وصلَ سمعي تشَّكٍ من كِّـنَةٍ ضدَّ أهلِ زوجِها ، وتَـذَّمر ٍمن أهلِ الزوج على كنتِهم. وزبدةُ الكلام والسجال أنَّ كلَّ واحدٍ يدّعي حقوقًا يهدرُها الآخر، وكلُ واحدٍ يُطالبُ بآلتزام الثاني بواجبِهِ. لقد ضاعت الحقوقُ والقِـيَمُ ، أما الحقيقةُ فقد كادت أن تختفي ، لأنَّ الرأيَ الشخصي ساد والمنفعة الآنية طغت.
الخـلافات !
أمورٌ تحدُثُ في كل زمان ومكان. لسببين : جهل المؤمنين بمبادئِ إيمانِهم ؛ وإغـواءُ إبليسَ لهم بالمباديء الدنيوية. يُؤْسَفُ في كل الأحوال أنَّ من لهُ جوهرة الحقيقةِ يتيهُ في دروبِ الضلال. قد ترجحُ كَّـفةُ طرفٍ على الثاني في بعض التصّرفات. إنما يبقى هؤلاء مع ذلك مرضى يحتاجون الى العلاج. ومهما أخطأنا لا يريدُ اللهُ منا أن ندينَ ، نحن البشر، الواحدُ الآخرَ. ويدعونا الى التوبة ويرفُضُ إقصاءَنا عن الحياة (حز18: 23). ويُعطينا دومًا فرصَة جديدة لُنعيدَ النظر في سيرتنا ونتسالمَ ونُعطي نحنُ أيضا فرصة للآخرين ليحيوا.
عليه أعتقدُ أن ليس أبدًا نافلاً تذكيرُ المؤمنين بمباديء الزواج والعلاقة بعده بين الزوجين ، وبينهما وبين أهلهما. لأنه يَدَّعي كلُ واحد أنَّ اللهَ معه ويستشهدُ بمقولةٍ قد تكون من الكتاب المقدس ، أو قولا من حِكَم القدماء ينسبونها الى الكتاب ، والكتابُ بريءٌ منها. حربٌ بين أفرادِ أسرةٍ واحدة بآسم الأيمان والدين كما في الحرب الأيرانيةـالعراقية ، حيث كانت كل دولةٍ تقصفُ وتقتلُ وتلعنُ وتشفعها بآيةٍ دينية !
مباديءُ الزواج !
ليسَ الأولادَ مُلكًا للوالدين أو عامةِ الأهل ليتصرفوا معهم كمعَ كرةٍ يقذفونها كيفما شاؤوا و حيثما شاؤوا. إنهم أمانة بين أيديهم سّلمهم الله إياهم لا فقط ليهنأوا بهم ولكن أيضا ليُكَّونوا منهم رجالاً أو نساءًا أبناءَ لله يعرفون أن يتبعوا الخير ويتجنبوا الشر. يُرَّبونهم على الحَّق ِ والمحبة ويُدَّربونهم على إتخاذ قرارات صائبة تبني حياتهم وحياة المجتمع من حواليهم. و أهم قرار هو إختيارُ شريك الحياة الذي يُصبِحُ جزءًا منه، إذ يتركُ كلٌ منهما والديهِ ويصبحُ مع شريكهِ إنسانًا واحدًا. “ليسا إثنين بل جسد واحد” (متى19: 5)، يتقَّدسان معا (1كور7: 13-14). ومن يُحاولُ التفريق بينهما فهو مخالفٌ لمشيئة الله الذي قال :” ما وَّحدَه الله لا يُفَّرقُه الأنسان “(متى19: 6).
الرجلُ والمرأة متساويان (غل3: 28). يتزوجان للتكامل مع بعضهما ، فليست الكنة خادمة للتنظيف والطبخ والغسيل وطاعة الحموين ، لاسيما الحماة؟. للزوجين أن يقررا مصيرهما ،أما الأهل فلهما الرأيُ أو النصيحة فقط عند الحاجة دون فرضها عليهم. ولا مجال للمقارنة بين حب الوالدين والزوجة وتفضيل الواحد على الآخر. و قولٌ مثل ” رضى الله من رضى الوالدين ” قد يكون صحيحًا مع أولادٍ عاقين. أما إذا كان الوالدان خاطئين فليس صحيحًا أن يُرضيهما الأولادُ على حساب محبةِ الله وحفظِ شريعتِه. وقد قال الرب ” من أحبَّ أبًا أو أمًا أكثر مني فما يستحقني” (متى10: 37-38).
