أهلا وسهلا بالأخ برينا يونا
سأل الأخ برينا ما يلي : هل جسـد المسيح جسـدٌ سماوي ؟
ماذا حصل للجسـد بعـد القــيامة ؟
وهل المسيح صورة الله الحقيقي ، أو إنسان الله ؟
جســد المســيح !
لمَّا كان يسوع على الأرض كان يحيا في جسدٍ بشري أتخذه من جسد مريم العذراء كما نأخذُ كلنا أجسادَنا من أجسادِ أمهَّاتنا. وبالنسبة الى يسوع المسيح ظهر ناسوتُه في جسده البشري. ولما مات في ناسوته وجسده البشري تحَّولَ هذا الجسد، حال موته، الى السماوي لأنه لم يكن ممكنا أن يرى الفساد كما قال بطرس:” ولا تدعُ قدوسَك ينالُ منه الفساد”(أع2: 27، و32) أى يعود الى التراب، لأنه لم يتنجَّس بالخطيئة الأصلية. فالآن جسده سماويٌّ مُمَّجد. وهكذا سنكون نحن على مثاله. لقد أخذنا جسدنا من آدم فهو بشريٌ محض. وبعد الموت سننال أجسادًا روحية. هكذا يقول مار بولس:” وهذه حالنا في قيامةِ الأموات. يُدفن الجسم مائتا ويقوم خالدًا.. يُدفنُ بضعفٍ ويقوم بقوة. يدفن جسدًا بشريا ويقوم جسدا روحانيًا. ..الأنسانُ الأول من التراب فهو أرضيٌ. والأنسانُ الآخر من السماء.. ومثلما لبسنا صورة الأرضي كذلك نلبس صورة السماوي” (!كور15: 42-49).
جسد يسوع بعد القــيامة !
كما نوهنا أعلاه حال وفاة يسوع تحَّولَ جسدُه الى روحاني أى سماوي في حالة المجد. لم يبقَ الى ما بعد القيامة. لأنَّ الموت هو الحد الفاصل بين الأرضي والسماوي. وإن كان يسوع قد قال للص اليمين ” ستكون اليوم معي في الفردوس” (لو23: 43)، فلا يعني ذلك سوى أنَّ جسدَ يسوع يتمتع بالمجد، أى له جسدٌ روحاني سماوي في نفس اليوم الذي تمَّ فيه الصلب. لم يفسدْ جسده البشري في القبر. بل تحَّول جسدُه الى روحاني وكان في السماء حالا بعد الموت. لم ينتظر الجسد في القبر ليقوم فيتحوَّلَ الى ” جسد مُمَّجد”. بل تمَّجدَ حالا بعد الموت. وبذلك تمَّت القيامة الحَّـقة. قال يسوع بأنَّ ساعة صلبه وموته هي ساعة مجده (يو 13: 31-32؛ 17: 1).
المسيح صورة الله أم إنسانُ الله !
أن يكون المسيح “إنسانَ الله “، أى الذي عاش في علاقة محبة و وحدة حميمة مع الله، فلا شك في ذلك. لقد أعلن الله ذلك من السماء :” هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ “، مضيفًا ” له آسمعوا “(متى3: 17؛ 17: 5). هكذا حسبه الناس أيضا :” كان نبيا مقتدرا على العمل والقول عند الله والشعبِ كله” (لو24: 19). وإن تردَّدَ الرسل والتلاميذ في الأيمان بلاهوت يسوع حتى قبل القيامة لكنهم، لاسيما بعد حلول الروح القدس عليهم ، لم يشُّكوا البتة في أنه كان الله المتجَّسد ، وأنَّهم لما كانوا يرونه كانوا يرون الله دون أن يحسوا به. فهذا توما يسجَّل أول وأعظم شهادة بذلك “رَّبي والهي”(يو20: 28)، يليه بطرس في أول خطاب ألقاه على اليهود فدعاه “ربَّ داود” و” رَّبًا ومسيحًا “(أع2: 34-36).
وبجانب هذا لقد صرَّحَ المسيحُ نفسُه أنه والله واحد (يو10: 30)، و” من رآني رأى الآب”، و” أنّي في الآب وأنَّ الآبَ فيَّ” (يو14: 9-11). وعليه سيُفَّسرُ بولس هذا الكلام في رسالته الى العبرانيين قائلا :”هو بهاءُ مجدِ الله وصورةُ جوهره “(عب1: 3). ويكررُ القول لأهل كولسي :”هو صورةُ الله الذي لا يُرى” (كو1: 15) ، ويستفيضُ أكثر في شرحه لأهل فيلبي ويقول:” هو في صورةِ الله. وما آعتبرَ مساواتَه لله غنيمة ًله.. وآتخذَ صورة العبدِ فصارَ شبيهًا بالبشر، فظهرَ في صورةِ الأنسان “(في2: 6-7). الكلامُ واضحٌ وصريح أنَّ المسيح كان صورة لله ، رآه البشر في ناسوته وتعاملوا معه:” سمعوه، رأوه بعيونهم، تأملوه، لمسوه بأيديهم “(1يو1:1).
وإذ كان اللهُ روحًا لم يكن بآستطاعة الأنسان أن يراه، إلا بعد موته ومشاركة الله حياته الروحية. هكذا نبَّـهَ الله موسى الذي إشتهى أن يرى مجد الله وطلب منه ذلك على جبل سيناء:” أرني مجدَك”، فأجابه الرب :” أما وجهي فلا تقدر أن تراه، لأن الذي يراني لا يعيش”(خر33: 18-20). يجب أن ينال الأنسانُ جسدا روحانيا مُمَّجَدًا، مثل جسد يسوع، حتى يتمكن من رؤية الله ” وجهًا لوجه” (1كور13: 12). فالمسيحُ صورة الله الحقيقية لا في أعضاء جسمه البشري الأرضي ، بل صورة الله في جوهره ، أى في فكره وتعليمه و أخلاقِه وأعماله ، لأنه كان الله يحيا ويعمل فيه،” إنَّ الكلامَ الذي أقوله، لا أقوله من عندي. وهو أنَّ الآبَ الذي فيَّ يأتي بالأعمال “(يو14: 10)، ويُضيفُ :” إني لم أتكلم بشيء من عندي” (يو12: 49)، ولا ” أعملُ شيئًا من عندي .. ولم يتركني وحدي. لأني أعمل أبدًا ما يُرضيه “(يو8: 28- 29). كان الله حَّيًا في شخص يسوع المسيح على الأرض يتكلم ويعمل.