أهلا وسهلا بالأخ فادي نـنــو.
يعيش فادي ، مثل كل الناس ، في دوّامة الآلام والشدائد والمشاكل بسبب خلافات البشر وآنقساماتهم. يـتألم ولا يجد سبيلا لآنهاء هذه الحالة. وإذ هو مؤمن يعرفُ أنِّ السبب هو ابليس عدو الله والأنسان. لقد إعتقد بأَّن خلافا حصل بين الله والشيطان. وآعتقدَ أيضا أنَّ الأنسان وحدَه قد أُبتليَ بسبب هذا الخلاف ، فكتبَ سائلاً :
Why is the problem between God and Satan affected on us humans?
–:: لماذا يُـؤَّثرُ الخلافٌ الذي بين الله والشيطان علينا نحن البشر ؟
دفـــعُ الثــمن !
الحياة كلها هكذا : يختلفُ القادة في الدولة الواحدة، أوحكومات الأمم المختلفة، في وجهات نظرهم ، أوتتضاربُ مصالحُهم ، أو تتشابكُ طموحاتُهم ولا يقوون على لجم أنانيتهم وسحق كبريائهم فُيعلنون الحربَ على منافسهم ، بالسلاح أو بالأقتصاد، والشعوب من كلا الطرفين تدفع الضريبة. القادة يقبعون في قصورهم وأبناء الشعوب تستشهد في الجبهات. و القادة ينعمون بكل آمتيازات مطاليب الحياة الأجتماعية بينما تنقصُ شعوبَهم أهَّمُ وأبسط مستلزمات الحياة. القــوي يأكلُ المُسـتوي دومًا!. والأضعفُ سلعةٌ رخيصة للدعاية بيـد المُـتنَّـفِذ.
كذلك يختلفُ الزوجان ويتطّلقان والضحية أولادُهم الأبرياء. يختلفُ حزبان لكن من يدفع الثمن هم أبناءُ ألأُمّة. يختلفُ في الرعية كاهنان ويدفع المؤمنون الثمن. وهكذا دواليك في كل قطاعات الحياة ومرافقِها حيث تبرزُ المنافسة وتتحَّكم الأنانية ، وحيثُ للمظاهر الدنيوية مباهجُها وبريقها ضاربين عرض الحائط الحقيقة والمحبة والمصلحة العامة.
الخلافُ ! ما هو نـوعُه ؟
أما بين الله والشيطان فأينَ الخلاف ؟. ليسا غريمين ومتنافسين على نفس المنصب حتى يختلفا ويتصارعا ويُحَّزبا لأنفسهما مريدين ومؤيدين ، وبالتالي يحاول كل واحد كسرَ شوكة الآخر وإخضاعَه لآرادتِه. الله هو الخالق. والشيطان هو خليقة. خلقه الله ملاكا محدودا رغم ذكائه ، وضعيفا رغم شوكتِه. أرادَ الشيطانُ أن يُصبحَ إلهًـا لكنه لم يستطِعْ. تمَّـرَدَ على الله لا يريدُ سماع كلامه وتنفيذ أوامرِه. لكنه عجزَعن تحقيق طموحه. فظلَّ يحترقُ بنار الغيرةِ والحسد. تحَّسرَ على ماضيه المجيد ، وحسدَ رفاقه الملائكة الأمناء لله والمتمتعين بالسلطة والسعادة والراحة. ولم يترُكْ لنفسِه خط رجعة. وإذ لم يقوَ على الله سَّـيدِه إنقلبَ على الأنسان يُحَّرِضُه ضد الله ويُغريه بالخيرات الزمنية. يثأرُ لحقدِهِ وفشلِه من أبناء الله ، مثل الأرهابيين الذين يقتُلون الأبرياء، من أبناء الشعوب الفقيرة والمغلوبة على أمرها، لينتقموا، كما يعلنون ، من الدول العظمى. يقتلون في فرنسا أو في ليبيا لينتقموا للسعودية أو لفلسطين؟؟. ليتهم تشجَّعوا، ولو مرة وقالوا الحَّق، وأعلنوا أنهم يقتدون بأبيهم الكذاب والمخادع الذي يغسلُ أخطاءَه بجرائمَ أقبحَ منها.