أوصى اللهُ الأولادَ بإكرام الوالدين في الرب لا حسب مباديء العالم (أف6: 1) فلمْ يُسَّلطهما عليهم في حياتِهم وسيرتهم. وليسَ صحيحًا أن يخطأ الأبناء إرضاءًا لوالديم بإهانةِ الله و مخالفةِ شريعتِه. وبعد الله يأتي حُّبُ الزوجين لبعضهما، ثم لذويهما. بالأحرى لا ينقسم الحبُ الحقيقي. لأنَّ من يُحبُ محبة صادقة خالية من منفعة يُحّبُ الله ويحبُ والديه ويُحبُ زوجه ، كلُ واحد كما ينبغي. يحب الله كخالق وديان ، والوالدين كحلقةِ إيصال حياة الله الى الأبناء، والزوج كشريك تكتمل معه الحياة على سُّنةِ الله. كما أوصى الله الوالدين بالآولاد وبتربيتهم حسب شريعة الله (أف6: 4؛ كو3: 20-21). فليس صحيحا أن يُحبَ واحدٌ أمَه ويُبغضَ زوجته أو بالعكس؟. وليس صحيحا أيضا أن تداريَ الكنةُ أولادَها وترفضُ مداراة حمويها عن كره. ليس صحيحا أنْ يُحَّرضَ الرجلَ مثلا أهلُهُ ضدَ زوجتِه أو تُحَّرضَ الكنةُ زوجَها ضدَّ أهلهِ و تمنعَه عنهم. قال الكتاب:” يكذبُ من يقولُ أنه يُحبُ الله الذي لا يراه ويكره أخاه الذي يراهُ” (1يو4: 20). ويكذبُ من يقولُ : إني أحب أهل زوجي ولكنه مقاطعُهم ويرفضُ التعاملَ معهم.
والحقــوق ؟
يجبَ أن نفهمَ بأنَّ الرجلَ وآمرأتَه ليسا شخصين بل إنسانٌ واحد بارادةِ الله. ولهما الحَّقُ بل الواجبُ أن يستقلا بحياتهما :” يترك الرجل أباه وأمه ويصحبُ إمرأته ويصيران جسدا واحدا” (تك2: 24؛ متى19: 5؛ 1كور6: 16؛ أف5: 31). ولا يحُّق للأهل أن يتدخلوا في حياتهما وفرض آرائهم عليهما. لو أخطأوا لا سمح الله يحق للوالدين ويجب أن ينصحاهما لا أن يُلزماهما.
كما يجب أن نفهمَ أنَّ للوالدين حَّقٌ بأن يداريَهما أولادُهما خاصّة في شيخوختِهما وألا يُهملا مساعدتهما ليهنأءا نهاية حياتهما. إنَّ الألتزام تجاه الوالدين بالعدل والرحمة والوفاء واجبٌ لا منية (متى23:23؛ لو11: 42). ليفكرا في نهايةِ حياتهما مستقبلا. لأنَّ ما يزرعُه الوالدان إيّاه يحصدان. وبالكيل الذي يكيلان للوالدين سيُكالُ لهما.
كما يجب ألا يغيبَ عن بالِنا أنَّ عذابَ كل من يُخَّبثُ ويُفَّرقُ بين زوجين عسيرٌ، لأنه يُخالفُ وصية الله. بينما من يُحاولُ أنْ يُحّبَ الجميع ويحترمَهم فذاك إنسانٌ يهنأ بالسلام والراحة.
وإذا لم يتَّـفـقــوا ؟
وإذا عاندَ طرفٌ وأصَّر بمعاداةِ الطرف الثاني يمكنُ أولا إشعارُه بسوء موقفهِ هذا ونصحُه بتغييره ؛ وإذا رفضَ النصيحة يمكن طلب تدَّخل أشخاص لهم قرابة أو منصبٌ يُساعد على حَّل المشاكل ؛ وإذا رفضَ يمكن طلب عون الكنيسة ؛ وإذا لم تنفعْ معه كل المحاولات بآسم المسيح عندئذ أشارالرب” ليكن لك مثل الوثني والعشار” (متى 18: 17). الغفران ضروريٌ في كل الأحوال ومن كل القلب. أما إذا كانت العلاقات الأجتماعية معهم لا فقط لا تبني بل و تسيءُ فتخلقُ مشاكل للزوجين أو للوالدين فمن الأفضل أن يعيشَ كل واحد بهدوء منعزلاً في بيتِه طالبًا من الرب أن يُنوّرَه ويقيَه شَّر فخاخ ابليس ، ويُسَّلمَ الآخر الى عنايةِ الله الأبوية. لأنَّ العزلة لا تعني الكره أو عدم المساعدة.
يقول مار بولس عن زوجين يستحيلُ العيش المشترك بينهما بسبب آختلاف الدين أن ينفصلا مبررا رأيه بـ ” لأنَّ اللهَ دعاكم أن تعيشوا بسلام “(1كور7: 15). فإذا كان هذا الحلُ ممكنا بين زوجين فكم بالحري يكون أيضا صحيحا بين أولاد متزوجين وذويهم لأنهم ليسوا مرتبطين معهم كما هم مرتبطون مع الزوج ! لقد بنى مار بولس تعليمه على مباديء يسوع في الحياة والمصالحة وحفظ كلام الله.