَّرها الى بَّر الأمان. فبطرس كل زمان ، رئيس الكنيسة ، يضمن الحق في التعليم والتدبير، في العقيدة والأخلاق. بطرس هو قائد الرسل ومسؤول كل الشعوب.
هل كان الحدث تكليفا لبطرس بمسؤوليته ؟
أما تكليف بطرس بقيادة سفينة المسيح فقد تم قبل القيامة بكثير. تم منذ أن قال له :” أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي. ابواب الجحيم لن تقوى عليها. ما تحله أو تربطه على الأرض أحله أوأربطه في السماء” (متى16: 18-19). ولآزالة شكِّ بطرس وتثبيته ، له وللآخرين، يوضح يسوع ذلك في الآيات التالية: ” إرعّ خرافي..كباشي .. نعاجي”. أما هنا فقد أعاد يسوع إلى أذهان الرسل، ومن خلالهم الى أذهان جميع المؤمنين به، أنَّ إختيار يسوع لم يكن وقتيا حتى يغَّيره ، ولا عن جهل بما سيحدثُ له ولهم حتى يعيد النظر في قراراته على ضوء الأحداث. إختيارُه الهـيٌ أزلي وأبدي. كما أكد لهم ولعالم كل العصور أنه وإن كان خفيا عن أنظارهم لكنه قريبٌ منهم ولن ” يدعهم يتامى” أبدا، بل حاضرٌ في كل جهادهم ، ويوفّرُ لهم حاجاتهم. أما طلبَ منهم طعاما؟. ومع ذلك لما جاؤوا اليه رأوا أمامه أكلا جاهزا، سمكاً يشوي وخبزا، أطعهمهم إيّاه. وكان الحدث أيضا للرسل أنه جاءَ الوقتُ ليبدأوا صيد الناس فيُعطوا ليسوع ثمارَ ما كلفهم به. ومن خلالهم ينتظرُ يسوع من رسل كل زمان ثمارًا تليق بدعوتهم.