ليست هناك حربٌ بين الله والشيطان. لو شاءَ الله لأفنى الشياطين في لحظةٍ وبكلمة واحدة. كما أوجدهم بكلمة واحدة ” كُنْ ” يقدر أن يفنيهم من الوجود بكلمة أخرى” إنْـتَـهِ”!. أ ليس بكلمة واحدة أسكتَ الشيطان َ وطرده من الأنسان ” أخرس وآخرج “؟ (مر1: 27). أما آستحلفت الشياطينُ يسوع ألا يُعَّذبها، تم توسلت اليه بأن يسمح لها بالدخول في الخنازير؟ (مر5: 8 و 12). ليس الشيطان في مستوى الله وبقـوته لينافسَه ويختلفَ معه. الشيطان نفسُه يؤمن بالله، يخضع له، ويرتعدُ منه (يع2: 19). ليس المُشكلُ في الله الذي خلقَ حتى ابليسَ عن محَّبة، وزوَّدَه بذهن وَّقاد ولم يُؤْذِه بشيء. ويسمح له أن يتصَّرفَ بحُّريتِه، في حين كان ممكنا لله أن يُبيدَه. وربما لو إعتذرَ إبليسُ لغفرَ الله لهُ. لكن كبرياءَ ابليس حَّولته ، في بحر ضعفه وتلاشيه أمام الله ، الى أتون من حِقدٍ وكراهيةٍ ، الى جبل من كِذبٍ ودجل، والى هوَّةِ مُظلمةٍ من الشَّر والفساد يزرعها في العالم ليرويَ غليله ويشفي جُرحَ ذُّلِهِ الذي لا علاجَ له. ولاسيما ليسُّدَ طريقَ الحياة في وجه الأنسان. ومنه تعَّلمَ البشرُ سياسة “الأرض المحروقة “. أي إما تكون الجنة لي أو لن تكونَ لأحدٍ غيري!.
أما الله فلا يستعملُ البشرَ” دروعًا ” يحمي بها نفسَه. لأنه لا يحتاجُ الى من يحميه وهو حام ِ الكل وحافظُها من حسد ابليس ونقمتِه الشريرة. وقد نصحَ البشرَ أن لا يُقاوموا الشرير بعمل الشر مثله. بل أن يسكتوا عليه ويصبروا لأنَّ غيرته تأكله وتنتقمُ منه. وبعكس الشيطان بادرَ الله و وعد مخلصا للأنسان بعدما غلبه في الفردوس. وزَّود الأنسان بالنصيحةِ والشريعة ليفتح ذهنه على الحق وعيونه على سبيل الحياة الحَّقة. وأكثر من كل ذلك دفع الله نفسُه في شخص المسيح يسوع ، على الصليب، صكَّ ديون البشر للشيطان وحرَّره من قيودِ عبوديتِه. فالله يعضُد الأنسان ويُساعدُه ليُقاومَ تجاربَ ابليس فلا ينغري بإغواءاتِه ، ولا ينخدع بإيحاءاتِه. ولكن هل يسمع الأنسان نصائح الله ؟.
فإذا كان الأنسان يتألم ويشقى فذلك بسبب أخطائِه لا بسبب حربِه من أجل الله. وإذا كان يدفعُ ثمنا باهظا فلأنه لا فقط لا يسمع كلام الله الذي يُريه طريق الحياة بل يسلك طريق الشهوات الذي يُزَّينُه له ابليس بوعودٍ وأحلام ٍمثيرة ومغرية، لكنها كاذبة خادعة.
فإذن لا يدفعُ الأنسان ثمن صراع بين الله والشيطان بل هو الشيطان الذي يدفعُ الثمن غاليا عن المحبة التي بين الله والأنسان، لاسيما عن النعمة العظيمة التي أفاضها الله على البشر بتأليه الناسوت الذي أخذه منهم إذ صار الكلمة الألهية أنسانا ليجعل الأنسان في مقام الله مُسَّلَطا حتى على ابليس وشياطينه. لقد غلبَ يسوعُ /الأنسانُ ابليسَ والعالمَ وأعطى البشر أيضا سُلطانا حتى على الشيطان.