اهلا وسهلا بآلأخ كوركيس دنحا برايموك
كتب آلأخ كوركيس ما يلي :” في آلآونة آلأخيرة ردد آلحبر آلأعظم بابا آلفاتيكان ” الأديان آلسماوية أو آلأبراهيمية، فما قصده …يبدو أن لا معلومات له عن آلإسلام ونبيّه “. ثم سأل :” ما هدفه، وماذا يريد أن يفعل “؟.
حَيَّرك كلام قداسة آلبابا عن الأديان آلسماوية أو الأبراهيمية فشككت في معلومات ألبابا عن آلإسلام ونبيه، وما هو قصده. لا تقلق عزيزي كوركيس إنَّ البابا لا تنقصه المعلومات ولا ينطق أو يعمل شيئًا جزافًا بدون تعقيب مسبق عن آلأمر وتحديد هدفٍ يصبو إليه.
قبل ستين عامًا اي منذ سنة 1965م أصدر الفاتيكان وثائق المجمع المسكوني آلفاتيكاني الثاني الذي إنعقد سنة 1962 وآنتهى فأعلنت مقرراته سنة 1965. وقد إشترك فيه جميع أساقفة آلكنيسة آلكاثوليكية مع مراقبين من كافة الكنائس وآلطوائف غير آلكاثوليكية، و درسوا معا وأعلنوا عقيدة الأيمان آلمسيحي، لاسيَّما للكاثوليك. وأصدروا 16 وثيقة، إحداها هي ” علاقة آلكنيسة بآلأديان غير آلمسيحية “، بشكل عام، وبآليهودية وآلإسلام بنوع خاص مرَّكزة على ” آلأُخوة الشاملة المجرَّدة من كل تفرقة “، أي بما يتفق مع تعليم المسيح دون نسيان ما يختلفُ ويُفَّرق. ويا ليتَ كلَّ مؤمن، مسيحي او غيره، يطَّلع على هذه آلوثيقة و يلتزم بها.
فآلبابا يريدُ ان يبلغ هذا التعليم الى كافة البشر، المسيحي قبل غيره . للمسيحي كي لا يتيه ويُعارضَ مشيئة آلمسيح نفسه. ولغير آلمسيحي كي يعرف المسيحية على حقيقتها، من نبعها، ويسير في طريق الخلاص، فلا يتبع من أضَّلوه أو يُضِّلونه.
ويتحدث البابا عن دين سماوي او ابراهيمي لا ليُؤَّيد ما يدَّعيه أصحابُه وأعداء آلمسيحية ، بل ليُبَّدد تشويهاتها ويعارض مشاريعها الهدَّامة للأنسانية. ولا ليَعترفَ بآلديانات غير آلمسيحية ويضعها معها على قدم آلمساواة. لا. إنه يعترف بواقع وجودها لا بصحة عقيدتها وسلوكها. الأعتراف بآلواقع لا بد منه لكيفية آلتعامل معه. وما دام هناك واقع فيجب رؤية جوانبه الإيجابية للتعايش السلمي ، وآحترام حرية آلفكر وممارسة آلقناعة آلشخصية ، وكل ذلك من مشيئة آلله، ثم عدم فرض عقيدة معَّينة بآلعنف، بل ترك آلآختيار للفرد ، والحكم و آلمحاسبة لله. البشر كلهم أولاد آلله. والمسيح وحده مات من أجل خلاص جميع آلبشر، دافعًا فديةَ خطيئةِ آلأنسان، ولا أحد غيرُه يضمن آلخلاص لأيِّ إنسان كان. وآلأيمان يُعرَضُ ولا يُفرَضُ، وآلمسيح آلربُّ ” سيأتي في مجد أبيه مع ملائكته، فيُجازي كلَّ واحد حسبَ أعماله ” (متى16: 27 ).
وآلكلام عن دين سماوي لا يعني حتمًا وحصرًا أنَّه من آلله وأنَّ السماء أوعزت به. بل يعني أَّنه يعترفُ ” بالسماء “، أي بآلحياة آلأبدية بعد آلموت، وبالدينونة والمحاسبة وآلمجازاة. فآلسماءُ يعترف بها اليهود والمسيحيون وآلإسلام. فهي عُنصرٌ يجمع ولا يفرِّق، يمكن آلتذكيرُ به وآستعماله للتقارب وآلتفاهم وآلتعايش السلمي وآلتخَّلي عن آلتناحر وآلمعاداة.
وآلكلام عن دين إبراهيمي يعني إبراهيم هو أب ونموذج للأيمان الصحيح، الذي هو آلوثوقُ بآلله وقبول كلامه. إبراهيم هو أبُ آلشعب اليهودي، وأبُ إسماعيل الذي ينحدرُ منه محمد ، ومن نسل ابراهيم ولد آلمسيح إبنًا لآسحق، الذي وعد به آلله لآبراهيم ووُلد بمعجزة لا بمشيئة آللحمٍ، وبآلمسيح آلآتي منه تتبارك آلبشرية وتعود الى آلفردوس آلمفقود، وتدخل آلسماء. فمن يؤمن بآلله يجب أن يكون إيمانه مثل إبراهيم ويقتدي به في آلثقة به وآلأتكال عليه وآلطاعة لكلامه . فإبراهيم أيضًا عنصرٌ مشترك ليجمع بين آلمؤمنين آلحقيقيين، وبآلتالي إبعاد كل عِداءٍ، وكل شكل للعنفِ أو آلكراهيةٍ أو آلإساءة.
وبآلنتيجة من يؤمن بآلحياة آلأبدية وصورة إيمان إبراهيم يصل حتمًا إلى آلمسيح ويؤمن به ويسمع كلامه حتى لو لم يتبعه ظاهريًا. في آليهودية هو آلآبن آلألهي آلمخلص آلمنتظر. في آلمسيحية هو آبن آلله آلحَّي الذي خلَّص ألبشرية من سلطان آلشر، ويضمن وحده السماء لمن يقتدي بسلوكه فيحب آلجميع ويعمل آلخير مع آلكل، ويرفض آلشَّر بكل أشكاله. وفي آلإسلام يسوع آلمسيح الناصري، أي ألتاريخي، هو روح آلله وكلمته، كما جاء أيضًا في آلأنجيل (يو1: 1).
فهدفُ آلبابا الصمودٌ في آلحَّق ودعوةٌ الى آلتآخي وصراعٌ ضد قوى آلشر التي تحاولُ أن تُغَّطي على المسيح شمس آلبرِّ وآلحق، وتشَّوه صورته، داعيًا آلكنيسة بقيادته أن تُشِّعُ آلحقيقة لا بمقارعة عنف آلتاريخ آلأسود وآلمر، وشراسة أعداء آلأيمان بآلمسيح، بل بهدوء إعلان آلحقيقة التي يريدها آلمسيح وكما يريدها، وبمحبةِ غفران آلمسيئين، وبرجاء غلبة آلصليب آلظافر مهما طال آلزمن. ويدعو بذلك أهل آلعالم إلى آلأنغتاح للحق وآلألتزام به.