أهلا وسهلا بالأخ فادي ثائر النجّـار.
سأل الأخ فادي : ما هو مفهوم الحظ عند المسيحي ؟ هل الحظ موجودٌ فـعلاً ؟
طوبى لكم إذا عملتم مثلي ! يو 13: 17
إستعملَ يسوع كثيرا كلمة ” الطوبى” وهي تعني”هنيئا “. ونحن نستعملُ ” هنيئا لكَ ” أى أنتَ محظوظ حتى أنت وحدَك نلتَ ما صبا اليه غيرك ولم ينله. هذا ما أكده يسوع لتلاميذه أنهم محظوظون لكونهم يعيشون في الزمن الذي جاء فيه المخلص المنتظر وأنهم رأوا فيه وسمعوا منه ما إشتهاه ملوك وأنبياء ولم يكن لهم حظٌ أن ينالوا مشتهاهم (لو10: 23-24). قلة نادرة من الآباء القديسين تحققت رغبتهم في رؤية المسيح : ابراهيم (يو8: 56) وسمعان الشيخ(لو2: 30). وآعترفَ الرسلُ بأنهم محظوظون بمشاهدة ومعايشة المخلص الألهي لأن ذلك نعمة عظيمة(أف1: 6) لم ينل شرف الحصول عليها مليارات البشر، ولن ينالونها لأنها لن تتكرر . من هذا القبيل إختيار مريم العذراء ليولد منها المسيح. حدثٌ لن يتكرر، ونعمة ما بعدّها نعمة. ولهذه إعترفت مريم نفسُها أنها محظوظة رغم ضِعتِها فقالت :” ستُطَّوبني جميع الأجيال لأنَّ القدير صنعَ بي فضلا عظيما “(لو1: 48).
أصغر من في الملكوت أكبر من يوحنا ! متى 11:11
وقد أعطى يسوع الطوبى ايضا لمن ” لايشُّكُ فيه “(متى11: 6). أى ليس الحظُ في آقتناء مال أو منصب أو صحّةٍ أو نجاح. بل هو في العلاقة بالله وبالتفاعل مع مخططه للكون ودعوته لكل فرد. فالطوبى لمريم ولأبراهيم ولبطرس ولأمثالهم لأنهم آمنوا بالله ولم يشُّكوا في كلامِه (لو1: 45؛ متى 16: 17) وتجاوبوا مع مشيئتِه وتخطيطه (لو11: 28). وهذا ينطبقُ على كل انسان. هذا ما يؤكده الرب :” طوبى للذين يؤمنون دون أن يروا “(يو20: 29). فالأصغاء الى الله وحفظ كلامه وآتباع الدعوة التي يوَّجهها اليه أعظم نعمةٍ و سيتهَّنأُ بها صاحبُها. أما من لا يتجاوب معها ويخسرها فلا يلومُ إلا نفسَه. ومن هذا القبيل وصفَ يسوعُ يهوذا الأسخريوطي بآبن الهلاك لأنه تبع شهوته ولم يؤمن ولا تفاعلَ مع النعمة التي أعطيت له (يو17: 12). فنقدر أن نقول الحظ يكون لمن يعرف أن يتجاوبَ مع دعوة الله له.
والنتيجة إنَّ الأنسان هو يجلبُ لنفسِه الحظ السعيد الحقيقي. فإبراهيم حظي على رضى الله وآهتمامه لأنه لم يطلب النسل بقدر ما بحث عن الله وصمَّم أن يسمع كلامه. ومريم تنازلت حتى عن حقها الطبيعي لتكرسَ قلبها وحياتَها لله فنالت رضاه ونعمته حتى إقتنته كله وصار جزءًا منها. وبطرس تاقَ جدا الى المسيح ولم يكد يسمع بحضوره حتى أسرع للقائه. فنفوسٌ بارة مثل هذه وقلوبٌ نقية وبريئة بهذا الشكل لابد وأن تجد مقاما مرموقًاعند الله ، نسَّميه نحن ” حظًّـا ” بينما يراهُ الله حَّقًـا.